يعد الجنوب ليبيا أحد أهم المناطق الاستراتيجية فى ليبيا لما ينعم به من ثروات هائلة من نفط وذهب وماس، إضافة لكونه ممرا إلى دول الساحل الإفريقى ويرتبط بحدود مشتركة مع تشاد والنيجر والسودان، ويعد أحد أخطر الحلقات فى ليبيا لما يشكله من تهديد على أمن دول الجوار الليبى والقارة الأوروبية بسبب الهجرة غير الشرعية. وتتصارع بعض الأطراف الإقليمية والدولية لفرض النفوذ عليه فى ظل تهميش الأطراف الليبية لمدنه.
وتشهد مدن الجنوب الليبى خلال السنوات الأخيرة صراعا مسلحا بين عدد من القبائل التى لها حضور كبير فى الجنوب الليبى وتتقدمه قبيلة أولاد سليمان التى أعلنت دعمها للقوات المسلحة الليبية وقبائل التبو التى تدعمها عدد من قبائل التبو فى تشاد والنيجر.
من ذلك، انطلقت القوات المسلحة الليبية في عملية التخطيط لبدء مسيرة تحرير الجنوب منذ أواخر السنة الماضية حيث قالت قيادة الجيش الوطني الليبي إنها تخطط للقيام بعملية عسكرية، واسعة النطاق في جنوب البلاد للقضاء على ما يصفه بجماعات المعارضة السودانية والتشادية، وعصابات إجرامية محلية.
فقد أوضح العميد أحمد المسماري، الناطق باسم القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، أن المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش يخطط فعلا للقضاء على جماعات المعارضة السودانية والتشادية وعصابات إجرامية محلية، باتت تهدد الأمن القومي والاستراتيجي لليبيا في الجنوب، الذي يمثل نحو ثلث مساحة الدولة الليبية.
وأضاف المسماري لـ"الشرق الأوسط" أن الجيش لن يسمح لهذه العناصر باستخدام الأراضي الليبية، أو البقاء فيها ما دامت تهدد أمن واستقرار البلاد، مشيرا إلى أن المعضلة الحقيقية التي تواجه الجيش في فرض سيطرته على المنطقة الجنوبية بالكامل «تكمن في استمرار الحظر الذي يفرضه المجتمع الدولي على تسليح الجيش الوطني الليبي». ولذلك طالب المسماري برفع الحظر فورا، حتى يتمكن الجيش الوطني من القيام بمهامه الحيوية في حماية وتأمين حدود البلاد، خاصة في المنطقة الجنوبية التي تعاني من انتشار عناصر مسلحة تعمل على تهديد الأمن والاستقرار.
وأعلن الجيش الليبي عن بدء عملية عسكرية شاملة في الجنوب، لتطهيره من الإرهابيين والجماعات المسلحة الدخيلة، كتطور كبير طال انتظاره في هذه المنطقة الشاسعة، التي ستحقق استعادتها عددا من الأهداف العسكرية والاستراتيجية في اتجاه تحرير كافة الأراضي الليبية.
وفي بيان صدر الثلاثاء، أعلن المتحدث باسم الجيش الليبي العقيد أحمد المسماري انطلاق عملية عسكرية شاملة لتحرير مناطق الجنوب الغربي، محددا أهداف العملية بتأمين سكان المناطق من الإرهابيين من تنظيمي "داعش" والقاعدة والعصابات الإجرامية، والمحافظة على وحدة وسلامة التراب الليبي، وتأمين شركات النفط والكهرباء العاملة والمشاريع الزراعية بالمنطقة، وإيصال الخدمات الضرورية للمواطنين وإيقاف الهجرة غير الشرعية.
يرى مراقبون أن الجنوب الليبي يمثل أهمية إستراتيجية كبيرة في المعركة التي يخوضها الجيش الليبي من أجل استعادة الأمن والاستقرار في كافة أنحاء البلاد حيث يعتبر الانتصار في هذه المعركة بمثابة تحقيق تقدم كبير في مسار استرجاع الأمن العام.
يتمثل تعقيد معركة الجنوب في أنها ليست ضد عدوّ واحد حيث تجتمع المعارضة التشادية وتنظيم داعش الإرهابي، مما يجعل إمكانية السيطرة عليه صعبة وتحتاج إرادة وقوة قويين وهو ما يسعى الجيش إلى توفيرهما.