على الرغم من طغيان الصراعات الدائرة في أجزاء أخرى من العالم ، فإن الحرب الأهلية في ليبيا لا تزال قوية. وعلى غرار العديد من هذه الصراعات في البلدان الهامشية منذ الحرب العالمية الثانية، يستمر الصراع في جزء ليس بالصغير بسبب تدخلات قوى خارجية.

الصراع هو قضية متعددة الأوجه ومتعددة الجبهات بين مجموعة من الجهات الفاعلة بدءا من الميليشيات القبلية والميليشيات الطائفية وفصل داعش المحلي وميليشيات مرتبطة بالقوات المسلحة السابقة للقذافي وأجهزة الاستخبارات وما إلى ذلك. لكن الفصيلين الرئيسيين هما طبرق في الشرق، والتي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي بقيادة الجنرال خليفة حفتر، الضابط السابق في جيش القذافي ، وحكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقرا لها في الغرب.

باختصار حكومة الوفاق تحظى بدعم الأمم المتحدة والغرب، لكن سلطتها وقوتها العسكرية في البلاد غير موجودة إلى حد ما، في حين أن الجيش الوطني الليبي التابع لحفتر المدعوم من موسكو، يسيطر على أغلبية الموارد النفطية في البلاد وهو عسكريا أقوى فصيل في الحرب الأهلية.

على خلاف الوضع في سوريا، هناك طريقة لحل الصراع إذا كان المجتمع الدولي، وخاصة أوروبا، على استعداد لتقديم تنازلات صعبة معينة. حكومة الوفاق كان لديها ما لم يكن لأي فصيل آخر في الصراع: الشرعية القانونية الدولية.

ولكن هذا الشهر ، كانت تلك الشرعية مثار شكوك. وقد تم تشكيل حكومة الوفاق برعاية الأمم المتحدة بوكالة للتوفيق بين الأطراف المتحاربة في الصراع الليبي. والأهم من ذلك أن تلك الوكالة كان من المنصوص أن تستغرق في الأصل مدة سنة واحدة، ولا يمكن تمديدها إلا سنة أخرى. وهذا الشهر، انقضى العامان

الدولة الموازية

وقد أشار الجنرال حفتر بالفعل إلى أن ولاية حكومة الوفاق قد انقضت، وأنه بالتالي ليس لها أي وضع قانوني أفضل من أي طرف آخر متحارب في الحرب الأهلية.

وبذلك فهو يحث مؤيدي حكومة الوفاق على الالتفاف حوله وحول الدولة الموازية في طبرق التي كان يبنيها على مدى السنوات القليلة الماضية، حيث أن السلطة على الأرجح قادرة على إعادة توحيد البلاد، وتهدئة الميليشيات القبلية والطائفية، وطرد داعش من ليبيا.

المشكلة هي، أن لديه هدف. كل الحقائق على الأرض تبدو أنها تؤكد أنه إذا كان هناك أي شخص يمكنه أن يفرض النظام والسلام في ليبيا، فإنه هو. وبغض النظر عن حقيقة أن هناك فرصة في أن يصبح دكتاتورا عسكريا في قالب السيسي في مصر، إن لم يكن متطرفا تماما مثل القذافي، وبغض النظر عن كونه متحالفا مع بوتين، تبقى حقيقة الأمر أنه أفضل فرصة للسلام في ليبيا.

لذا، فإن الغرب يواجه الآن معضلة: هل يواصل دعم حكومة الوفاق خارج نطاق تفويض الأمم المتحدة ويطيل أمد الحرب الأهلية، ومعها، يتدفق اللاجئون عبر ليبيا؟ أم أنه - الغرب - يتنازل ويمنح ليبيا لحفتر ويخاطر عبر إعطاء بوتين حليفا قويا آخر على الحدود الأوروبية؟

حفتر، من جانبه، اقترح أنه سيوقف تدفق اللاجئين إلى أوروبا إذا ما سيطر على السواحل غرب ليبيا. وهذا يمكن أن يشجع أوروبا على الأقل. ومن غير المرجح أن تغير الولايات المتحدة موقفها، ولكن أوروبا يمكن أن تنقلب بسهولة نحو دعم حفتر.

السؤال الأخلاقي

إن المسائل الأخلاقية حول مثل هذا القرار صعبة بما فيه الكفاية. نحن لا نعرف تماما أي نوع من الزعماء سيكون حفتر إذا ما تمكن من ليبيا. لكن ألن يكون قذافي أو دكتاتورية عسكرية أفضل من الحرب الأهلية الجارية، بالنسبة للشعب الليبي؟ ناهيك عن حقيقة أنه نحن في الغرب من سيرد في نهاية المطاف على هذا السؤال، وليس الليبيين أنفسهم.

ولكن فيما يتعلق بأوروبا، فإن الجغرافيا السياسية لهذا الأمر قد تكون أكثر وضوحا بكثير. إن التحرك بسرعة وبحسم خلف حفتر يمكن أن يساعد في إنهاء الحرب الأهلية وتأمين الحدود البحرية الليبية من تدفقات اللاجئين.

وإذا تم القيام بذلك بشكل جيد، فإن من شأنه أن ينتشل حفتر من مجال نفوذ بوتين، إذا مُنِحت إدارته (حفتر) الليبية الجديدة الدعم المناسب والوصول إلى أسواق الطاقة في أوروبا. ويبقى علينا أن ننتظر لنرى ما إذا كان قادة أوروبا سينتهزون هذه الفرصة بالسرعة نفسها التي تحركوا بها لقصف ليبيا خلال انتفاضة الربيع العربي ضد القذافي.

 

*بقلم عظيم إبراهيم ، وهو زميل أول في مركز السياسة العالمية ، و أستاذ باحث في معهد الدراسات الاستراتيجية. حصل على درجة الدكتوراه من جامعة كامبريدج وعمل خبيرا في الأمن الدولي في كلية كينيدي.

التقى ونصح العديد من قادة العالم بشأن وضع السياسات، وصُنف من بين أفضل 100 مفكر عالمي من قبل هيئة أوروبية في عام 2010 واختير قائدا عالميا شابا من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي.

**بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات المترجمة