تتواصل الجهود لإخماد حرائق الغابات التي تجتاح الجزائر، منذ الاثنين الماضي، في عدة ولايات وسط هبة تضامنية واسعة للمواطنين شملت كافة جهات البلاد، جاءت لتدعم القوافل الإنسانية التي تواصل سيرها لمد يد العون لقاطني المناطق المتضررة وعلى رأسهم ولاية تيزي وزو الأكثر تضررا.

فمنذ الساعات الأولى لاندلاع هذه الحرائق التي "تؤكد المؤشرات الأولية طابعها الإجرامي"، هب الجزائريون من كل حدب وصوب لإغاثة سكان المناطق التي أحاطت بها ألسنة النيران، في هبة تضامنية أضحت سمة لصيقة بالجزائريين، يتضاعف حجمها وتتصاعد وتيرتها كلما برزت أزمة أو محنة.

فعلى سبيل المثال، أبان سكان ولاية مستغانم بغرب البلاد، عن تضامن كبير جسده مواطنون وممثلو الحركات الجمعوية تجاه ضحايا هذه الحرائق، فعلى غرار الجهود المبذولة من طرف الجمعيتين الخيريتين "سلسبيل"، "دير الخير وانساه"، والتكتل الجمعوي الذي يضم ''الكشافة الإسلامية الجزائرية'' و''الفيدرالية الجزائرية للسلام والإنسانية'' وجمعيات "أهل البر والإحسان" و"سواعد الإحسان" و"فاعل الخير" و"لقاء شباب الجزائر"، تتواصل حملات جمع التبرعات و المساعدات الغذائية و الطبية و المواد الأساسية لفائدة العائلات المتضررة جراء هذه الحرائق.


وبالروح التضامنية ذاتها، أبى مواطنو غالبية الولايات إلا أن يقفوا إلى جانب المتضررين، بإرسالهم لقوافل تضامنية محملة بالمواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع في مبادرات تعكس قيم التكافل بين الجزائريين.

وبشرق البلاد، ومن سطيف تحديدا، انطلقت أمس الخميس قافلة تضامنية تضم 18 شاحنة مقطورة على متنها كميات معتبرة من المواد الغذائية المختلفة والمياه المعدنية والأفرشة والألبسة والمعدات الطبية والمواد الصيدلانية وغيرها.

ومن العاصمة الجزائر، انطلقت أولى القوافل الانسانية "العاجلة" متجهة نحو تيزي وزو، محملة بأكثر من 340 طنا من الإغاثات، ترافقها خلايا جوارية للتكفل النفسي والاجتماعي، تحت إشراف وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، كوثر كريكو، ورئيسة الهلال الأحمر الجزائري، سعيدة بن حبيلس، في خطوة تأتي تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون.

وبدورها كشفت ممثلة وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، ليندة حمراوي، عن إيفاد الوزارة لـ ''150 طنا'' من المساعدات لفائدة ضحايا تيزي وزو، "تم جمعها عبر 11 ولاية".

وزارة الفلاحة والتنمية الريفية أرسلت، هي الأخرى، قافلة تضامنية لفائدة المتضررين، محملة بمواد غذائية تبرعت بها المجمعات الاقتصادية تحت وصاية القطاع والمنتجون الخواص، في عملية ستتواصل خلال الفترة المقبلة.

وعلى إثر هذا الخطب الأليم، توجه مجلس الأمة بخالص تعازيه وصادق مواساته للشعب الجزائري برمته، "منحنيا بخشوع أمام الأرواح الطاهرة لشهدائنا من المواطنين وقوات الجيش الوطني الشعبي، درع أمن وأمان وطننا، الذين استشهدوا، وآلوا على أنفسهم بإباء وشجاعة وإقدام أسوة بآبائهم وأجدادهم وأسلافهم إلا أن ينقذوا إخوانهم المواطنين الذين انفطرت قلوبهم وتصاعدت آهاتهم إلى السماء".

ويمثل كل ذلك "صورة بليغة للرابطة الأبدية بين الجيش والأمة، مخلدين بتضحيتهم هذه، ملحمة أخرى ترصع بأحرف من ذهب في السجل البطولي لقواتنا الباسلة"، تضيف الغرفة العليا للبرلمان.

كما قدم المجلس الشعبي الوطني بدوره، تعازيه في وفاة ضحايا حرائق الغابات التي تمس عدة ولايات من الوطن، داعيا إلى "تكثيف هبات التضامن وإظهار المزيد من اللحمة الوطنية الصادقة".

وأكد المجلس الشعبي الوطني أنه "يتابع باهتمام الحرائق الإجرامية التي نشبت في عدة ولايات من الوطن وأدت إلى حالة من الخوف والهلع"، كما "ينعي المواطنين الذين قضوا رفقة جنود من الجيش الوطني الشعبي حين كانوا يؤدون واجبهم في إنقاذ الأرواح والممتلكات".

وأما دوليا، تتوالى ردود فعل العديد من الدول والمنظمات التي أعربت عن تضامنها مع الجزائر في مصابها، حيث تلقى رئيس الجمهورية اتصالا هاتفيا من نظيره الموريتاني، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، قدم له فيه تعازيه الخالصة.

ومن جهتها، عبرت الحكومة المالية أيضا عن تعاطفها العميق مع الجزائر في هذا الظرف الصعب، مقدمة تعازيها الخالصة للشعب وللحكومة الجزائرية وإلى عائلات الضحايا.


كما تلقى وزير الخارجية والجالية الوطنية في الخارج رمطان لعمامرة، اتصالات هاتفية من طرف رئيسا دبلوماسية تركيا وليبيا وكذا من المستشار الرئيسي لرئيس المجلس الرئاسي الليبي، للاطمئنان على الشعب الجزائري، وتقديم التعازي لأسر شهداء الحرائق من مدنيين وعسكريين.

ومن القاهرة، وجه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط رسالة تعزية إلى رئيس الجمهورية، أعرب خلالها عن "خالص تعازيه للجزائر قيادة وشعبا''.

كما أعرب في رسالة مماثلة إلى السيد رمطان لعمامرة عن "تضامن الجامعة العربية الكامل مع الجزائر وعن ثقته في قدرة القيادة الجزائرية على تجاوز آثار تلك المحنة".

وأعرب البرلمان العربي كذلك، عن خالص التعازي وصادق المواساة لقيادة الجزائر، والبرلمان والشعب الجزائري، ولذوي ضحايا الحرائق، وهو نفس الموقف الذي عبر عنه شيخ الأزهر، فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب.

للتذكير، تشير آخر الأرقام الرسمية إلى ارتفاع عدد الهالكين في هذه الحرائق التي مست 18 ولاية، إلى 65 ضحية، أغلبها على مستوى ولاية تيزي وزو، وهو العدد الذي يضم 37 مدنيا و28 فردا من الجيش الجزائري.