تناول المدون الليبي وائل إدريس، حادثة استشهاد الزعيم الليبي الراجل معمر القذافي، وسر بقاءه في ليبيا حتى النهاية، مستشهدا بما أورده المؤرخ الإيطالي "أنجيلو ديل بوكا"، الذي كشف مبكرا خلال أحداث فبراير 2011 أن القذافي لن يستسلم وسيقاوم حتى النهاية.
وقال إدريس، في تدوينة نشرها على حسابه الخاص بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" "عندما سُئِل المؤرخ الإيطالي الأهم في تاريخ الاستعمار الايطالي وأستاذ التاريخ الحديث في جامعة تورينو "أنجيلو ديل بوكا" في مايو 2011 عن القذافي إذا سيستسلم أم سيحاول المقاومة؟
أجاب : بأن الصراع سوف يستمر طالما أن القذافي لا يزال يحمل السلاح. حتى الآن ، البيانات الخاصة بتدمير الترسانات التي قدمها الناتو مشوشة . في البداية كان هناك حديث عن تدمير 30٪ من قوة السلاح ، لكن هذه النسبة ارتفعت مؤخرًا إلى 80٪. في رأيي ، لقد دمر الناتو حتى الآن ما يزيد قليلاً عن 30٪ من الأسلحة.
سيستمر القذافي حتى النهاية ، ولن يستسلم ، وهو يفضل الموت ولن يهرب بالتأكيد. أولئك الذين يعتقدون أنه مختبئ أو هرب يثبتون أنهم لا يعرفونه. إنه شخصية نسج أسطورته لأكثر من 42 عامًا ولا أعتقد أنه سيدمرها الآن."
وشهدت التدوينة تفاعلاً وتحليلاً من عدد كبير من القراء والكتاب والمدونين، ومن بينهم شارك القيادي الليبي السابق، وآخر متحدث باسم "القذافي" موسى إبراهيم، الذي قدم قراءة تطرق فيها إلى ما وصفه باختيار القذافي للموت لأسباب وأبعاد روحية، وتاريخية، ومَجْدَوِيّة، حيث قال في تعليق مطول: "نعم يا وائل، لا شك أن هناك أبعاداً روحية، وتاريخية، ومَجْدَوِيّة، في اختيار معمر القذافي للموت بعد سقوط العاصمة، ثم اختياره أن يكون موته في قارة جهنم أو وادي جارف جنوبي مدينة سرت.
ولكن هناك سبباً براجماتياً عملياً لم ينتبه إليه الكثيرون، ولكننا نحن من عرفه عن كثب، وتحاور معه، أو أحاط به في عامه الأخير، كنا نقولها سراً وجهراً لبعضنا البعض:
لقد اختار معمر أن يقاتل إلى النهاية لأنه كان يعرف أن موته هو العلامة الفارقة التي ستحافظ على القضية الوطنية، وتصونها من النسيان، ومن أن تصير باهتة وشاحبة مع مرور الزمن.
لقد أراد الرجل أن يكون موته حدثاً يؤرخ للمسألة الوطنية، ويذكّر الليبيين، وكل الأحرار حول العالم، بأن الكفاح ضد الظلم العالمي وضد أدواته المحلية يجب أن يستمر.
إن الأمم العظيمة تسترشد بمصائر قادتها التاريخيين وتستلهم موتهم تماماً كما تستلهم حياتهم وأفكارهم وأفعالهم.
تماماً مثلما هو قطع رأس الحسين، أو صلب الحلاج، أو اغتيال مارتن لوثر كينج، أو تذويب جسد لومومبا بالسوائل الأسيدية تظل جميعاً إشارات خالدة في مسيرة الجهاد الإنساني.
لهذا السبب أيضاً كان الرجل أيضاً مصراً على أن يموت في أصغر ثلة من رفاقه، وقد أمر الكثيرين بالمغادرة في مهام متنوعة وأصر على صمود بعضنا بعيداً عنه في جبهة بني وليد (حيث كنا نحاول ان نبث إذاعة مسموعة وأخرى فضائية بديلة)، وقبل ذلك في جبهة سبها الجنوبية.
أما سرت بالذات فهي إضافةً إلى روحانيتها الخاصة بالنسبة لمعمر، فقد كانت ميدان القرضابية الأولى سنة 1915، المعركة الأكبر في تاريخ الجهاد الليبي ضد الغزاة، ومنارة الوحدة الوطنية، فأراد الرجل أن يشير بدمه هو قبل كلماته إلى ضرورة إقامة "القرضابية الثانية".
حتى عندما زارنا المعتصم بالله القذافي، تحت القصف الناتوي، في بني وليد وطلبنا منه أن نتوجه معه إلى سرت حيث إمامنا يقاتل، قال: "النصر كانه جي واحد، والموت كانهي جت وحدة" (أبوه، على عادة البدو، كان يحب تأنيث الموت).
فبقينا نقاتل في بني وليد حتى سقوطها قبل سرت بثلاثة أيام فقط.
لهذا، يجب أن يصير موت معمر هو العلامة الكبرى للقيامة الوطنية ثم الأممية الآتية ولو بعد حين."