سلط السفير الليبي السابق الأستاذ الدكتور أحمد الأشهب الضوء على دور ليبيا في النهوض بالقارة الإفريقية.

وقال الأشهب في تدوينة له بموقع "فيسبوك" بعنوان "من الذاكرة الدبلوماسية (20) ليبيا والقمم الإفريقية" "تستعد ليبيا أولا لعقد القمة الإفريقية في قاعات واجادوجو وقصر المؤتمرات في مدينة سرت، وكعادة الرؤساء الأفارقة ترافقهم وفودهم وأمنهم وزوجاتهم ، ففي ليبيا لا عدد محدد لأعضاء الوفود الرسمية عكس ما تفعل معظم الدول فالضيافة العربية الليبية تشمل الجميع والكل يسعد ويتمنى المجيء إلى ليبيا، ومن المتعارف عليه أيضا أن السفراء الليبيين في هذه الدول الإفريقية يرافقون رؤساء تلك الدول عندما يقومون بزيارة إلى ليبيا جئنا معا في طائرة الرئيس الخاصة التي قطعت المسافة في رحلة مباشرة من دار السلام إلى سرت، اختصرنا فيها الزمن كما اختصرنا المسافة، حلقت بنا الطائرة عبر أجواء أربعة دول إفريقية قبل أن تصل إلى الأجواء الليبية، مساحات شاسعة من الأرض تبدو من علو شاهق بعضها خضراء ما زالت على طبيعتها لم تمسها يد إنسان بعد، وبعضها وصلها المحراث والبلدوزر، والبعض الآخر وصله القطع والتخريب، أما عندما تدخل الأجواء الليبية فالسماء صافية، والشمس ساطعة ورمال الصحراء تتماوج من بعيد ، تحدثنا في كثير من القضايا العامة ولكن عندما دخلنا أجواء الجنوب الليبي سألني الرئيس ماذا يعني إسم ليبيا وكم عدد السكان وهل كلهم عرب وكلهم مسلمون ونظام الحكم وتوالت أسئلة الرئيس وأنا أجيبه باستفاضة عن كل ما يريد معرفته، فإني أحب الحديث عن بلادي وخاصة مع رئيس يهتم بأدق التفاصيل وهو الذي كان مسؤولا عن التوجيه المعنوي في الحزب الحاكم وفي القوات المسلحة  وعندما كنا نستعد للنزول من الطائرة قال لي أنت تختلف عن سفراء ليبيا السابقين، (ربما بحكم تكويني الجامعي)، وأعادها مرة أخرى أمام مضيفه".

وأضاف الأشهب "الإعداد للقمة الإفريقية كان متميزا، فالإمكانيات متوفرة، وجدول أعمال القمة يتضمن العديد من القضايا المهمة المتعلقة بالاتحاد الإفريقي وتطوير آلياته وهياكله ومؤسساته، تقترح ليبيا إنشاء حكومة إفريقية واحدة وإنشاء محكمة عدل إفريقية، وقوة إفريقية لفض النزاعات، لا أحد يمكنه أن ينكر دور ليبيا الفاعل على مستوى القارة الإفريقية، كما لا يمكن لأحد أن يغمض عينيه عن  دور بعض القادة الأفارقة في حل بعض القضايا والنزاعات التي نشبت بين دول القارة يتحمس الأفارقة في بعض القضايا ويتلكأون في البعض الآخر، فما زالت بعض الدول الإفريقية إحدى عينيها داخل القمة أما عينها الأخرى فتراقب بها الموقف في باريس أو لندن أو واشنطن".

وأردف الأشهب "يعتبر الاتحاد الإفريقي خطوة هامة نحو توحيد الصف الإفريقي ، ونحو صياغة موقف إفريقي واحد تجاه قضايا القارة، ولكنه يضل ناقصا إلى أن تكتمل بقية هياكله ومؤسساته، لم تدخل ليبيا في مناكفات مع الدول الإفريقية الأخرى حول استضافة بعض مؤسسات هذا الاتحاد، كان همها فقط أن تقوم هذه المؤسسات وليكن مقرها في أي دولة، إفريقية، ولكن قرار ليبيا كان حاسما في منع التدخل الأجنبي في شؤون القارة، وعدم الموافقة على منح موطئ قدم لقوات ( أفريكم ) على الأرض الإفريقية".

وزاد الأشهب "إن الطموح الليبي كان دائما من أجل قيام إتحاد إفريقي مقابل اتحاد أوروبي، وتحقيق حرية التنقل التجاري والبشري بين دول القارة، واعتماد عملة إفريقية واحدة، وسياسة خارجية ودفاعية واحدة، ولكن هذه الطموحات تصطدم بكثير من المعوقات الداخلية والخارجية".

وتابع الأشهب "انفضت القمة بالموافقة على بعض بنودها واتفقت على ترحيل البعض الآخر إلى قمة إفريقية قادمة" وأضاف "تتوالى القمم والمؤتمرات والاجتماعات، القارية ، والدولية بين الأفارقة فيما بينهم، أو بينهم وبين قارات أخرى، وفي هذه المرة بينهم وبين الأوروبيين الذين لم يكونوا من قبل ليجلسوا مع الأفارقة على طاولة واحدة، بل ليصدروا لهم الأوامر بالهاتف فيطيعون، أما الآن فلا مجال إلا للحديث المباشر وعلى أرضية المساواة بين الدول في سيادتها وكرامتها".

 وأضاف الأشهب "دعت ليبيا إلى قمة إفريقية أوروبية في طرابلس 2010م ، حضرها رؤساء دول ورؤساء حكومات أفارقة وأوروبيون كما حضرها سفراء ليبيا في هذه الدول ، حيث اعتبرت هذه القمة خطوة هامة في رسم معالم التعاون بين الاتحادين الإفريقي والأوروبي على أرض إفريقية وليست أرضا أوروبية كما أنها ليست بتعليمات وأوامر أوروبية والهدف هو بناء علاقات ندية تكاملية تسعى إلى تحقيق الاستقرار والعمل المشترك من أجل استغلال الإمكانيات وتحقيق التنمية لصالح الشعوب الإفريقية والأوروبية معا، وتشكيل لجان متابعة لمقررات هذا المؤتمر".

وأردف الأشهب "جهود مكثفة ومتواصلة تبذلها ليبيا في هذا المجال، ولا يخفى على أحد أن هذا العمل المضني والمثمر خلق شيئا من التنافس الذي أخذ يظهر لاحقا في مواقف بعض الدول التي تسعى لأن يكون لها الدور الأبرز في شؤون القارة وتحاول أن تكون هي الراعي لكل المبادرات والجهود التي تبذل في هذا المجال غير أن ليبيا لا تكترث لمثل هذه الأساليب فهي ماضية في تحقيق أهدافها".

وزاد الأشهب "حاول الرئيس التنزاني خلال توليه رئاسة الاتحاد الأفريقي أن يقوم ببعض الأعمال وعقد بعض الاجتماعات، ولكن قضايا إفريقية أخرى استعصت عليه وعلى فريقه تحقيقها، فرئاسة الاتحاد حسب اللوائح المنظمة لهذا الشأن هي رئاسة دورية بين الرؤساء الأفارقة لمدة سنة واحدة فقط، وهي تعتبر مدة قصيرة نسبيا، فقد لا يفلح الكثيرون في تحقيق أعمال كثيرة خلالها خاصة وأن هموم القارة ومشاغلها وأزماتها عديدة ومتشابكة وهي رهينة في كثير من الأحيان بين المصالح الخارجية وبين الصراعات المحلية ولهذا طلبت منه ليبيا الاستمرار في مهمته لعام آخر حتى يتمكن من تحقيق ما هو مؤمل منه".