يتجمع حوالي نصف مليون لاجئ في ليبيا، يحاولون العبور إلى أوروبا على متن قوارب الموت التي خلفت آلاف الضحايا قبلهم. وقد تم الكشف عن هذا الرقم من قبل عدد من كبار ضباط البحرية الملكية البريطانية، الذين يشاركون في مهمات الإنقاذ في عرض البحر الأبيض المتوسط،  قبالة السواحل الليبية. لقد تمكنت السفينة الحربية البريطانية (HMS) من إنقاذ ما يقرب من أربعة آلاف لاجئ كانوا على وشك الغرق على متن قوارب غير صالحة للإبحار.
ويُذكر أن السفينة مجهزة بطاقم قوامه 350 بحارا وقوات مشاة البحرية الملكية، وهي الآن مستعدة لإنقاذ ثلاثة آلاف شخص يُحتمل أن تتعرض قواربهم لمشاكل أثناء الرحلة. وقال الكابتن نيك كوك-بريست: "هناك مؤشرات بوجود ما بين 450 ألف إلى 500 ألف مهاجرا في ليبيا ينتظرون على الحدود."
وكانت لحظتها البحرية البريطانية قد توصلت بتقارير استخباراتية تحذر طاقم السفينة، وهي واحدة من 11 سفينة إنقاذ في عرض البحر الأبيض المتوسط، من ركوب آلاف المهاجرين البحر. وتعمل بريطانيا إلى جانب البحرية الإيطالية لإنقاذ المهاجرين الذين وقعوا ضحية عصابات تهريب البشر في ليبيا.
ويُعتقد أنه تم تلقين الركاب على متن القوارب المكتظة بأن يقفزوا في البحر بمجرد رؤية سفينة إنقاذ، علما أن الكثير منهم لا يستطيعون السباحة. قال العميد مارتن كونيل، وهو ضابط كبير في البحرية الملكية البريطانية وقائد عملية ويلد: "إنها أسوأ حالة يمكن مواجهتها. إنها تجارة قذرة ...فمعظم هذه القوارب لن تستطيع إكمال الرحلة. فقط لو أستطيع القبض على هذه العصابات. ليس لديهم أي اعتبار لحياة البشر".
وكان وزير الدفاع، مايكل فالون، قد تفقد مكان تواجد السفينة الحربية، من على طائرة هليكوبتر، تُستخدم لتمشيط المنطقة في عمليات البحث عن قوارب في حاجة للمساعدة. وقد حث الوزير بقية الدول الأوروبية على المساهمة في تقديم الدعم كما تفعل إيطاليا وبريطانيا.
وردا على سؤال بخصوص رقم النصف مليون مهاجر المتربصين بفرصة رحلة العبور على متن قوارب الموت من ليبيا، قال للصحفيين: "حسنا، كما علمتم اليوم، كان هناك ثلاثة ألاف مهاجر حاولوا العبور في يوم واحد، ويمكن أن نتوقع مئات الآلاف يحاولون العبور هذا الصيف. لدينا جميعا مصلحة في التصدي لهذا الأمر إلى أبعد حد. القضية لها ارتباط بالفقر والصراع الدامي في غرب وشرق إفريقيا".
وأضاف أن هناك حاجة ماسة إلى مزيد من العمل للقضاء على عصابات المهربين، الذين يقفون وراء هذه الرحلات المميتة.
"يمكننا تجميع معلومات استخبارية، تعقب العصابات، ومحاولة قطع سبل تمويلها. يجني هؤلاء المال من بؤس الآخرين ونحن بإمكاننا أن نفعل أكثر عند العثور على هذه الأموال".
"لقد تدخلت البحرية الملكية فورا بعد كلمة ديفيد كاميرون في القمة الطارئة الأخيرة، ولذلك نحن نؤدي مهمتنا، بواسطة السفينة الحربية وطائرات الهليكوبتر، وقد عبرنا بوضوح عن رغبتنا في مشاركة المزيد من البلدان الأوروبية".
خلال هذه السنة، حتى الآن، تمكن 76 ألف مهاجر من عبور 260 ميلا التي تفصل ليبيا عن أوروبا، 40 ألف منهم بقوا في الديار الإيطالية.
السبت الماضي، تدخلت السفينة البريطانية وأرسلت طائرة هليكوبتر للتحقق من تقارير حول آلاف المهاجرين يحتاجون إلى المساعدة.
هذا ومن المتوقع أن يدخل كاميرون في صدام مع أنجيلا ميركل في قمة (G7) بخصوص خطتها الداعية إلى توزيع المهاجرين، القادمين عن طريق البحر المتوسط من شمال إفريقيا، بين دول الاتحاد الأوروبي، إذ بدا رئيس الوزراء البريطاني مصرا على أن مثل هذه التدابير ستؤدي إلى تشجيع نشاط المهربين فقط.
وقالت المستشارة الألمانية أن إيجاد طريقة لحل أزمة الهجرة ستكون من أولويات المحادثات التي ستقام في بافاريا على مدى يومين ابتداء من الأحد المقبل. وكانت قد دعت في السابق إلى ضرورة إحداث قانون أوروبي جديد يتم بموجبه توزيع طلبات اللجوء بين دول الاتحاد، بناء على عدد سكانها وضعها الاقتصادي، ومن المرتقب أن تواصل ميركل دعوتها هذه في الاجتماعات المقبلة.
لكن سلطات لندن تصر على معاكسة هذه الخطة بدعوى أنها تقارب فقط الأعراض وليس الأسباب الحقيقية لهذه الكارثة الإنسانية. وقال مسؤول حكومي بريطاني: "عندما يري المهربون أن المهاجرين يأخذون طريقهم للاستقرار في أوروبا، سيكون ذلك بمثابة حافز لهم".
كجزء من برنامجه للتصدي للفساد، قال مسؤولون إن كاميرون سيركز على إثارة موضوع تفكيك شبكات الاتجار بالبشر، وذلك بالرغم من أن السلطات الليبية عبرت عن رفضها خطة نشر قوة عسكرية أوروبية لتدمير قوارب المهربين في البحر الأبيض المتوسط.