قبل ثلاث سنوات، يتذكر الجميع مداخلة النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية المعارض آنذاك في المغرب، بسيمة الحقاوي، الوزيرة الحالية في حكومة عبد الاله بنكيران، التي هاجمت فيها بشدة مهرجان "موازين" بالقول إنه ينظم "في تحدّ سافر للدعوات المطالبة بإلغاءه أو على الأقل تأجيله"، على "أننا نحتاج للملايير التي صرفت فيه من أجل الشباب العاطل أو سد أفواه جائعة أو إرساء لوجستيك من أجل الديمقراطية".

بعد صعود حزب العدالة والتنمية إلى الحكومة نتيجة لحراك "20 فبراير" عام 2011، اختلفت نبرة الخطاب السياسي لقادة الحزب الإسلامي، الذين كانوا يهاجمون موازين، في وقت أطلق عدد من الشباب الناشط داخل الحراك العشريني، يتقدمهم أعضاء من شبيبة العدالة والتنمية وجماعة العدل والإحسان، في العام ذاته ما أسموه "الحملة الوطنية للمطالبة بإلغاء مهرجان موازين".

التراجع والخفوت

دخول حزب العدالة والتنمية للحكومة وانسحاب جماعة الراحل عبد السلام ياسين من حراك "20 فبراير"، ما يعنيه انسحاب الغطاء السياسي وتراجع الكم العددي الرافض لـ"موازين"، جعل "المناهضين" أمام مأزق الاستمرار وفاعلية البرنامج النضالي، الذي كان يتبنى تنظيم وقفات احتجاجية، غالبا ما يتم منعها أو تفريقها، وبيانات وندوات صحفية، حيث نظم عشرات فقط (كلهم من منظمة التجديد الطلابي وبرلماني عن حزب "المصباح") وقفة أمام البرلمان العام الماضي، انتهت بمنعها وتوقيف 4 أفراد.

إطلالة لامحة على صفحة "الحملة الوطنية للمطالبة بإلغاء مهرجان موازين" بموقع "فيسبوك"، والتي ضمت أزيد من 54 ألف مُعجب(ة)، تعطي الانطباع بتراجع برنامج "المناهضة"، حيث لم تبعث الصفحة بأي تدوينة منذ 29 شتنبر 2013، وهو ما آذن بإعلان إغلاق "صفحة" مناهضة مهرجان موازين الاحتجاجية هذا العام، ليتيح تنظيم دورته الـ13 دون أي ازعاج.

عبد الرحيم بلشقر، أحد الداعين إلى "مناهضة" موازين، قال لـ"هسبريس" إن الاحتجاجات ضد المهرجان عرفت ذروتها سنة 2011 تزامنا مع الحراك الشعبي لـ20 فبراير، "التقت إرادة المناهضين للفساد والاستبداد في الاحتجاج ضده مُستثمرة غليان الشارع ضد هشاشة الاوضاع الاجتماعية واستشراء الفساد"، إلا أن هذا الصوت الاحتجاجي، يضيف بلشقر، خفت تدريجيا "بعد وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة".

ويلفت المتحدث الانتباه إلى أن السياقات التي ساهمت في تأجيج الاحتجاج على الفساد والاستبداد "تغيرت" حاليا، مشيرا إلى أن جل الأطراف التي كانت تخرج للشارع ضد "موازين" "لازالت تؤكد موقفها الثابت في مناهضته إلا أنها لم تُفعّل في دورة 2014، بداعي أن المعركة أفقية مع الفساد والاستبداد"، مضيفا "نجاح المعركة سيكون نهاية لمظاهر التحكم الذي يعد مهرجان موازين أحد أبرز مظاهره".

بسيمة تهاجم.. ثم بوانو يتراجع

كانت خرجة القيادية في حزب "المصباح" بسيمة الحقاوي، في البرلمان عام 2011، بمثابة المحفز السياسي الذي دعم احتجاجات الشباب ضد "موازين" في الشارع، خاصة حين انتقدت بشدة منح مليار و200 درهم لمن أسمتها "راقصة ساقطة"، في إشارة إلى المغنية العالمية شاكيرا، التي اختتم بها المهرجان عام 2011، واصفة عرضها بـ"البرنوغرافي" و"المحرض على الإباحية" و"يضرب للقيمة القيمية للمغاربة" و"افتضاض لكرامة المرأة.. التي حولتها الراقصة إلى المرأة الجنس".

قبيل انطلاق الدورة الـ12 من المهرجان عام 2013، بدا موقف عبد الله بوانو، رئيس الفريق البرلماني للـPJD، أثناء حوار تلفزي بثّ على القناة الأولى، مختلفا عن مواقف أيام المعارضة، ليعترف أن المهرجان له جمهوره وأن المغاربة لهم أذواقهم الفنية والمختلفة ويكفي فقط احترام الخصوصية المغربية، على حد قوله.

وأوضح بوانو حينها أن استمرار تنظيم موازين كل سنة، واستقطاب عدد كبير من الجمهور، "عنوان أنه ليس هناك أزمة في المغرب"، إلا أن التناقض كان باديا على رئيس الفريق البرلماني لقائد الائتلاف الحكومي، حين صرح بأن الحزب "ليس ضد أو مع موزاين" والقول في المقابل "لا زلنا على مواقفنا السابقة.. ضد التمويل والتوقيت وبعض الفقرات"، قبل أن يختم مواقفه المتعدد بالقول "لا يمكن أن نكون ضد حرية الإبداع والفن".

 

*نقلا عن هسبريس