إن اهتمام روسيا المتزايد بليبيا ليس أمرا جديدا - فقد أبلغنا عنه بتفصيل سابقا - ولكن الجديد هو احتمال تدخل موسكو في تلك الحرب الأهلية الدموية والفوضوية بضربات صاروخ كروز. وهذا سبب معقول جدا وراء قيام روسيا بإصدار إشعار إلى جهات الطيران يحذر من "اختبار صاروخ" وشيك قبالة الساحل الشرقي للبلاد الأسبوع المقبل.

التحذير الصادر يهم فترة زمنية لمدة 11 ساعة اعتبارا من 24 مايو حتى 27 منه، وهي الفترة التي سيجري فيها هذا النشاط. أما المنطقة المعنية فتقع قبالة شاطئ ليبيا من الحدود المصرية وتمتد تقريبا إلى 150 ميلا غربا، وفي البحر لحوالي 100 ميل.

وكثيرا ما كان هذه النوع من الإشعارات حول "إطلاق تجارب" و "تدريبات بحرية" يسبق ضربات كبيرة على سوريا انطلاقا من مختلف منصات إطلاق صواريخ كروز الروسية، وشملت السفن والطائرات والغواصات. وعلى وجه الخصوص، يتوفر أسطول البحر الأسود الروسي على فرقاطتين حديثتين للأدميرال غورشكوف قادرتين على إطلاق صواريخ هجومية برية.

وفي السنوات الماضية، سُجلت مناطق تحذير مماثلة تقريبا في المناطق البعيدة من شرق البحر الأبيض المتوسط، قبالة سوريا. وحتى تمارين روسيا المشروعة في المنطقة استخدمت المياه الواقعة بين جزيرة كريت والساحل السوري اللبناني. علما أن ميناء المياه الدافئة الوحيد لروسيا يقع في طرطوس، سوريا، المتاخمة لهذه المنطقة البحرية العاملة.

وأخذا لكل هذا بالاعتبار، يبدو الإشعار الروسي الأخير غريبا بشكل خاص.

وتبقى ليبيا غارقة في الفوضى فيما يتناحر حفتر مع الحكومة الليبية المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، لكنه يبقى مفضلا للكرملين. وقد استضافت البحرية الروسية الرجل القوي على متن الأدميرال كوزنيتسوف، عندما اجتازت المنطقة في وقت سابق من هذا العام.

يبدو من الممكن جدا أن روسيا تروم التحرك لدعم حفتر بنشاط في المنطقة، وعلى وجه التحديد في مركز السلطة الساحلية في بنغازي الآن، بعد أن أنشأ موطئا ثابتا هناك. ومرة أخرى، يمكن أن يتم ذلك عن طريق هجمات بالقذائف الانسيابية على قواعد القوات المناوئة أو حتى عن طريق دعم إطلاق نار بحري.

ومن المحتمل أن تصنف روسيا مثل هذا العمل على أنه حملة مناهضة للإرهاب على غرار ما فعلته في سوريا. وقد نشرت روسيا عددا من قوات العمليات الخاصة إلى شرق مصر، والتي من المحتمل أن تعمل في ليبيا دعما لحفتر. ويمكن لهذه القوات أن تعمل كخلايا استهداف لمثل هذه الضربات.

إذا أصبحت روسيا منغمسة "حركيا وبنشاط" في ليبيا، فإن ذلك سيشكل تغييرا كبيرا في سياسة الكرملين، وسيكون بمثابة تذكير آخر حول كيفية رغبة روسيا في ملء أي فراغ جيوسياسي تركته الولايات المتحدة.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قد دأبت على العودة إلى الحرب الأهلية الليبية بشكل دوري، إلا أن الإجراءات تركزت بشكل كبير على عمليات مكافحة الإرهاب، مع توجيه ضربات موجهة إلى جماعات إسلامية متطرفة معينة أو أفراد يعملون في. ولكن روسيا قد تسعى إلى تحقيق مجموعة مختلفة تماما من الأهداف.

ويمكن أن تدعم موسكو حفتر إلى حيث يمكن لقواته تأمين المنطقة الشرقية من ليبيا بشكل موثوق، ويمكن لهذا أن يوفر لروسيا ميناء مياه دافئا آخر في البحر الأبيض المتوسط، وقد يؤدي ذلك إلى وجود عسكري روسي مستمر على الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي.

 

*بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات المترجمة