أكد مجلس شورى حركة النهضة الإسلامية في بيان له أنه "ليس للحركة مرشّح وأنّها تفوّض أنصارها وناخبيها أن يختاروا من يرونه الأصلح لرئاسة تونس، في الدورة الثانية لرئاسية تونس، المقرر إجراؤها الأحد 21 ديسمبر الجاري، وذلك في محاولة منها لإنهاء الجدل الدائر سواء داخل الحركة أو في الساحة السياسية، حول المرشح الذي ستدعمه الحركة، في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية، بين كل من المرشحين المنصف المرزوقي والباجي قائد السبسي.

وبحسب الملاحظين فإن شورى النهضة اختارت مرة أخرى "الحياد"، من خلال إعادة تثبيت الموقف السابق لـها، حيث سبق أن أعلنت الحركة خلال الدورة الأولى للرئاسية، عن نفس الموقف ذاته تاركةً لأنصارها حرية اختيار المرشح الذي سوف يدعمونه.

إذ يعتبر المراقبون للمشهد السياسي التونسي أن هذا الموقف الجديد/القديم للإسلاميين، هو في الحقيقة بمثابة "مساندة غير معلنة" للمرشح الرئاسي المنصف المرزوقي، على غرار ما حصل خلال الدور الأول من الانتخابات الرئاسية.

وبحسب الملاحظين دائما، فإن دعم النهضة للمرشح المرزوقي في الدورة الأولى، لم يقتصر على التصويت للمرزوقي، بل إنها قدمت له السند "اللوجيستي" الذي وظفته الحركة في الانتخابات التشريعية.

يذكر أن النهضة، دعمت المرزوقي بـ "جيش" من الملاحظين لمراقبة "سير العملية الانتخابية وشفافيتها"، إضافة إلى كونها دفعت "خزانها الانتخابي" التقليدي، خاصة في دوائر محافظات الجنوب للاصطفاف وراء المرزوقي.

وبهذا فإن دعم "الجهاز النهضاوي" و"شعب النهضة" وفق عبارة المرزوقي، هو الذي أحدث الفارق، وهو الذي أوصل المرشح المرزوقي للدورة الثانية، حيث تمكن من حصد مليون وحوالي 100 ألف صوت، ليتصدر المركز الثاني، خلف زعيم "نداء تونس" الباجي قائد السبسي.

وهو دعم مهم، جعل المرشح الرئاسي الباجي قائد السبسي، يطالب "حركة النهضة"، بموقف "واضح وصريح" في الدورة الثانية للرئاسة، وهو الذي أكد في تصريح سابق على "أن الإسلاميين والسلفيين والجهاديين هم من ساندوا المرزوقي في الدور الأول"...

غير أن مداولات مجلس الشورى لم تقدم الإجابة أو الموقف الذي كان ينتظره السبسي، والمتمثل في الحد الأدنى في إعلان "الحياد الإيجابي"، عبر سحب ملاحظيها وتحييد "الماكينة الانتخابية النهضوية"، إذ إن الباجي لا ينتظر تحولا في مواقف ناخبي النهضة لمساندته عوضا عن المرزوقي، فهو يدرك قبل غيره أن هذا لن يحصل أبدا.

وهو محق في ذلك، فلا يمكن للإسلاميين الذين عملوا ليل نهار منذ ثلاث سنوات أو أكثر على "شيطنة" الباجي وحزبه "نداء تونس" أن يغيروا موقفهم ويوصلوه للرئاسة.

وقد استبقت قيادات نهضوية، عرفت بكونها محسوبة على التيار المتشدد، اجتماع مجلس الشورى بدعوة قيادة الحركة وتحديداً الغنوشي إلى "دعم المرزوقي" باعتباره يمثل "تيار الثورة" أمام المرشح قائد السبسي، الذي يعتبرونه من رموز "الثورة المضادة".

كما دعا "تيار الصقور" في الحركة راشد الغنوشي إلى ضرورة حماية "وحدة القرار"، في إشارة إلى رفضهم التقارب مع "نداء تونس".

ومثل هذه المواقف، التي أثرت على مداولات مجلس الشورى، رأي فيها المحللون أنها كشفت عن عمق التباينات داخل الحركة وتحديدا مجلس الشورى.

وفي هذا الإطار قالت العربية نت حسب مصادر مطلعة إن راشد الغنوشي الذي يتزعم "التيار المعتدل" داخل "حركة النهضة"، لم ينجح في إقناع "تيار الصقور" الذي يمثل أغلبية مجلس الشورى، في اتخاذ موقف "الحياد الإيجابي" من الدور الثاني للرئاسية.

بما يعني أن راشد الغنوشي لم يعد يمسك بكل خيوط القرار داخل الحركة، وهذا ما أشار إليه رئيس حملة المرزوقي، عدنان منصر الذي قال في مقابلة تلفزيونية، حيث قال إن قرار الغنوشي فيما يتعلق بالرئاسية، ليس هو المحدد، مشيرا إلى أن له "دورا وظيفيا" لا غير.

في إشارة إلى أن المرزوقي لا يعول على الغنوشي، ولا يعطي اعتبارا مهما لتصريحاته وتأثيره، وأنه بالتالي يحظى بمساندة "تيار الصقور"، الذي يمثل أغلبية مجلس الشورى.