توصّلت فرنسا وإيطاليا إلى إبرام اتفاق سياسي بينهما يخص توحيد تحركاتهما في الأزمة الليبية واتفقتا على عقد اجتماع في الأمم المتحدة، الخميس، وتترأسانه بالشراكة بينهما دون أسبقية لأي طرف منهما ودون تشريك أطراف النزاع الليبي فيه.

وأعلنت فرنسا وإيطاليا استعدادهما لعقد اجتماع الخميس في الأمم المتحدة تزامنا مع استعداد برلين لاستضافة اجتماع دولي يخص ليبيا في شهر أكتوبر وذلك في وقت تستمر فيه المعارك المسلحة في ضواحي العاصمة الليبية طرابلس.

وسيرأس الاجتماع وزير الخارجية الفرنسي ونظيره الإيطالي، وسيضمّ أيضًا الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن الدولي، وألمانيا والإمارات ومصر وتركيا بالإضافة إلى المنظمات الإقليمية الممثلة للاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية.

وسيكون هذا الاجتماع الأوروبي في الأمم المتحدة، وفق وزير الخارجيّة الفرنسي جان إيف لودريان، بمثابة خطوة للدفع نحو تنظيم مؤتمر دولي لإنهاء الصراعات السياسية والعسكرية داخل ليبيا.

وأظهرت فرنسا مؤخرًا اهتمامًا مُتزايدًا بالملف الليبي، خاصة بعد الإعلان عن مؤتمر برلين الدولي حول ليبيا والمُزمع عقده في تشرين ثان/نوفمبر المُقبل، بعد أن دعت له الدول السبع الكبار في ختام اجتماعها السنوي الأخير.

وأعقب الدعوة لـمؤتمر برلين الدولي حراك متسارع الوتيرة على المستويين المحلي والدولي، أعاد سباق روما و باريس على الملف الليبي إلى الواجهة، في الوقت التي تسعى فيه ألمانيا إلى توحيد الرؤى الدولية بشأن أزمة البلاد التي تفاقمت بشكل كبير مؤخرًا إثر الحرب المُشتعلة في طرابلس.

وتدخل برلين هذه المرة، على خط المؤتمرات الدولية لحل الأزمة الليبية؛ فهي تراهن على إنجاح مؤتمرها الدولي حول ليبيا معولة على دعم أميركي وعجز أطراف الأزمة عن حسم الصراع عسكريًا، لتتوجه الأنظار نحو التحرك الدبلوماسي الحاصل على أكثر من مستوى لضمان نجاح مؤتمر برلين باستضافة وفود دبلوماسية تمثل دول فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة والصين وتركيا ومصر والإمارات لوضع الخطوط العريضة لرؤوس الموضوعات التي ستتم مناقشتها في مؤتمر برلين ولصياغة رؤية محددة ووضع البنود المهمة أمام قادة الدول.

في ذات السياق،قال فتحي المجبري، عضو المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق الليبي ( الذي علق عضويته في وقت سابق حتى الآن)، إن الدعوة الألمانية تختلف عن الدعوات السابقة كونها دعت لاجتماع الأطراف المعنية بالأزمة الليبية، وأعضاء المجتمع الدولي.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ "سبوتنيك"،الخميس، أن الليبيين غير مدعوين للاجتماع، وأن هذا التعاطي يتعامل مع التنافس الدولي والإقليمي مع ليبيا، وأن الآمال الليبية تعقد على أن يخلص المؤتمر لمنع التدخلات السلبية في الأزمة الليبية.

من ناحيته، قال القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا، عثمان بركة، إن المجتمع الدولي لم يرتق إلى مستوى المسؤولية بعد، خاصة في دعوة الدول الداعمة للإرهاب في ليبيا إلى هذه المؤتمرات.

وأضاف بركة في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، الخميس، أن أي اتفاق لا تكون مصر أحد أطرافه الرئيسية لن يكون ذات جدية وأهمية، كما يتطلب ذلك اتفاق الأطراف الليبية على أية مخرجات وإلا لن تكون ذات جدوى.

ويرى عثمان أن القضية الأهم هي إخراج الدول الداعمة للإرهاب من المشهد، ووقف دعمهم للجماعات الإرهابية، وأن ذلك ينعكس على الجماعات في ليبيا، ويؤدي إلى خروجها من المشهد.

وشدد على أن أي توافق دولي لا بد أن يحظى بالتوافق الداخلي، وإلا سيقاوم حال محاولة فرضه بالقوة.

من جانب آخر،يرى مراقبون أن التقارب الدولي المرتقب سيكون غير جاد في السير إلى خلق حل لمشاكل ليبيا سواء السياسية أو العسكرية نظرا لعدم تشريك أي طرف ليبي ضمن فعاليات هذا الاجتماع.

إلى ذلك، رأى المحلل السياسي الليبي عبدالحكيم فنوش في تصريح لقناة "الحدث" أن الليبيين غير موجودين في الاجتماع المرتقب. وقال فنوش إن تدخلات هذه الدول تطمح لتقسيم ثروات ليبيا أكثر من سعيها إلى إنهاء فترة الحرب فيها.

وانتقد تغييب أطراف النزاع الليبي عن الاجتماع الذي ستعقده فرنسا وإيطاليا في الأمم المتحدة وعدم استدعائها لطرح تصوراتها فيما يخص حلول الوضع الليبي الراهن، معتبرا أن أزمة الدول المتنازعة على الملف الليبي تفاقمت خلال الفترة الأخيرة واحتد التنافس بين روما وباريس وبرلين.