تستعد ألمانيا لعقد مؤتمر دوليً حول ليبيا بهدف إخراجها من دائرة الصراع الدولي، وتحديدا بين باريس وروما، وإيجاد الحلول الجذرية لإنهاء الأزمة والاتفاق على تسوية سياسية بين الأطراف الفاعلة ،وذلك بعد فشل المبادرات العربية ومقترحات الأمم المتحدة.
وأعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأربعاء أن بلادها ستقوم بدورها لتجنب نشوب حرب بالوكالة في ليبيا محذرة من أن الوضع هناك ينذر بزعزعة استقرار أفريقيا بأسرها.
وقالت في كلمة أمام البرلمان الألماني "هناك وضع يتطور في ليبيا وقد يتخذ أبعادا مثل التي شهدناها في سوريا.. ومن الضروري أن نبذل كل ما بوسعنا لضمان عدم تصعيد الوضع إلى حرب بالوكالة وستقوم ألمانيا بدورها". وأضافت "إذا لم تستقر الأوضاع في ليبيا فإن استقرار المنطقة الأفريقية بأسرها سيتزعزع".
من جهته،أعلن سفير ألمانيا بالعاصمة الليبية طرابلس، أوليفر أوفتشا، أن برلين تبذل جهدا لتنظيم لقاء دولي حول ليبيا قبل نهاية العام الجاري بهدف إعادة الوضع في هذا البلد إلى استقراره.
وقال السفير في تغريدة نشرها على حسابه في "توتير": "ألمانيا تشعر بالقلق حيال الوضع في ليبيا، وتشارك الكثيرين في ضرورة بذل جهود جديدة لتحقيق الاستقرار في ليبيا".
وتابع الدبلوماسي أن بلاده أجرت عملية تشاور "مع الشركاء الدوليين الرئيسيين"، وذلك "استنادا إلى الخطة المكونة من 3 خطوات قدمها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، غسان سلامة، لمجلس الأمن".
وأعرب السفير الألماني عن قناعته بأن تؤدي هذه الجهود، بفضل "العمل التحضيري الكافي"، إلى "حدث دولي ذي مغزى في فصل الخريف الحالي".
ومن المبرمج أن يعمل هذا المؤتمر على حث الأطراف الخارجية على تطبيق حظر السلاح، وبذل جهود لوقف إطلاق النار، وتهيئة الظروف لاحقا لاجتماع فرقاء الأزمة الليبية.
جدير بالذكر أن ليبيا تمر منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي عام 2011 بتدخل مباشر من حلف الناتو، بأزمات مستفحلة وانقسام حاد، كما تشهد مناطق غرب البلاد منذ الرابع من أفريل الماضي عمليات عسكرية واشتباكات عنيفة على تخوم العاصمة وفي أطرافها بين الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر وقوات حكومة الوفاق الوطني المتحالفة مع الميليشيات.
وقادت عدة دول غربية مفاوضات ووساطات من اجل حل الازمة الليبية فيحين بقيت جامعة الدول العربية عاجزة عن تحقيق أي اختراق في الملف الليبي وأصبحت مجرد شاهد على العصر وفق وصف تقارير اعلامية.
و سبق أن فشلت الحكومة الألمانية في التوسط في نزاع فرنسا مع بروكسل من أجل التوصل إلى سياسة واضحة تجاه ليبيا.
في هذا الإطار،قال منسق العلاقات العربية الألمانية في البرلمان الألماني، عبد المسيح الشامي، إن "الدور الحيادي لألمانيا يعطيها ميزة عند الفرقاء الليبيين في حال قيامها بالوساطة".
وأعرب الشامي، في تصريحات لراديو "سبوتنيك"، عن اعتقاده بأن المؤتمر الذي دعت إليه ألمانيا تم التحضير له جيدا مع الأطراف المعنية، مشيرا إلى أن فرص نجاحه كبيرة، بالرغم من محاولات دول مثل وأمريكا وفرنسا لمنع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى ومنها ألمانيا من لعب دور مهم في ليبيا.
ولفت الشامي إلى أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل كانت حريصة منذ عدة سنوات على الدخول في مباحثات مع أطراف لها تأثير في ليبيا مثل مصر لحل الأزمة.
في نفس السياق،يرى مراقبون أن دخول ألمانيا على خط الأزمة في هذا التوقيت مردّه أن حكومة برلين على يقين بأن استمرار تدهور الأوضاع في ليبيا يمثل قنبلة موقوتة لها في ملف الهجرة غير النظامية والذي يؤرقها كثيرا، وترى أن أي خطوات أمنية تتخذها في الداخل لن تنهي تماما أزمة الهجرة، طالما هناك مناطق تعم فيها الفوضى ويتسرب منها مهاجرون إلى أوروبا.