رغم استجابة الجيش الوطني الليبي لدعوة بعثة الأمم المتحدة، ودول غربية وعربية الأسبوع الماضي بالوقف الفوري لاطلاق النار وانهاء العمليات العسكرية "لأغراض إنسانية"، قصد مواجهة فيروس (كورونا) المستجد،الذي ينشر الرعب والهلع في العالم منذ أسابيع،فقد واصلت القوات الموالية لحكومة الوفاق هجماتها الاستفزازية ما يهدد بعودة الاشتباكات بوتيرة قد تكون أشد وأعنف.

ففي تطور خطير،شنت القوات الموالية لحكومة الوفاق هجوما مفاجئا على قاعدة الوطية العسكرية  في محاولة لاستغلال الهدنة الانسانية،جراء الوضع الصحي في البلاد والمخاوف من تفشي فايروس كورونا،وذلك بهدف تحقيق تقدم في المعارك ضد الجيش الوطني الليبي بعد أن فشلت في تحقيقه طوال الأشهر الماضية. 

وكشف آمر غرفة العمليات المشتركة التابعة لقوات الوفاق أسامة الجويلي، عن انطلاق عملية "عاصفة السلام" للسيطرة على قاعدة الوطية الجوية.ونقل المكتب الإعلامي لعملية بركان الغضب، عن جويلي قوله "خلال عملية "عاصفة السلام" قبضت قواتنا على عدد من عناصر "الميليشيات الإرهابية" بينهم مرتزقة أجانب، والعملية تأتي ردا على القصف المتواصل لأحياء العاصمة طرابلس والنقض المتكرر لوقف إطلاق النار"، على حد قوله.






لكن هذا الهجوم الجديد كان مآله الفشل كغيره من الهجمات التي شنتها قوات الوفاق ومرتزقة أردوغان خلال الأيام الماضية.وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، "قواتنا تصد هجوم كبير لمرتزقة اردوغان وميليشيات التنظيمات الإرهابية على قاعدة الوطية، وتدحرهم وتكبدهم خسائر كبيرة هذه هي الميليشيات لاتعترف بهدنه ولااتفاقيات ولا أوضاع إنسانية"، بحسب تعبيره.

وأكد مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الليبي خالد المحجوب،في تصريح لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية"، أن قوات الجيش الليبي تمكنت من صد هجوم على قاعدة الوطية الجوية.فيما قال آمر المنطقة العسكرية الغربية اللواء إدريس مادي،في رسالة نشرتها الكتيبة 134 مشاة لحماية وتأمين قاعدة الوطية الجوية عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك،أن المليشيات المؤدلجة وعلى رأسها "الداعشي محمد التمتام" باستغلال الوضع الصحي في ليبيا بالهجوم على قاعدة الوطية، ولكن الوحدات امتصت الصدمة الأولى المفاجئة وتحولت من الدفاع للهجوم ودحرت المليشيات باتجاه شمال غرب القاعدة".

وحول تفاصيل الهجوم الأخير،قال آمر المنطقة العسكرية الزاوية اللواء عبدالله نور الدين الهمالي، في تصريح لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية"،"إن مجموعات تتبع لأسامة الجويلي مدعومة بقوات من عناصر المرتزقة التشادية قامت صباح اليوم الأربعاء، بشن هجوم مباغت على قاعدة الوطيه الجوية"، على حد قوله.

وتابع الهمالي، "على الفور تحركت قوات الجيش الليبي وصدت الهجوم المباغت ودحرت هذه المجموعات المعتدية إلى مسافة 20 كيلو متر باتجاه شمال غرب القاعدة، كما تمكنت قوات الجيش الليبي من أسر مجموعات من هؤلاء المرتزقة وتدمير وإعطاب آلياتهم وغنم سياراتهم"، بحسب تعبيره.وأكد الهمالي في ختام تصريحه، على أن جميع الأوضاع الأمنية والعسكرية في قاعدة الوطية الجويه وماجاورها تحت السيطرة، مشيرا إلى أن الوضع مستقر وأمن.






وتقول مصادر ليبية مختلفة إن الجيش تمكن من تكبيد الميليشيات خسائر فادحة وأسر مقاتلين شاركوا في الهجوم على القاعدة الجوية الواقعة غرب طرابلس.وقالت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش إن مقاتلات سلاح الجو أفشلت الهجوم الغادر على قاعدة الوطية العسكرية "ما كلف العدو خسائر كبيرة في العتاد والأرواح". كما أعلنت عن أن الجيش "أسر 7 مسلحين من المرتزقة وغنم عددا من الآليات العسكرية المحملة بالأسلحة والذخائر".

وتعد قاعدة الوطية استراتيجية نظرا لموقعها الجغرافي، حيث تقع في المنطقة الغربية، جنوب العجيلات، وهي قريبة من المراكز الحيوية في البلاد منها العديد من المرافق النفطية، إلى جانب قربها من الحدود التونسية (80 كلم). وتملك هذه القاعدة قدرة كبيرة على استيعاب الآلاف من العسكريين، نظرا لبنيتها القوية، مكنتها من لعب دور هام في المعارك التي يخوضها الجيش الليبي منذ بدء عملياته العسكرية في محيط العاصمة طرابلس في الرابع من أبريل الماضي.

وأكد الباحث في الشؤون الاستراتيجية فرج زيدان، أن صد قوات الجيش الليبي للهجوم المباغت الذي تعرضت له قاعدة الوطيه الجوية،يُشكل ضربة قاسمة للميلشيات وهزيمة معنوية مدوية بالنسبة لهم.واعتبر زيدان،أن إفشال مخطط قديم تمَّ الإعداد له منذ فترة على قاعدة الوطية،يؤكد قرب انهيار الميلشيات في طرابلس.

وتسائل زيدان عن رأي بعثة الأمم المتحدة في الهجوم الأخير وسر صمتها الذي يؤكد انحيازها لجماعة "الإخوان المسلمين" والميليشيات.وقال زيدان أين بعثة الأمم المتحدة ورئيستها بالإنابة المدعوة ستيفني وليامز المنحازة للإخوان المسلمين والميليشيات من هذا العمل الإرهابي الفاشل؟ ولماذا هي صامتة إلى حد الآن بخلاف ما عودتنا من سرعة الإعراب عن قلقها من تقدمات الجيش؟ ألا يعتبر هذا العمل خرق خطير للهدنة المزعومة؟"، على حد وصفه.

واعتبر الناطق الرسمي باسم القيادة العامة، اللواء أحمد المسماري، اليوم الأربعاء، ما وصفه بـ"المحاولة الفاشلة لاحتلال قاعدة الوطية" من قبل القوات التابعة لحكومة الوفاق "خرقًا للهدنة الإنسانية الخاصة بفيروس كورونا المستجد".وقال المسماري في إيجاز صحفي مسجل، إن الهدنة الإنسانية "لم تدخل حيز التنفيذ أبدًا لاستمرار خرقها" من قبل قوات حكومة الوفاق.

وأوضح الناطق أن الهجوم على قاعدة الوطية يأتي ضمن مخططات القوات التابعة لحكومة الوفاق، التي هدفت إلى "ضرب أحد مواقع قوات القيادة العامة الفعالة، سواء في شرق مصراتة أو في ترهونة أو دحر بعض المحاور في طرابلس".وأشار المسماري إلى أن الأيام الثلاثة الماضية شهدت تعزيز محاور شرق مصراتة، خاصة المحور البحري بعناصر تشادية، ومحور النهر في أبوقرين بعناصر سورية، وتعزيز المدفعية التركية بهوائيات للتشويش والتنصت وتسيير الطائرات المسيرة، إلى جانب وجود انتشار واسع للقوات التابعة لحكومة الوفاق جنوب زليتن ومسلاتة بالقرب من معسكر الدفاع الجوي في الخمس في عدة مواقع للتجهيز لمهاجمة ترهونة.

ولفت إلى نقل ما تبقى من مجموعات ما يسمى بـ"شورى بنغازي" المتواجدين في محور عين زارة وكذلك مجموعة "داعش" إلى محور طريق المطار، إلى جانب وجود تحشيد في مناطق الزاوية وبوعيسى وزوارة، بهدف الهجوم على قاعدة الوطية، بالتزامن مع الهجوم على محاور قوات القيادة العامة بمحاور طرابلس.وقال المسماري إن قوات القيادة العامة تمكنت من "صد الهجوم ودحر المهاجمين، فيما تتم الآن عمليات المطاردة على بعد 20 كيلو مترًا من قاعدة الوطية.





ويأتي الهجوم على القاعدة بعد محاولات تقدم فاشلة للمليشيات والمرتزقة الموالين لتركيا.كان الجيش الليبي قد أعلن مساء الثلاثاء، أن قواته أسقطت طائرة تركية مسيرة، حاولت الإغارة على وحداته العسكرية المتمركزة في الجفرة، جنوب البلاد.وتجدّدت الاشتباكات المسلحة بين القوات المسلحة الليبية والقوات التابعة لحكومة الوفاق في المحاور الجنوبية للعاصمة طرابلس، طوال يوم الثلاثاء.

وشهدت محاور صلاح الدين وعين زارة مواجهات عنيفة بين الطرفين استخدمت فيها المدفعية الثقيلة، حيث أكد الجيش في بياناته، أنه يتقدم بشكل كبير في محور عين زارة بعد انهيار قوات الوفاق وتراجعها إلى الوراء، وسط أنباء عن خروج السجناء من سجن الرويمي، بعد اقتراب الاشتباكات منه وسقوط قذائف في محيطه.

وأظهر مقطع فيديو نشره الجيش الليبي، الثلاثاء، عن أسر مقاتل من المرتزقة السوريين الذين أرسلهم أردوغان للقتال مع الميليشيات ضد الجيش. وقال المقاتل إنه تلقى 2000 دولار مقابل قتاله إلى جانب الميليشيات.واعترف الأسير السوري، أنه ظل ملقى على الأرض لمدة 12 يوما بعد إصابته، ولم يتم إسعافه من طرف قوات الوفاق.

ويتلقى مرتزقة اردوغان في ليبيا ضربات موجعة بشكل متكرر،حيث أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، ارتفاع حصيلة قتلى عناصر الفصائل الموالية لأنقرة "مرتزقة أردوغان" في معارك ضد الجيش الليبي بمناطق ليبية عدة، إلى 151 قتيلا.وقال المرصد، "لقي 8 مقاتلين مصرعهم خلال الأيام القليلة الفائتة، وبعضهم جرى نقله إلى الأراضي السورية ودفنه ضمن مناطق نفوذ فصائل "درع الفرات" بالريف الحلبي، وبذلك، بلغت حصيلة القتلى في صفوف الفصائل الموالية لتركيا جراء العمليات العسكرية في ليبيا 151 مقاتل.

يذكر أن المرصد السوري لحقوق الإنسان، كشف الأسبوع الماضي عن سقوط مزيد من القتلى في صفوف الفصائل السورية الموالية لتركيا،مشيرا إلى أن تركيا خفضت رواتب هؤلاء المقاتلين بعد تكاثر أعدادهم، وتجاوزهم الحد المطلوب.ورصد المرصد ارتفاع أعداد المجندين الذين وصلوا إلى العاصمة الليبية "طرابلس" حتى الآن إلى نحو 4750 "مرتزق"، في حين أن عدد المجندين الذي وصلوا المعسكرات التركية لتلقي التدريب بلغ نحو 1900 مجند.





وتأتي الهجمات المتكررة للمليشيات ومرتزقة أردوغان على الرغم من الدعوات الأممية لوقف إطلاق النار ليتسنى مكافحة تفشي فايروس كورونا.حثت الأمم المتحدة ودول عديدة بشكل فردي جانبي الصراع على قبول هدنة للسماح لليبيا بالتركيز على الاستعداد لمواجهة فايروس كورونا. ورحب الجيش الوطني وحكومة الوفاق بفكرة وقف إطلاق النار لكن المعارك اندلعت مجددا بعد ذلك.

وسجلت طرابلس أول حالة اصابة بفيروس كورونا،وسط مخاوف من انتشاره في ظل تدفق المرتزقة.وبحسب صحيفة "العرب" اللندنية،قالت مصادر ليبية إن هناك حالات عديدة مصابة بفايروس كورونا وسط الميليشيات جراء اختلاطهم بالمسلحين الذين أرسلهم الرئيس التركي للقتال ضد الجيش الليبي في محاور العاصمة طرابلس.وتضيف هذه المصادر أن هناك شكوكا واضحة بشأن عملية الإعلان عن وجود إصابة واحدة في ليبيا خاصة في ظل استمرار إرسال النظام التركي لمرتزقته إلى ليبيا مستغلا انشغال العالم بمكافحة المرض.

وأضافت الصحيفة،أنه كان هناك اعتقاد واسع بين الليبيين بأن الحرب الدائرة في البلاد والتي تسببت في إغلاق مطارات ومعابر حدودية، ساهمت في تأخير وصول الفايروس إلى ليبيا، لكن رحلات المرتزقة القادمة من تركيا قد عززت المخاوف من تفشي الفايروس. ويبدو أن هذا الأمر هو الذي عجل بوصول الوباء خاصة في ظل تحذيرات من مغبة الاستمرار في إرسال المرتزقة من تركيا إلى طرابلس. وسجلت تركيا 44 حالة وفاة بسبب الفايروس وإصابة 1872 حتى الآن.

وينذر تصعيد القتال بكارثة للمنظومة الصحية المتضررة بالفعل في ليبيا، خلال التعامل مع فيروس كورونا.وأكدت ممثلة منظمة الصحة العالمية في ليبيا إليزابيث هوف،في وقت سابق أن ليبيا في خطر أكبر لأن نظام الصحة فيه ضعيف ومفكك بسبب الصراع"، بحسب ما نقتله وكالة رويترز.وأشارت الى إن "الأجهزة، كأجهزة التنفس وما إلى ذلك، ناقصة في العديد من المستشفيات. هناك نقص في الأطباء والممرضات في البلدات وفي الريف".وأضافت إن ما تعانيه ليبيا في القطاع الصحي، بسبب الانقسام السياسي، ولا تملك الوسائل لفرض إجراءات مكافحة لمنع انتشار الفيروس.