غطت العمليتان الإرهابيتان اللتان جدتا بداية هذا الأسبوع في منطقتي الكاف والقصرين غربي تونس، على التنافس السياسي بين الباجي قائد السبسي والمنصف المرزوقي حول كرسي الرئاسة، لتوجه الانتباه إلى ملف الإرهاب وخطورته في تونس مجددا.
وكشفت عملية اختطاف عون حرس وقطع رأسه وإلقائها بعيدا عن جثته خلال الليلة الفاصلة بين الأحد والاثنين وانفجار لغم أرضي أول من أمس في طريق قوات الجيش، عن حجم التحديات الأمنية الذي ينتظر الحكومة التونسية الجديدة.
وتحدثت قيادات أمنية تونسية لـ«الشرق الأوسط» عن تطورات هامة حصلت على مستوى تعامل المجموعات الإرهابية مع قوات الأمن والجيش فهي قد غيرت من أسلوب تهديدها من خلال المباغتة والاستعراضية والانسحاب السريع إلى الغابات. وأكدت ذات المصادر أن قطع رأس أحد أعوان الحرس التونسي جرى على طريقة «داعش» وهي عملية كان لها وقع قوي على كل التونسيين.
وألقت هذه الأحداث الإرهابية بظلالها على الدور الثاني للانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها إما يوم 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي وهو الموعد الأنسب على حد قول نبيل بفون أحد أعضاء الهيئة العليا للانتخابات، أو يوم 28 من نفس الشهر، ويمكن أن تمثل عائقا حقيقيا أمام الاستقرار السياسي والأمني المنشود.
وفي هذا الصدد، أشار محمد بنور المتحدث باسم حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات في تصريح إعلامي، إلى أن الانتخابات الرئاسية المقبلة يجب ألا تنسي التونسيين حربهم ضد الإرهاب وألا تلهيهم عن مصلحة الوطن العليا الممثلة في حماية تونس من كل الأخطار على حد تعبيره.
وكانت مجموعة إرهابية قد اختطفت عنصرا أمنيا برتبة وكيل في الحرس الوطني كان في طريقه من مدينة الكاف في اتجاه مقر سكناه بمدينة الطويرف وقطعت رأسه وفصلته عن الجثة. وجرى الحادث في حدود الساعة السابعة ليلا ولم تعثر قوات الأمن والجيش على الجثة مفصولة عن الرأس إلا في الساعة السادسة من صباح اليوم الموالي. وعثر على الضحية مذبوحا وملقى به داخل الغابات الكثيفة، وتصف المجموعات الإرهابية قوات الأمن والجيش في تونس بـ«الطاغوت» وتضعهم على رأس لائحة عملياتها الإرهابية.
ووفق مصادر أمنية تونسية فإن الضحية يعمل ضمن الفوج الجهوي لوحدات التدخل بإقليم الحرس الوطني بالكاف(شمال غربي تونس).
ووفق شهادة شقيق الضحية، فإن الحادثة جرت بمنطقة قنطرة ملاق على بعد 12 كلم من مدينة الكاف (160 كلم شمال غربي تونس) كما أفاد أن مجموعة الإرهابيين شكلت دورية أمنية وهمية ونفذت العملية وهي تتكون من 10 عناصر إرهابية على الأقل.
وكانت منطقة الكاف مسرحا لعدة عمليات إرهابية سابقة إذ هاجمت مجموعة إرهابية حافلة عسكرية قبل نحو شهر وأمطرتها بوابل من الرصاص ما أدى إلى وفاة 5 عناصر من الجيش وجرح 12 آخرين.
وعلى إثر الحادث الإرهابي الأخير، شهدت جبال «ورغة» بمنطقة الكاف تمشيطا أمنيا وعسكريا مكثفا تعقبا لأثر المجموعة الإرهابية.
وفي منطقة القصرين أدى انفجار لغم في طريق قوات الجيش إلى وفاة عسكري وبتر ساق ضابط برتبة مقدم. وإثر هذه العملية الإرهابية، أعلنت وزارة الداخلية التونسية الكشف عن خلية إرهابية مكونة من 5 عناصر في منطقة القصرين وقالت إنها ألقت عليهم القبض جميعا وحملتهم مسؤولية تقديم الدعم المادي واللوجستي للمجموعات الإرهابية المتحصنة في جبال الشعانبي(وسط غربي تونس). ولا يبدو أن مخاطر الإرهاب قد ولت تماما عن تونس، فقد أكد محمد صالح الحدري العقيد المتقاعد من الجيش التونسي ورئيس حزب العدل والتنمية لـ«الشرق الأوسط» أن البلاد ما تزال مهددة بالكثير من المخاطر وأن الخسائر في الأرواح ما تزال محتملة بقوة نتيجة لجوء العناصر الإرهابية إلى عمليات استعراضية هدفها التأثير على معنويات المؤسسة الأمنية والعسكرية.
ونبه الحدري إلى أن تنفيذ عمليات إرهابية قبل يوم من انعقاد أول جلسة للبرلمان التونسي يحمل رسالة تشكيك في قدرات الحكومة الجديدة على مقاومة الإرهاب.

*الشرق الاوسط