أثار تأسيس رابطة علماء المغرب العربي، قبل أيام خلت، نقاشا بخصوص مرامي ولادة هذه الرابطة، حيث اعتبر البعض أن إنشاء هذا الإطار يأتي في سياق رغبة دعاة وعلماء الدين ببلدان المغرب العربي ، في ضمان موطئ قدم لهم على المستوى الإقليمي، بعد انحسار أدوارهم بسبب السياسات الرسمية في بلدانهم.

وبالمقابل ذهب آخرون إلى أن إنشاء "رابطة علماء المغرب العربي" يعزى أساسا إلى "فقدان الثقة في الهيئات القائمة التي يقودها علماء دين مشارقة معروفون"، بينما يؤكد مؤسسون للرابطة بأن تأسيس هذا التجمع له "دوافع ذاتية محضة وذات استقلالية كبيرة".

الكنبوري: سياقات ودلالات التأسيس

وبالنسبة للباحث في الشأن الديني، إدريس الكنبوري، فإن تأسيس هذه الرابطة في هذه الظروف الراهنة "لا بد من ربطه بما يجري على الساحة المغاربية من تحولات سياسية أصبحت تلفت أنظار العالم كله إلى هذه الناحية من العالم العربي".

ولفت الكنبوري، في تصريحات لهسبريس، إلى تنامي الجماعات الجهادية المسلحة التي تنسب نفسها إلى تيار السلفية الجهادية، مما حول المنطقة إلى بؤرة اهتمام دولي"، مؤكدا أنها "ستتحول إلى نقطة ارتكاز للتيارات السلفية الجهادية في مرحلة ما بعد إنهاء الملف السوري".

وتابع المتحدث بأن الرابطة تسعى لأن تكون إطارا لنشر قيم الاعتدال ومكافحة التطرف الديني السلفي، خاصة أن تضم أشخاصا مروا من الفكر الجهادي التكفيري، ولديهم تجربة مع نفس الأفكار التي يحملها شباب التيار الجهادي اليوم في المنطقة، بالرغم من محدودية أدوارهم بسبب المآخذ التي كونها التيار الجهادي عن أولئك الذين قطعوا مع ذلك الفكر".

وسجل الباحث بأنه "لأول مرة يتم إنشاء رابطة لعلماء المغرب العربي، عازيا ذلك إلى ما سماه "فقدان الثقة في الهيئات العلمية القائمة التي يقودها مشارقة، منذ استقالة العالم الموريتاني بن بية عن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه يوسف القرضاوي، بسبب الاختلاف داخل الاتحاد حول طريقة التعامل المشتركة مع الإخوان المسلمين في مصر بعد التحولات التي حصلت".

واستطرد الكنبوري بأن "هناك إدراك من جانب أصحاب المبادرة لخصوصية المنطقة المغاربية في السنوات الأخيرة، من حيث إنها أصبحت مصدرا للمقاتلين الجهاديين المتوجهين إلى مختلف بؤر الصراع في العالم، منها منطقة القتال في سوريا".

وخلص المحلل إلى أن تأسيس الرابطة يفيد أن هناك شعورا بضرورة إفراز هيئة علمية مستقلة ذات طابع مغاربي أكثر قربا من المشكلات التي تعيشها البلدان المغاربية"، مبرزا أن هذا يعني أن المشكلات ذات الطابع الديني في العالم العربي ستصبح أكثر محلية، في ظل الانقسامات الكبرى التي يعيشها".

أبو حفص: استقلالية ودوافع ذاتية

التحليلات التي ظهرت بخصوص محاولة دعاة وعلماء مغاربة البحث لهم عن موطئ قدم بحسابات إقليمية بالنظر إلى "حصارهم" من طرف السياسية الدينية الرسمية في البلاد، نفاها محمد رفيقي أبو حفص، عضو الأمانة العامة لرابطة علماء المغرب العربي، واعتبرها تحليلات "لا علاقة لها بالواقع".

وقال أبو حفص، في تصريحات لهسبريس، إن "علاقتنا بالجهات الرسمية تتجه من حسن لأحسن، وانفتاحها علينا أصبح واضحا، ولم نستحضر هذا البعد أبدا ونحن نؤسس الرابطة".

وتابع أبو حفص بالقول "استحضرنا البعد الوحدوي وحاجة المنطقة المغاربية لمثل هذا الإطار العلمي، بل سنحرص على نسج العلاقات الطيبة مع مختلف الهيئات الرسمية منها وغير الرسمية".

وبخصوص توقيت إنشاء رابطة علماء المغرب العربي، أفاد المتحدث بأن "الوقت ليس له دلالة معينة بحكم أن الفكرة بدأت قبل أكثر من سنتين، والاستعدادات قائمة لها منذ مدة، ولم يكتب لها الولادة إلا في هذا الوقت".

وأكد أبو حفص سعي الرابطة إلى فتح مكاتب داخل دول المغرب العربي، مبرزا أنه "لا يمكن الحديث عن مضايقات أو رغبة في التنفيس، بل كثير من أعضاء الرابطة هم أعضاء بالمجالس العلمية ونشطاء بها"، قبل أن يجزم بالقول "دوافعنا ذاتية محضة ولنا استقلالية كبيرة".

 

*نقلا عن هسبريس