منذ نشوب الأزمة السياسية في ليبيا إثر الإطاحة بالعقيد الراحل معمّر القذافي وكما جرت الأعراف الدولية عينت الأمم المتحدة مبعوثين أمميين لحلحلة الأزمة الليبية إلا أن جهودها كللت بالفشل، ومنذ حزيران/يونيو 2017، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تعيين اللبناني غسان سلامة، ممثلا خاصا له في ليبيا ورئيسا لبعثة الأمم المتحدة في البلاد خلفا لمارتن كوبلر.

وشهدت المدة الأخيرة تحركات نشطة للمبعوث الأممي الذي يعمل على أكثر من ملف و واجهة فهل سيأتي سلامة بما فشل فيه سابقيه؟

ورقة الملتقى الوطني 

استلم المبعوث الخاص غسان سلامة، التقرير النهائي الذي أعدته لجان مركز الحوار الإنساني لنتائج المشاورات التي عقدت في 77 جلسة شملت شرائح المجتمع الليبي كافة والتي ستشكل الأساس الذي سيقوم عليه الملتقى الوطني.

ووصف سلامة التقرير بأنه تتويج لعملية جامعة وشفافة ولها الدور المحوري في صياغة رؤيته الوضع في ليبيا، مشيرا إلى أن التقرير يمكن أن يشكل بداية تسوية وطنية تخرج ليبيا من أزمتها. ويعتزم سلامة تقديم نتائج التقرير أمام مجلس الأمن في إحاطته المقبلة، وسيليه الإعلان عن التقرير ليضع سلامة حجر الأساس للمبادرة التي أطلقتها البعثة الأممية.

ويتوقع مراقبون أن تنطلق أعمالها في الجزء الأخير من ديسمبر المقبل، وسط تعدد المبادرات وقرب مؤتمر باليرمو، ويرون أن المؤتمر الوطني الجامع يمكن أن يكون فرصة لتجاوز خلافات الليبيين داخليا بعد سنوات من التعنت.

سلامة و إدارة الأزمة

إثر حوالي عامين من تكليفه مبعوثاً خاصاً إلى ليبيا، تغيرت سياسة غسان سلامة في التعامل مع أطراف الصراع السياسي الليبي، كما صعّدت البعثة في نبرة خطابها تجاه تجاه المخربين و من يرونهم يهددون الجهود الأممية.

وتأتي إحاطة غسان سلامة المُرتقبة لمجلس الأمن، في وقت صاحبت فيه تطورات عديدة المشهد السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد، إضافة إلى إعلان مجلس الأمن الدولي تجديد العقوبات على ليبيا حتى فبراير 2020، وإضافة عقوبات جديدة على الاعتداءات الجنسية ضد المهاجرين.

ويرجح مراقبون أن تضم إحاطة سلامة هذه المرة العديد من الأسماء، خاصة وأن سياسة البعثة في التعامل مع من يحاول زعزعة الاستقرار باتت واضحة، والعقوبات الدولية ازدادت على من يهدد حياة المدنيين والوضع في ليبيا في محاولات حثيثة لإنهاء الأزمة في ليبيا.

وتأتي إحاطة سلامة في الوقت الذي جهّزت فيه نتائج مشاورات المؤتمر الوطني الجامع، إضافة إلى قرب مؤتمر باليرمو الذي يسعى لوضع أطراف الصراع على طاولة واحدة وإيجاد تسوية بينهم، لتكون هذه الإحاطة ذات أهمية لرسم خارطة الطريق المقبلة وتضع النقاط على الحروف لمسار حل الأزمة في ليبيا.

دور اقتصادي

لم يقتصر دور المبعوث الأممي على لعب دور في المصالحة السياسية بل يعمل كذلك بشكل حثيث في الملف الاقتصادي. إذ أكد المبعوث الأممي غسان سلامة تكالب الأطراف الخارجية على ثروات ليبيا في وقت تستغل فيه الأطراف الداخلية هذه الثروات لتمويل نزاعاتها وإذكاء الحروب فيما بينها.

تأكيدات سلامة جاءت خلال كلمة له على هامش مشاركته في منتدى شباب العالم الذي تحتضن فعالياته مدينة شرم الشيخ المصرية، وأشار فيها إلى أن الحرب في ليبيا هي على الثروات، لا بين الآيديولوجيات أو الأفكار أو المناطق أو القبائل، لتدخل الأطراف الخارجية على خط هذه الحرب لتتكالب على ثروات البلاد النفطية والغازية والمعدنية.

في  نفس السياق،التقى وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي ناصر بوريطة في الرباط ، الأسبوع الماضي، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة. كما أكد سلامة بأن البعثة الأممية اضطلعت بدور مباشر في مواجهة هذه التحديات، وذلك في حل مشكلة الهلال النفطي والتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، والدفع بإصلاحات اقتصادية تجري للمرة الأولى في لبيبا منذ 2011.