رأت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن هجوم مسلحين على فندق راديسون بلو في العاصمة المالية، باماكو، صباح يوم الجمعة الفائت، وقتلهم ٢٧ شخصاً، يعتبر ضربة لمشاركة قلب غرب أفريقيا في نشاطات تجارية وإعلامية ودولية. فقد عد رايديسون بلو أفضل فندق في باماكو، وحيث مثلت هويات الضحايا لمحة عمن يشاركون في الحرب ضد الإرهاب في المنطقة.

كما تقول الصحيفة، قتل في الهجوم ثلاثة مدراء تنفيذيين في شركة خطوط سكة حديدية صينية كانوا في رحلة عمل لتطوير مشروع بقيمة ١,٥ مليار دولار لربط مالي، غير الساحلية، بمرفأ دكار في السنغال المجاورة. ومن بين القتلى كان ستة عاملين روس في شركة شحن جوي تقدم خدماتها للجيش الفرنسي وبعثة الأمم المتحدة في مالي، ورجل أمريكي، وبرلماني بلجيكي، فضلا عن إسرائيليين ومواطنين من مالي والسنغال.

وتشير نيويورك تايمز لاحتجاز رهائن، رجال أعمال من الهند وعاملون في الخطوط الجوية التركية وإير فرانس، وذلك لعدة ساعات قبل أن تتمكن قوات مالية خاصة من الوصول إليهم وإنقاذهم. وقد لجأ أغنى رجل في أفريقيا، أليكو دانغوتي، إلى تويتر لكي ينفي تقارير أولية، أشارت لوجوده بين الرهائن.

وتلفت الصحيفة إلى أن مالي، والتي أخذت تتعافى من سنوات من الاضطرابات التي شهدت انقلاباً عسكرياً، واحتلال جهاديين لبعض مناطقها، ولتدخل فرنسي، وإرسال الأمم المتحدة لبعثة ضخمة لإقرار السلام، قد تخسر استثمارات دولية، فيما لو غادرها رجال أعمال وديبلوماسيون. فقد كان فندق راديسون يعتبر مكاناً آمناً لإقامة هؤلاء الأجانب، ولم يعد كذلك، بعد الهجوم الأخير.

ومن هذا المنطلق، قال مامودو كوليبالي، رئيس نقابة العاملين في مالي : " سوف تعلق صفقة خط السكة الحديدية مع الصينيين. ومن المتوقع أن يتراجع المستثمرون عن تنفيذ مشاريع في مالي".

وتشير نيويورك تايمز إلى أنه بسبب الطبيعة الدولية للهجوم، فقد سارع الرئيس الأمريكي، باراك أوباما لشجبه بشدة، وكذلك فعل رؤساء فرنسا وروسيا والصين، فرانسوا هولاند وفلاديمير بوتين وشي جي بينغ.

وبرأي الصحيفة، ليست مالي بمنأى عن هجمات جهادية مسلحة، ولكن لم يضرب قط أي هجوم فيها مركز السلطة بشكل مباشر، كما جرى يوم الجمعة الماضية.

وتقول الصحيفة بأن فرع القاعدة في أفريقيا، احتل شمال مالي لمدة تسعة أشهر في عام ٢٠١٢، وتغلغل عناصره بين الأحياء والمدن هناك، وأسس لعلاقات لم تقطع بعد. وقد تمكن الجيش الفرنسي من طرد الجهاديين من المنطقة في عام ٢٠١٣، ولكن منذ ذلك الوقت، تراجع الوضع الأمني، ووصلت الهجمات الإرهابية إلى مناطق بعيدة في جنوب البلاد، في مناطق كانت تعد آمنة.

وإلى الشمال من مالي، تقول نيويورك تايمز، سمح الفراغ الأمني الذي تولد بعد تدخل حلف الناتو في ليبيا، لتداول السلاح بسهولة. ومن جديد، اكتسبت منظمات جهادية نفوذاً كبيراً في المنطقة.

فقد ادعت جماعة تسمى" المرابطون"، يقودها جهادي جزائري يدعى مختار بلمختار، المسؤولية عن الهجوم على الفندق في باماكو.

وتقول نيويورك تايمز بأنه بات من المؤكد بأن هذا النوع من الهجوم، والذي قادته مجموعة صغيرة من المسلحين ببنادق كلاشينكوف وقنابل، وكانوا مستعدين للموت، أصبح طريقة عمل للإرهابيين. وقد أدى التهديد بشن هجمات مماثلة لدفع الحكومة البلجيكية لإغلاق بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي.

ورغم انتشار مشاعر الخوف من وقوع هجمات، تشير نيويورك تايمز إلى تحول تلك المشاعر لفرح وفخر عبر عنها أحد الرجال الماليين بقوله : "لولا شجاعة جنودنا الأبطال لكانت النتيجة أسوأ بكثير. أننا فخورون بجيشنا".

وتختم الصحيفة رأيها بأن تلك الكلمات لم تكن تسمع سابقاً في مالي التي أجبرت في عام ٢٠١٣، لطلب العون من الجيش الفرنسي، المستعمر القديم من أجل مساعدتها في دحر الجهاديين من شمال البلاد.