أجمع مرشحو الرئاسة الجزائرية، خلال المناظرة التلفزيونية التي جمعتهم مساء أمس الجمعة، على ضرورة وضع دستور جديد للبلاد، عقب الانتخابات الرئاسية المقررة يوم الخميس المقبل.
وقال المرشح عبد العزيز بلعيد رئيس حزب جبهة المستقبل إن الدستور الحالي تم تفصيله من أجل شخص واحد، ويجب اسقاط الدستور الأخير لعام 2016، ووضع دستور لكل الشعب، بعد حوار وطني شامل دون اقصاء والاستعانة بخبراء دستوريين وسياسيين على أن يقر الدستور الجديد عقب استفتاء شعبي.
ومن جانبه، قال المرشح المستقل عبد المجيد تبون رئيس الوزراء الأسبق إن الدستور هو أم القوانين كلها، والتغيير الذي طالب به الجزائريون لن يأتي إلا بدستور جديد لأن الدستور الحالي حين أصبح على المحك ظهرت ثغرات كبيرة له خاصة في إدارة المرحلة الانتقالية.
وأضاف يجب استشراف مسيرة الأمة، وإقرار الفصل الحقيقي بين مؤسسات الدولة بالدستور، مع وجود الرقابة البرلمانية حتى تقوم كل سلطة من السلطات بدورها ويختفي تماما حكم الفرد والانحرافات التي صاحبته.
بدوره قال المرشح علي بن فليس رئيس حزب طلائع الحريات إن الدستور الجديد يجب أن تجتمع حول كل الطبقة السياسية ويرسخ لنظام شبه رئاسي يقوم على تقسيم الصلاحيات بين الرئيس ورئيس الحكومة الذي يأتي من الأغلبية البرلمانية، على أن تسأل الحكومة أسبوعيا أمام البرلمان.
أما المرشح عز الدين ميهوبي الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي فتعهد بالعمل مع الشركاء والفاعلين السياسيين في وضع دستور يصمد لعقود لتأمين العيش بدون هزات سياسية.
وقال "أتعهد بوضع دستور يؤسس لدولة مؤسسات بدون تداخل بين السلطات، ورئيس الجمهورية لن يكون مقدسا، بل سيكون خادما للشعب، بحيث يشعر الجزائريون بأنهم في بلد بعيد عن الاختلالات يتضمن كل ما تريده الإرادة الشعبية، وأتعهد بالعودة للشعب في كل قرار هم عبر الاستفتاء".
أما المرشح عبد القادر بن قرينة رئيس حزب حركة البناء الوطني فأكد أن الدستور الجديد يجب أن يكون مرجعيته مبادئ ثورة نوفمبر 1954 وحراك 22 فبراير الذي استمر حتى اليوم.
وأضاف أن الدستور الجديد يجب أن يتضمن كل الحريات التي يطالب بها الشعب، مع فتح حوار مجتمعي شامل، معتبرا أن الدستور هو عقد سياسي بين الشعب والرئيس تتوفر فيه الإرادة السياسية ويؤسس لنظام شبه رئاسي.
وردا على سؤال حول كيفية تجديد الحياة السياسية بالجزائر بعد ممارسات النظام السابق، قال المرشح عبد المجيد تبون إن هناك قوانين يجب إعادة النظر فيها في مقدمتها قانون الانتخابات، بهدف الخروج بنخبة سياسية شريفة ونزيهة تمارس كافة الصلاحيات مع المجتمع المدني.
وأضاف أن كل الانحرافات في النظام السابق كانت نتيجة الحكم الفردي جعل المواطن في واد والسلطة في واد آخر، مشيرا إلى أنه عندما تأزمت الأمور قرر الشارع الجزائري تقرير مصيره بنفسه وأحدث الكثير من التغيرات.
وأشار إلى ضرورة مراجعة قانون الأحزاب السياسية نظرا لأهميته في تأطير العمل السياسي.
من جانبه، قال المرشح بن فليس إن هناك أمرين أفسدا الحياة السياسية هما شخصنة الحكم، والمال الفاسد وتدخله في السياسية، مؤكدا ضرورة فصل السلطات بشكل يعيد تنظيم القوى السياسية والاجتماعية.
ودعا إلى مراجعة قانوني الأحزاب والانتخابات مع تنقية العمل السياسي من المال الفاسد، مع العمل على خلق دولة مؤسسات لها كل الصلاحيات.
أما المرشح عز الدين ميهوبي فاعتبر أن أسباب خروج المواطن الجزائري من الحياة السياسية نتيجة فقدان الثقة في الأحزاب جراء ممارساتها السلبية، المبنية على المحسوبية والوساطة، إضافة إلى الاختراق الذي حدث للمؤسسات الرسمية.
ودعا إلى إعادة النظر في البنية الحزبية والسياسية وإعادة بنائها بشكل سلين، وإعادة بناء الثقة بين المواطن والأحزاب والمؤسسات السياسية مع مراجعة المنظومة القانونية.
فيما اعتبر المرشح عبد القادر بن قرينة أن تحرك الشارع الجزائري للمطالبة بحقوقه السياسية جاء نتيجة الممارسات التي اتبعتها الأحزاب التي وصفها بالكارتونية، إضافة إلى تزوير الانتخابات في وقت سابق.
وقال "لابد أن تعبر الأحزاب عن الإرادة الشعبية وليس إرادة الحاكم وسأفسح المجال للمعارضة لتمارس دورها بحرية كاملة في الحياة السياسية".
أما المرشح عبد العزيز بلعيد فاعتبر أن العمل السياسي في الجزائر تعقد لعدة أسباب منها ممارسات النظام السابق وممارسات الأحزاب والمجتمع المدني التي أصبحت أبواقا للأحزاب.
وأشار إلى وجود عزوف كبير من الطبقة المثقفة والجامعية عن العمل السياسي مما أدى إلى دخول آخرين فاسدين في العمل السياسي.
وقال إن "انعدام العقاب جعل الفساد يستشري، ودورنا الآن هو كيف نستعيد ثقة المواطن".
وردا على سؤال حول واقع الحريات في البلاد بعد الانتخابات الرئاسية، تعهد المرشح بن فليس بعدم تجريم ممارسة الحريات العامة والفردية، مع إزالة كافة المعوقات أمام ممارستها.
وأضاف أنه سيقوم، حال فوزه، بتشكيل لجنة منتخبة لحقوق الانسان، تتكفل بوضع الضوابط والمنظومة القانونية الخاصة بالحريات، وتضم خبراء قانون وحقوقيين، ولا تتدخل السلطة التنفيذية في عملها.
بينما أكد المرشح ميهوبي أن الحرية ليست هبة من أحد بل جاءت نتيجة تضحيات جسام من الشعب الجزائري، واليوم الحرية مجسدة عبر حراك شعبي استمر 9 أشهر.
وقال إن تكريس الحريات العامة والخاصة أمر ضروري لا جدال فيه، ويجب على الرئيس الجديد أن يضمن هذه الحريات ويعمل على توسيعها في كل المجالات.
أما المرشح بن قرينة فقال إن شباب الحراك الشعبي انتزعوا الحرية وحماها الجيش الجزائري ودعمها، مؤكدا أن الحريات الفردية والعامة في برنامجه غير محدودة ولها كامل السلطة.
بدوره، قال المرشح بلعيد إن الحريات تحتاج أولا إلى تغيير العقول إضافة للمنظومة القانونية.
وأضاف أن الحريات تبدأ من الفرد وتمتد للجماعة ثم المجتمع كله، ودعا كل مواطن للبدء بممارسة الحريات في محيطه.
أما المرشح تبون فقال إنه لا توجد دولة بدون حريات لأن الحريات هي أساس معيشة المواطن مؤكدا ضرورة احترام حريات الغير.
وأضاف "هناك في كل مجتمع أغلبية وأقلية وكل طرف يمارس حرياته بما لا يمس أو يتعارض مع حريات الآخرين".
واعتبر المرشح الرئاسي الجزائري عز الدين ميهوبي أن تأسيس السلطة المستقلة للانتخابات كان مكسبا كبيرا للعمل الديمقراطي والتعددية لأن الشكاوى الرئيسية كانت من تزوير الانتخابات، وكان مطلب المواطنين والسياسيين هو إبعاد الحكومة عن الإشراف على الانتخابات.
وأكد أن السلطة هي الضامن للمواطن والمرشح والأحزاب وقال "هذا هو الامتحان الأول وعلينا تقييمه والخروج بالدروس المستفادة".
أما المرشح عبد القادر بن قرينة فاعتبر أن السلطة المستقلة هي اللبنة الأساسية، وتعهد بتشكيل سلطة للانتخابات منتخبة من البرلمان.
وقال "إن الإرادة السياسية هي الأساس ويجب العمل على ذلك بنزاهة".
من جهته قال المرشح عبد العزيز بلعيد إن تشكيل السلطة كان خطوة إيجابية معتبرا أنها غير كافية.
وأضاف أن هناك ممارسات كانت تتم للتلاعب بالانتخابات، ويجب تشكيل لجنة مستقلة تتولى العملية الانتخابية بعيدا عن سيطرة الحكومة مع سن منظومة قانونية صارمة.
من جانبه، وجه المرشح عبد المجيد تبون الشكر لسلطة الانتخابات على العمل الذي بذلته من أول العملية الانتخابية.
ودعا الشعب إلى المشاركة بقوة في الانتخابات، والإبلاغ عن أي حالات تجاوز.
بينما قال المرشح علي بن فليس عن ملف الانتخابات هو أول ملف سيفتحه حال فوزه بالانتخابات، معتبرا أن شرعية النظام تأتي من نزاهة الانتخابات.
وقال إنه سيعمل على تعديل قوانين الأحزاب والانتخابات السلطة المستقلة، عبر حوار وطني يشارك فيه كل المؤيدين والمعارضين.
وأكد المرشح تبون أن الجاليات بالخارج هي جزء لا يتجزأ من الشعب الجزائري، مؤكدا ضرورة العمل من أجلهم مثل المواطنين في الداخل.
وقال إنهم عرضة لمساومات وابتزازات في الخارج، ولا نفرق بين من في الداخل وفي الخارج، والتغيير يكون بالكفاءات لا الولاءات والكفاءات أينما كانت في الخارج أو الداخل، مؤكدا أن البلاد تحتاج الكفاءات.
ودعا لسن القوانين لدمجهم المغتربين في منظومة الاقتصاد الوطني.
أما المرشح بلعيد فانتقد المادة 51 من الدستور التي لا تعطي الحق لمزدوجي الجنسية بتولي المسؤولية، وقال إن الجاليات بالخارج لديهم مشاكل اجتماعية لم تحل، منها ارتفاع أسعار تذاكر الطيران، كما يجب فتح أبواب السكن والاستثمار لهم.
وقال "يجب فتح الأبواب للكفاءات الثقافية والعلمية لأنهم قوة اقتصادية كبيرة يجب وضع قوانين للعب دورها الأساسي".
بدوره قال المرشح علي بن فليس إن الجالية الجزائرية في الخارج عددها حوالي 8 ملايين شخص، مضيفا "اتعهد أن نزيل هذه الفتنة وهذا التقسيم".
وأشار إلى أن القانون يعتبر المواطن الجزائري في الخارج مستثمرا أجنبيا لا يستطيع أن يستثمر في الداخل، ودعا إلى تحمل الدولة لتكاليف نقل جثامين الجزائريين المتوفين في الخارج.
وقال "هناك خبرات جزائرية في كل الميادين مهمشة، لابد من وجود مجلس للجالية في الخارج، يقول رأيه ويتم الاستفادة منه".
أما المرشح ميهوبي فاعتبر أن المغتربين هم طاقة جزائرية معطلة يجب الاستفادة منه، وقال "أول ما سأقوم به هو تنصيب المجلس الوطني للجاليات في الخارج مشكل من خبرات وكفاءات يضع خريطة طريق للتعامل مع الجالية بالخارج، وتحسين شروط تنقلاتهم، وتعديل قوانين مشاركتهم في السكن والاستثمار وتغيير المادة 51 من الدستور".
أما المرشح بن قرينة فقال "يجب تأسيس وزارة للجالية ووزارة التعليم، مع إنشاء مدارس جزائرية في الخارج، وفتح بنوك جزائرية في الخارج للتحويلات والدعم، مع وضع برنامج لنقل جثامين المتوفين في الخارج، والاستفادة من الكوادر والباحثين في الخارج.