أفضى مقتل زعيم حركة الشباب أحمد عبدي غوداني إلى مرحلة جديدة من معركة مكافحة الإرهاب في الصومال، حيث تساءل المسؤولون الأمريكيون والصوماليون حول ما يمكن أن يحمله الخليفة المحتمل لغوداني لمستقبل الجماعة.

ويقول الخبراء إن غوداني حكم الحركة بيد من حديد وكان طاغية صفى الكثير من خلفائه المحتملين وترك بعضهم على مسافة منه. وهو ما يثير التساؤلات حول من قد يتسلم قيادة الحركة التي كان يُنظر إليها كتهديد متصاعد في المنطقة.

وصرح حسين محمود الشيخ علي، مساعد كبير للرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في شؤون مكافحة الإرهاب، لمجلة "فورين بوليسي" أن غوداني لم يُنشىء تنظيما يُتوقع فيه تنصيب خليفة له في حالة تعرضه للقتل.

وأوضح الشيخ علي أن خليفة غوداني غير قادر ببساطة على ملء الفراغ. فالخليفة دون المستوى التعليمي والدهاء والمصداقية التي يتمتع بها غوداني داخل المنظمة".

"لا أحد يمكن أن يحل مكانه"، يقول الشيخ علي في مقابلة قصيرة، مضيفا أن الصومال لا تزال ترغب في مساعدة الولايات المتحدة لحكومته من أجل "الإجهاز" على "حركة الشباب" و"القضاء على الإرهاب في الصومال" قبل أن يخلص إلى أن "حركة الشباب ضعفت بشكل كبير".

أما المسؤولون الأمريكيون، الذين كانوا أكدوا مقتل غوداني يوم الجمعة الماضي، بعد أربعة أيام من غارة جوية أمريكية استهدفته في بلدة براوي، فأشادوا بنهاية الزعيم المتشدد، واصفين ذلك بالضربة الموجعة للمنظمة.

"إزاحة غوداني من ساحة المعركة هي خسارة رمزية وعملياتية كبيرة لحركة الشباب"، يقول السكرتير الصحفي للبنتاغون، الأدميرال جون كيربي في بيان له. 

وهكذا أصبحت علاقة الجماعة مع تنظيم القاعدة غير واضحة مع رحيل غوداني، ويعتقد البعض أن من دون هذا الأخير، تبقى طموحات الحركة لربط شبكة أوسع في مهب الريح، وربما تنزلق إلى تهديد أكبر على المستوى المحلي من خلال سلوك طريق الجريمة والتهريب.

"إن ظهور حركة الشباب باعتبارها إحدى التنظيمات التابعة لتنظيم القاعدة له ارتباط وثيق بقيادة غوداني"، يقول مسؤول أمريكي. "إن إزاحة غوداني من ساحة المعركة لا تنهي تهديدات الحركة، لكن ليس هناك أي شك في أنها كبدتها نكسة كبيرة".

وقال توماس جوسلين، وهو محرر بارز في "مجلة الحرب الطويلة"، التي تركز على جهود الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب، أن هناك موالين آخرين لتنظيم القاعدة في المجموعة، لكن ليس من الواضح مدى السلطة التي يمارسونها داخل التنظيم.

بعد أيام من التدقيق في مصادر استخباراتية مختلفة، أكدت وزارة الدفاع الأمريكية أن غوداني قتل بالفعل في غارة جوية يوم الاثنين الماضي في إحدى المواقع بمنطقة ريفية جنوب-وسط الصومال.

وعلى الرغم من صحة المعلومات التي تفيد بقتل غوداني في الغارة المذكورة، إلا أن المسؤولين الأميركيين ظلوا مترددين بشأن تأكيد الخبر. فقد سعت مصالح المخابرات الأجنبية للعثور على أدلة من موقع الغارة، وظلت المخابرات الأمريكية تترقب لمعرفة ما إذا كان غوداني سيتصل بأحد مقربيه، كإحدى زوجاته أو أحد كبار القادة في الحركة.

"لقد جرت الأمور في هدوء"، قال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية لمجلة "الفورين بوليسي" الأربعاء الماضي.

مباشرة بعد غارة يوم الاثنين الجوية في الصومال، أقر مسؤولون في البنتاغون بالهجوم والهدف من ورائه، وهي خطوة غير مسبوقة لمحت إلى أن المسؤولين الأميركيين كانوا واثقين من نجاح العملية والوصول إل الهدف. ورغم ذلك، يبدو أن ثقتهم تراجعت، حين أعلن مسؤولون بوزارة الدفاع يوم الخميس أنه لم يكن هناك إجماع داخل الاستخبارات الأمريكية بشأن صحة مقتل غوداني.

وكان مسؤولون في البنتاغون أفادوا أنه لم تتواجد عناصر من القوات الأمريكية على الأرض قرب مكان وقوع الهجوم، شمال بلدة براوي، حيث كانت حركة الشباب تحتمي في هذه "المنطقة الوعرة" والمحفوفة بالمخاطر بالنسبة للقوات الغربية. وقال مسؤول بوزارة الدفاع بأن الولايات المتحدة اعتمدت، عوض النزول إلى الأرض على أجهزة المخابرات الأجنبية، وبالأخص الصومالية، التي كانت تلاحق حركة الشباب لتحديد مكان غوداني لكشفه.

ويوم الثلاثاء، قدمت وزارة الدفاع الأمريكية بعض التفاصيل الأساسية حول الهجوم. إن قوات العمليات الخاصة الاميركية "تعمل وفقا لمعلومات استخبارية" استخدمت الطائرات، منها طائرات بدون طيار، مجهزة بصواريخ هيلفاير وذخائر موجهة بالليزر ودمرت مخيما وسيارة، حسب تصريح كيربي في مؤتمر صحفي في البنتاغون . وأضاف الأخير أنه لم يتواجد أي جندي أمريكي على الأرض في الصومال سواء قبل أو بعد الهجوم.