هذا السؤال بات مطروحا بعد الفوز الكبير الذي أحرزه النداء في الانتخابات التشريعية وحصوله على 85 مقعدا من مقاعد البرلمان الجديد الذي يضم 217 مقعدا .

القانون يتيح ذلك ، والدستور يقول أن الحزب الذي يتحصل على أكبر عدد من المقاعد هو من يقدم مرشحا عنه لرئاسة الحكومة وليس هناك ما يمنع النداء من ترشيح أحد نوابه لرئاسة البرلمان الجديد ويمكن له حسابيا الحصول على هذا المنصب ٠

وفي المقابل فان الباجي قايد السبسي مرشح النداء في الانتخابات الرئاسية ، التي تنطلق حملتها السبت  ، مازالت تضعه استطلاعات الرأي  في المقدمة وترى أن حظوظه في دخول قصر قرطاج كبيرة ، ويعتقد أنصاره أن فوزه سيتم منذ الدورة الاولى ٠

لكن بعيدا عن الحساب الرقمي هناك حسابات سياسية لا يمكن الاستهانة بها ، اذ عادة ما تختلف حسابات البيدر عن حسابات الحقل  ، فليس هينا أن يقبل التونسيون أحزابا وأفرادا أن يستحوذ حزب على كل السلطات ويهيمن على المشهد السياسي ويعيد عهد الاستبداد ٠

والأقرب أن النداء يرغب في رئاسة الحكومة،  التي هي المؤسسة الأبرز التي تمارس السلطة التنفيذية ، والنداء يعلم ذلك لكنه يفضل حصول تناسق بين رأسي السلطة التنفيذية أي أن يكون رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة من النداء وبالتالي قد يسمح بالتخلي عن رئاسة البرلمان لأحد الحلفاء من الذين يدعمونه في الرئاسية وقد يكون من آفاق تونس الذي ليس له مرشح للرئاسية  ، وقد بدأت تسريبات تشير الى أن ياسين ابراهيم رئيس حزب افاق والذي عمل في حكومة السبسي يملك حظوظا لتقلد منصب رئيس الحكومة

نفس الشيء ينطبق على حزب النهضة الاسلامي الذي خسر الانتخابات التشريعية لكنه يبقى اللاعب المهم في هذه المسألة وقد يقايض النداء على منصب رئيس البرلمان  وبعض الوزارات في الحكومة الجديدة مقابل  مساندته في الرئاسية ، رغم أن قيادييه استبعدوا دعم السبسي وبدوا اقرب الى خماسي اخر منافس السبسي 

لكن لقاء"  الشيخين " ( السبسي والغنوشي ) قد يغير كل الحسابات خاصة اذا علمنا أن دعوة بن جعفر لن تثمر ، لان لا أحد من الثلاثي ( المرزوقي وبن جعفر والشابي ) مستعد للتخلي عن الترشح لفائدة أي طرف لان انسحابه يعني التقاعد السياسي المبكر٠

هذا الوضع الغامض والتنافس بين " الكبار" قد يحدث مفاجأة اسمها سليم الرياحي الذي حل حزبه الاتحاد الوطني الحر ثالثا في التشريعية وحصل على 16 مقعدا في البرلمان أو يفسح المجال لأحد رجال النظام السابق ( الزنايدي و مرجان والنابلي ) في ظل إمكانية توحد أصوات الدستوريين والتجمعيين لمساندة أحدهم وهي أصوات كانت فاعلة في ترجيح كفة نداء تونس في التشريعية وفوزه بأغلبية المقاعد ٠

ويمكن أن تنضاف الى أصوات الدستوريين والتجمعيين المساندة لأحد ثلاثي النظام القديم أصوات جزء مهم من النساء والرجال الذين " ندموا" على الثورة وأصبحوا لا يخفون حنينهم الى العهد السابق وخاصة في جوانبه الاجتماعية والاقتصادية والأمنية التي لا يمكن مقارنتها بما سقطت فيه الحكومات المتعاقبة بعد الثورة