جدد مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة طاهر السني في كلمته أمام مجلس الأمن المطالبة بمراجعة وتعديل نظام الجزاءات الذي مر عليه أكثر من اثنتي عشر عاماً، وذلك من أجل السماح لليبيا بإدارة أصولها المجمدة وليس رفع التجميد عنها، وذلك منعاً لتأكلها وخسارتها، هذه الخسائر تم اثباتها من خلال تقارير لمؤسسات دولية محايدة.
إلى نص الكلمة:
نص كلمة السفير طاهر محمد السني، مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أمام مجلس الأمن خلال جلسته اليوم المخصصة للنظر في البند المعنون "الحالة في ليبيا"
السيدة الرئيس
أهنئكم على ترأس مجلس الأمن لهذا الشهر وأتقدم لكم ولوفد مالطا بجزيل الشكر على تنظيم هذه الجلسة، كما لايفوتني كذلك أن أرحب بالأعضاء الجدد الذين انضموا إلى هذا المجلس ـ موزنبيق ، اليابان، اكوادور، وسويسرا، متمنياً لهم كل التوفيق.
كما أشكر السيد باتيلي على احاطته المهمة والتي تابعناها باهتمام، كما نرحب بجهوده منذ توليه مهامه وعقده لعدة لقاءات داخل ليبيا وخارجها من أجل الاستماع إلى القوى السياسية والأطراف الفاعلة المختلفة ، وذلك من أجل الدفع بالعملية السياسية وانهاء الجمود الحالي.
السيدات والسادة
يصادف هذه الأيام مرور اثنى عشر عاماً منذ أن أصدرَ مجلسكم قراره بوضع ليبيا تحت الفصل السابع ، ورغم أن الشعار حينها كان لحماية المدنيين، ها نحن اليوم لازلنا نعاني تابعات التدخلات السلبية من بعض الدول وانحرافها عن هذا الشعار ، مستغلين بذلك حلم الليبيين في التغيير حتى وصلنا الى ما نحن عليه اليوم ، ولازلنا وللأسف حتى اللحظة نتحدث عن القرارات والمبادرات والمقترحات وسُبل الخروج من الأزمة …
مقدمتي هذه كانت ضرورية فقط للتذكير وحتى يتحمل الجميع مسؤلياته وألا ينصب اللوم فقط على الليبيين
ورغم ذلك نحاول اليوم النظر بشيئ من الايجابية والتفاؤل للمحاولات الجارية لايجاد وفاق محلي ودولي ، فقد شاهدنا تقارب في وجهات النظر بين عديد الأطراف التي كانت بالأمس القريب متناقضة ، كما تابعنا خروج عدة مبادرات ومقترحات تنتهي جميعاً الى نفس الهدف… وهو استكمال المسار الديمقراطي واجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن. لذلك نطالبكم اليوم بدعم الارادة الوطنية والاستجابة لدعوة ملايين الليبيين الذين سئموا الوضع الحالي ويتطلعون الى انهاء الصراع الانقسام والفوضى ، ويسعون للوصول الى حالة من الأمان والاستقرار…واؤكد لكم أن الشعب الليبي رغم فقدانه الثقة في المجتمع الدولي عبر السنوات ، لكنه يتابع عن كثب هذه الجلسة ويترقب ما قد يخرج عنه من قرارات
السيدات والسادة
إننا نؤكد مجدداً أهمية توجيه كل الجهود والمبادرات نحو اتمام التوافق الوطني حول قاعدة دستورية عادلة ونزيهة، وقوانين انتخابية غير اقصائية وبضوابط تعطي فرصة المشاركة للجميع ، ويحدد فيها جدول زمني واضح ، وتُهيئ الظروف لانتخابات رئاسية وبرلمانية ، وليكن الشعب الليبي هو الفيصل ، حتى ننهي كافة المراحل الانتقالية ولا نكرر مجدداً أخطاء الماضي…
لذا وجب علينا أن نُذكر السيد الأمين العام والسيد باتيلي وفريقه ومجلس الأمن عند تقديمهم حلول للوساطة ، أن يتدارسوا جيداً التجارب السابقة التي قادتها الأمم المتحدة في بلادي منذ سنوات وأن يستفيدوا منها …لأن الوضع لم يعد يتحمل خرائط طرق ومسارات ومراحل انتقالية جديدة ، (كفانا اتفاق الصخيرات واتفق جنيف) ، وعند تقديمكم لأي آليات جديدة يجب أن تكون مركزة فقط على النقاط الخلافية وجدول زمني محدد لاستكمال المسار الدستوري والانتخابي المتعثر حالياً لانجاز الانتخابات الرئاسية والبرلمانية نهاية هذا العام ….ببساطة… لا تقعوا في نفس الأخطاء ثم تتوقعوا نتائج مختلفة ….فلن يتم معالجة الداء بنفس الدواء الذي اثبت فشله مراراً
السيدات والسادة
إننا نعيد التأكيد على أهمية مُلكية الليبيين وقيادتهم لأي عملية سياسية ، عملية من شأنها أن تقود البلاد إلى الاستقرار وفرض سيادة الدولة ، بعيداً عن أي املاءات أو تدخلات خارجية. لذا ندعوكم لدعم الجهود الوطنية الصادقة والتي تسعى هذه الفترة لعلاج التحديات لانتاج حل وطني ليبي شامل ، وانهاء كافة المراحل الانتقالية الهشة.
وفي هذا الاطار نؤكد مجدداً أن المجلسَ الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية يؤكدان على تسخير كل الامكانات ومن خلال مؤسسات الدولة واللجان المختلفة ، وبالتنسيق مع أجهزة الأمم المتحدة والمفوضية العليا للانتخابات، لدعم العملية الانتخابية وانجاز هذا الاستحقاق الوطني
وهنا نكرر طلبنا للأمم المتحدة المساهمة والمساعدة بجدية وبفاعلية أكثر ومن الآن لدعم العملية الانتخابية ، وارسال فرقها الخاصة بتقييم الاحتياجات والتنسيق مع الحكومة والمفوضية العليا للانتخابات ، من أجل الترتيب للاستحقاقات القادمة بوقتٍ كافٍ ، لتكون هذه رسالة واضحة للجميع عن جدية المجتمع الدولي في انجاز انتخابات حرة وشفافة ونزيهة يتطلع إليها الجميع دون التشكيك فيها أو في نتائجها.
السيدات والسادة
وبالحديث عن المُلكية والقيادة الليبية والسيادة الوطنية ، يقودنا هذا الى المسار العسكري ، حيث نشيد مجدداً بالجهود المتواصلة للجنة العسكرية المشتركة والتي نأت بنفسها عن جدل
السياسة ، لذا ندعوكم لدعم جهودها التي تهدف للبدء في توحيد المؤسسة العسكرية بشكلٍ مهني وفاعل ، وايجاد الآليات الممكنة لانهاء كافة أنواع التواجد الأجنبي على الأراضي الليبية مهما كانت المسميات ، وهذا هو المطلب السيادي الذي يدعو له كل الليبيين ، والذي بدونه ستظل الإرادة الوطنية مسلوبة ورهينة للآخرين. وهنا نُذكر بأهمية دعم الجهود لرسم استراتيجية شاملة وبخطة زمنية محددة لانخراط واندماج جميع القوى الفاعلة على الأرض في كافة انحاء البلاد ، من أجل بناء المؤسسات الأمنية والعسكرية بشكلٍ مهني ، مؤسسات غير مُسَيسة تتمتع بعقيدة وطنية مؤمنة بمدنية الدولة وسيادة القانون.
السيدات والسادة
أما بخصوص ملف العقوبات ، نود التذكير مجدداً بطلباتنا المتكررة لهذا المجلس والتي حظيت بتأييد عدد من أعضائه في أكثر من مناسبة ، بضرورة مراجعة وتعديل نظام الجزاءات الذي مر عليه أكثر من اثنتي عشر عاماً، وذلك من أجل السماح لليبيا بإدارة أصولها المجمدة وليس رفع التجميد عنها ، وذلك منعاً لتأكلها وخسارتها ، هذه الخسائر تم اثباتها من خلال تقارير لمؤسسات دولية محايدة.
كما نطالب بموقف حازم وصارم من هذا المجلس ضد أي محاولة للمساس بالأصول والأموال الليبية المجمدة الخاصة بالمؤسسة الليبية للاستثمار ، مهما كانت الحجج والمبررات ، لأن محاولات وضع اليد على ثروات الليبيين لازالت مستمرة ولكننا لن نسمح بذلك. وفي نفس السياق نطالب كذلك بالاستجابة لطلبنا برفع أسماء مواطنين مُدرجين حالياً على قائمة العقوبات ، سواء لدواعي انسانية أو لانتفاء سبب وضعهم على القائمة بالأساس بعد كل هذه السنوات. وهو طلب قد يثبت دعم المجتمع الدولي لجهود المصالحة الوطنية وإعادة بناء الثقة بين الليبيين.
السيدات والسادة
إن ليبيا ليست بمعزل عن الأحداث التي تجري حول العالم ، كما نتفهم مشاغل جيراننا ومحيطنا الاقليمي ، لذا ندعوكم للعمل معنا يد بيد من أجل استقرار ليبيا ، ونؤكد على أن ليبيا ورغم كل الظروف ماضية في طريق استعادة دورها الفاعل على المستوى الإقليمي والدولي ، من أجل تعزيز التعاون والتضامن المشترك ، على أساس الندية واحترام سيادة ليبيا ووحدة أراضيها ، لذا نـتطلع مـن جـديـد لـدورٍ ايـجابـي وأكـثر فـاعـلية مـن هـذا المجـلس للــعمل وتصحيح أخطاء الماضي ، وعدم التستر عــــلى المــــعرقــــلين ، أفــــراداً كــــانــــوا أو كــــيانــــات أو حتى دول ، والـذيـن لازال مـنهم مـن يـسعى لإجـهاض الـعملية الـسياسـية وإدخـال لـيبيا فـي فـوضـى مـن جـديـد ، لـخوفهم مـن ضـياع نـفوذهـم أو أن يـنتزع الـشعب سـلطتَهم من خلال المسار الديمقراطي الحر المباشر
ختاماً، ندعوكم للمساهمة الفاعلة لدعم كل الجهود لانجاز مشروع المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية ، مساران متلازمان وأساسيين فُقدا للأسف خلال السنوات الماضية ، مع أنهما القاعدة الرئيسية لانجاح أي حل سياسي يؤدي لاستقرار البلاد ، وهنا نشكر الاتحاد الأفريقي لدعمهم للمجلس الرئاسي في هذا الملف . فلقد بدأنا نشاهد خطوات مشجعة هذه الفترة ، حيث تابعنا انطلاق أعمال ملتقى اللجنة التحضيرية للمصالحة الوطنية في العاصمة طرابلس ، والتي ضمت كافة التوجهات والانتماءات السياسية ، ورغم التحديات المصاحبة لهذا المسار ، فقد حان الوقت لبناء جسور الثقة والكف عن اجترار جروح الماضي ، و النظر الى الأمام لانهاء الجدل حول السلبيات ، مع ضرورة ارساء مبدأ العدالة الانتقالية والمصارحة والاعتذار والتسامح وجبر الضرر ، والكشف عن مصير المفقودين ، وعودة جميع المهجرين والنازحين ، والعمل معاً يد بيد من أجل العبور بالبلاد إلى بر الأمان ، والانتقال من الفوضى والصراع إلى الاستقرار والسلام ، حان الوقت لبدء مرحلة التنمية والإعمار وإنهاء كل مظاهر الهدم والدمار.