بعدما عملت جاهدة من أجل التدخل العسكري في ليبيا عام 2011، لم تكلف كلينتون نفسها عناء الدعوة إلى مساعدة البلاد على الاستقرار بعد الإطاحة بالقذافي.
إن كلينتون تتحمل مسؤولية كبيرة عن كارثة ليبيا الحالية، لكنها ترفض أن تتحمل مسؤولية المشاكل النابعة من السياسات التي كانت تدافع عنها ذات يوم.

ولا يظهر نفاق هيلاري كلينتون في سياساتها بشكل واضح كما يظهر في المسألة الليبية. وإذا كان معارضوها السياسيون ركزوا على فضيحة بنغازي كما لو أنها كعب أخيل وزيرة الخارجية السابقة المرشحة حاليا لمنصب الرئيس ، فإن الحقيقة هي أن القرارات التي اتخذتها بشأن الكذب حول بنغازي، كانت قرارات الرئيس ووافقت عليها هي.

ولكن في ما يتعلق بالسؤال الأكبر حول مصير ليبيا، فإن كلينتون تتحمل مسؤولية أكبر بكثير. والكارثة التي تقبع فيها ليبيا الآن، مع ما صاحب ذلك من فقدان السيطرة على الحدود والتدفق الهائل للاجئين من شمال أفريقيا، تقع مسؤوليتها - على الأقل جزئيا - على كتف كلينتون.
لنتمعن في ذلك بعناية: وزيرة الخارجية السابقة، وعلى عكس أوباما، تتمتع بخصائص بعض "الصقور".
كانت هي - جنبا إلى جنب مع وزير الدفاع ومدير وكالة الاستخبارات المركزية - من أوصى بتسليح المتمردين السوريين. وكانت هي من دعا للعمل العسكري في ليبيا.

وإليكم ما قالته كلينتون بشأن المسألة الليبية:

"نحن في الولايات المتحدة وشركاؤنا الدوليون فخورون جدا بمساهماتنا. عندما هدّد القذافي بنغازي، شكّلنا تحالفا غير مسبوق ضم حلف شمال الأطلسي والدول العربية، وتصرفنا بسرعة لمنع مذبحة. سعينا وكسبنا الدعم المحلي والإقليمي والدولي، بما في ذلك دعم الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية. وبعد نشر قدراتنا العسكرية الفريدة منذ البداية، لعبت الولايات المتحدة دورا رئيسيا في جهد مشترك حقيقي. ومع مرور الوقت، بات تحالفنا أقوى".

نعم. ولكن ماذا حدث بعد ذلك ؟ هل بادرت وزارة الخارجية إلى التدخل لتحقيق الاستقرار في ليبيا عندما بدأ الإرهابيون تولي الأمور؟ هل دعمت وزارة الخارجية الحكومة الليبية التي كانت كلينتون فخورة بها ؟ هل منعت وزارة الخارجية تنامي مشكلة الإرهاب والتي كانت قضية بنغازي جزء صغيرا منها فقط؟ الجواب : طبعا لا!
أن ندافع عن الحرية ، شيء. وشيء آخر، كما تعلمنا من العراق، أن نَكِدّ من أجل تحقيق الاستقرار في البلاد بعد رحيل دكتاتور طال أمده فيها.

في الواقع، يمكننا على الأقل أن نعطي مصداقية أكبر لإدارة الرئيس جورج دبليو بوش في محاولتها تحقيق الاستقرار في عراق ما بعد صدام. لكن ماذا يمكن لكلينتون أن تشير إليه من جهود خاصة بها لدعم ليبيا؟
 هذا هو بالضبط ما أخفق في متابعته وبشكل ذريع كل من كلينتون وخليفتها، جون كيري. كلاهما ادّعيا انهما استخلصا الدروس من العراق، وخاصة كلينتون، التي شجبها بشدة خصمها السابق باراك أوباما بسبب تصويتها لصالح الحرب على العراق.

باختصار، ستسعى كلينتون لطمأنة الناخبين الأمريكيين بأنها صارمة بما فيه الكفاية لتكون رئيسة، بل وأكثر صرامة من شاغل الوظيفة الذي عملت يوما تحت إمرته.
ولكن الحقيقة هي ان كلينتون تبقى صاحبة الدعوة السهلة وغير المحسوبة للحرب على ليبيا - لمعارضة ديكتاتور فاسد . ولكن عندما جاء وقت العمل الحقيقي ، الصمود وتحقيق الاستقرار في البلاد، اختفت ولم نعثر لها على أثر.