في حوار خاطف تحدثت البوابة الى نائب الامين العام لحركة النهضة ورئيس كتلتها بمجلس النواب نورالدين البحيري عن استقالة الجبالي وتداعياتها على الحركة وعن مشاركتها في الحكومة القادمة
وفيما يلي تفاصيل الحوار:

س* كيف تقبلتم استقالة الجبالي من الحركة ؟

استقالة حمادي الجبالي كانت مفاجأة بالنسبة لنا وهي خسارة للحركة وللبلاد ومؤسسات الحركة بصدد دراسة الموضوع حيث يجتمع المكتب التنفيذي يوميا للنظر في مسائل عديدة ومنها مسالة الاستقالة التي لم يتبلور فيها راي بعد ونحن حريصين على ان لا تتم

س* ماذا عن تداعيات هذه الاستقالة على الحركة وهل هو مؤشر نحو المزيد من الانقسامات مستقبلا؟

لا...في الحقيقة الحركات الكبرى التي تحكمها مؤسسات ولها تقاليد في ادارة وجهات النظر والتي مرت بالكثير من الصعوبات وواجهت صعوبات كثيرة في تاريخها تكتسب تقاليدا تجعلها محصنة من مثل هذه النزاعات وحركتنا تبقى دائما موحدة حول مؤسساتها وخياراتها الجماعية
واذا كان هناك مدعاة لإصلاح بعض النقائص فذلك لا يكون الا من داخلها وبخيار جماعي.

س* هل تلقيتم عروضا للمشاركة في الحكومة القادمة ام ان النهضة ستختار المعارضة ؟

بالنسبة للحكومة القادمة فانه دستوريا الحركة المرشحة هي حركة نداء تونس ونحن لم نتلق اي عرض في هذا الموضوع بل نسمع تصريحات متناقضة بين من يدعو لحكومة وحدة وطنية وبين من يدعو لإقصاء النهضة وهناك تركيز على تعاون النداء مع الجبهة الشعبية
وهذا تناقض غير مطمئن لأن تشكيل الحكومة في بلاد تعيش مرحلة انتقال ديمقراطي ليست مسألة حزبية حتى وأن خول الدستور ذلك
والحكومة في هذه المرحلة هي مسألة وطنية تهم البلاد ومصلحتها واستقرارها واعتقد ان الحزب المرشح لتشكيل الحكومة يفترض منه مزيد التحفظ والابتعاد عن كل ما يمكن ان يثير النعرات الايديولوجية او الجهوية او الحزبية والحزب الذي يفوز بأكبر عدد من المقاعد او باقل منها يجب ان يستحضر دائما طموحات كل التونسيين لا بعض الذين صوتوا له فقط ويجب ان يلتزم بان يتعامل مع كل التونسيين بما في ذلك الذين لم يصوتوا له بروح المسؤولية وبروح الاخوة الوطنية وان يبتعد عن كل خطاب يقسم التونسيين او يخيفهم وعلى استبعاد كل ما يحيل الى فترات قاتمة ومظلمة في تاريخ تونس

*وماذا لو لم تتلق الحركة عرضا بالمشاركة؟

حتى وان لم نتلق اي دعوة للمشاركة في الحوار حول مستقبل العملية السياسية في البلاد فإننا لازلنا على رأينا بأن البلاد تحتاج الى خيارات مطمئنة تسعى لتحقيق اولويات التونسيين في الامن والحياة الكريمة والتنمية والتشغيل وفي مقاومة الارهاب والتصدي لغلاء الاسعار والمحتكرين والمضاربين وفي الإستجابة لنداء الشباب العاطل عن العمل وخريجي الجامعات والجهات المحرومة فبلادنا في حاجة الى من يعزز وحدتها ويحفظ مؤسسات دولتها ويبشر التونسيين بان من حقهم جميعا مهما كانت اختلافاتهم الايديولوجية والسياسية ان يشاركوا في ادارة الشأن العام وان يتمتعوا بنفس الحقوق ونحن على يقين ان الوصول ببلادنا الى شاطئ الامان يتطلب توحيد جهود كل ابنائها والى حكومة وحدة وطنية واسعة من داخل القوى الممثلة في مجلس نواب الشعب ومن خارجه والى خيارات توافقية تبنى بالتشاور لا بمنطق الغلبة
وانا ادعو بهذه المناسبة الحزب الفائز بأكثر الاصوات وبقية الاحزاب سواء الممثلة في مجلس نواب الشعب او من خارجه الى خطاب واضح حول الموقف من جوهر العملية السياسية في المرحلة المقبلة هل تكون توافقية تشاركية ترتكز على تغليب الوطني على الفئوي والحزبي ام تكون حزبية فئوية على اساس تحالفات ايديولوجية تكون فيها الغلبة لمن يحصل على اكثر اصوات في المجلس حتى وان كان الفارق ضئيلا

س* وماذا عن مقاربة النهضة في هذا الخصوص ؟

نحن اخترنا منذ المشاركة في الحوار الوطني طريقنا وهو التوافق والتشارك والتشاور وعلى بقية الاطراف ان تقدم الان وقبل الغد جوابها ورأيها ولا تفتح الباب امام ما يشوش على البلاد في هذه المرحلة الحاسمة من خلال تصريحات متناقضة ورسائل متضاربة
نحن مع خيار التوافق وكان اساس كل ما حصل لكن لم نتلق اجابة منهم
وبالنسبة الينا تكون "موزاييكا" من الاحزاب او حكومة توافق تكون ما تكون ولكن لا تبنى على الاقصاء لان البلاد تتسع للجميع من اقصى اليسار لأقصى اليمين الا من اقصى نفسه برفعه للسلاح في وجه الدولة واستباحته لدماء التونسيين واعراضهم كما انها تحتاج الى جميع ابنائها مهما كانت انتماءاتهم من المتحزبين وغير المتحزبين في الداخل والخارج ومن القوى الممثلة في مجلس النواب بترك النظر عن عدد نوابهم ومن القوى الموجودة في المجتمع حتى وان كانت غير ممثلة في مجلس الشعب

س* وكيف ستكون ردة فعل النهضة في حال عدم تشريكها في الحكومة القادمة؟

اقصاء اي طرف من حقه إبداء الرأي لن يمنعه من القيام بواجبه تجاه الوطن من موقع المعارضة البناءة والجدية والنهضة كقوة سياسية معبرة عن خيار وطني وسطي وتشاركي وجامع من اجل استكمال عملية الانتقال الديمقراطي وبناء الدولة المدنية الحديثة ستواصل وتستمر على نفس الخيار بكل ثبات ومسؤولية ولن تغير خيارات البعض الاقصائية من ايمانها العميق برفض الاقصاء لإيمانها بأنه خيار مدمر لن يجني منه التونسيون الا ما جنوه في عهود الظلم والاستبداد.

س*لكن يرى البعض انكم حزب يرغب في المناصب الحكومية فما هو رأيك؟

وبالنسبة لنا القضية ليست حزبية لو كان هاجسنا حزبيا لاخترنا المعارضة وهي موقع مريح بالنسبة لنا لكن همنا وطني نحن نعيش في بلاد نحن واعون بحجم التحديات التي تواجهها وأنه لا يمكن لأي حزب لوحده ان يواجه هذه التحديات وان يصل ببلادنا الى شط الامان
كما ان المسألة بالنسبة لنا ليست مواقع ومسؤوليات فنحن كنا فيها وخرجنا منها عن طواعية ثم ان هذا الامر لا يتعلق بمناصب حكومية بل يتعلق بالروح التي ستسود البلاد في المرحلة المقبلة هل هي روح التوافق والتشارك والتشاور التي نجح الحوار الوطني من خلالها في انقاذ البلاد من الكثير من الكوارث؟ ام هي روح فئوية اقصائية فردية تقصي لا النهضة فقط بل تقصي كل من يختلف معك في الايديولوجيا وفي الرأي؟ واذا نجح اليوم احد التيارات في احد الاحزاب الى اقصاء منافسين له على اساس ايديولوجي وفرض تحالفا مع من يوافقه الفكرة من داخل حزبه وخارجه فلا شيء يمنعه غدا من اقصاء كل الاحزاب التي تخالفه الراي بل واقصاء الذين يختلفون معه في الراي وفي الإيديولوجيا حتى داخل حزبه بما يؤشر الى ان هؤلاء يدفعون البلاد من جديد الى صراعات ايديولوجية والى العودة الى حكم الاحزاب "المؤدلجة" والعقائدية في رجوع تجارب لفظها التاريخ وثبت بؤسها وعدم انسجامها مع قيم الحداثة والحرية والديمقراطية ونحن لا يهمنا ان نكون في الحكم او خارجه ولكن نخشى ان يعود بنا البعض الى اوضاع لا تخدم البلاد والعباد .