رغم اعتقاد الكثيرين بأن “الكعكة الانتخابية” في جنوب أفريقيا محجوزة للحزبين الرئيسين، حزب المؤتمر الوطني الأفريقي (الحاكم)، وحزب التحالف الديمقراطي (المعارض)، ثمة توقعات بأن يحقق لاعبون سياسيون جدد بعض المكاسب في الانتخابات العامة القادمة المزمع إجراؤها في مايو/آيار المقبل.

يقول المحلل السياسي الجنوب أفريقي “رالف ماثيكجا” إنه “في الانتخابات السابقة، كانت المنافسة منحصرة بين حزبي المؤتمر الوطني الأفريقي والتحالف الديمقراطي”.

وأضاف في حديث لوكالة الأناضول ”لكن هذا العام، انضم اثنان من الأحزاب السياسية النشطة إلى السباق.. هما: (مناضلون من أجل الحرية الاقتصادية) الذي يترأسه يوليوس ماليما، و(أغانغ جنوب أفريقيا) بزعامة مامفيلا رامفيلي”.

ماثيكجا، وهو مؤسس أحد المراكز الفكرية البحثية المحلية، أشار إلى أن السياسات الاقتصادية للحزبين المتنافسين التقليديين متطابقة إلى حد كبير، فيما تبدو الأحزاب الجديدة متشددة نسبيًا، ولا سيما فيما يتعلق بالسياسة الاقتصادية.

ووفقا لماثيكجا، يدعو حزب “مناضلون من أجل الحرية الاقتصادية” الذي أسسه “ماليما”، الرئيس السابق (المفصول) لرابطة الشباب التابعة للحزب الحاكم، إلى إعادة توزيع الأراضي الزراعية في البلاد، التي مازال معظمها في أيدي البيض، الذين حققوا مكاسب خلال فترة طويلة من حكم الأقلية البيضاء.

ونجح “ماليما” الذي يرغب في تحقيق تقاسم الموارد الطبيعية بين البيض والسود، في اجتذاب العديد من الشباب، وغيرهم من الجنوب أفريقيين الساخطين للانضمام إلى حزبه الذي يرفع شعار “الحرية الاقتصادية في حياتنا”، ويعلن أنه يستوحي أفكاره من معاناة الشعب ويتعهد بتحسين حياتهم بمجرد انتخابه ليكون في السلطة، بحسب ماثيكجا.

ويرجح ماثيكجا، أن حزبي “مناضلون من أجل الحرية الاقتصادية” و”أغانغ جنوب أفريقيا” قد لا يحصلان على هوامش فوز كبيرة في الانتخابات المقبلة، إلا أن هذا سيفضي إلى “تحقيق التنوع ويخلق أرضية لتشكيل المستقبل السياسي في البلاد”، على حد قوله.

وفي غضون ذلك، لا يزال المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم هو الحزب المرشح الأوفر حظًّا، على الرغم من أن التوقعات بأن يفوز بعدد أقل من الأصوات هذه المرة، بحسب العديد من المراقبين.

حزب المؤتمر الوطني الأفريقي ذو الشعبية 

وقال أحد السكان في منطقة “سويتو” في مدينة جوهانسبرج بولاية “غاوتينغ” (شرق)، ويدعى توبيلا مونغاي: “سوف أعطي صوتي لصالح حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، لأنه الحزب الذي ناضل من أجل حريتنا ضد النظام الأبيض العنصري الذي عاملنا مثل الحيوانات”.

واعتبر “مونغاي” أن الأحزاب الجديدة تعد الجنوب الأفريقيين بتحقيق “الجنة على الأرض”، في حين أنهم يهتمون بكسب الأصوات في الواقع، وأضاف مؤكدا: “أنا من أنصار الحزب المؤتمر الوطني الأفريقي للأبد”.

إلا أن “تابيسا نوموفوندو” وهو مواطن مقيم آخر في “سويتو”، يختلف مع “مونغاي”.

وقال نوموفوندو “أنا أحب حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وكنت أصوت لصالحه في الانتخابات منذ عام 1994، ولكنهم للأسف لم يسهموا بفعالية في تقديم الخدمات إلى البلدات والمستوطنات غير الرسمية (العشوائيات)”.

وأشار إلى أن الكثير من الناس انتظروا بلا طائل تلك المساكن المجانية التي وعد بها الحزب الحاكم منذ سنوات.

ومن جهته، قال رجل عرف نفسه باسم “مدو” فقط: “أنا أسود، ولكني لن أصوت لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، حتى يحارب الحزب الفساد في صفوفه”.

اتهامات تطال الحزب التاريخي 

وظل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي -الذي ترأسه المناضل الراحل نيلسون مانديلا لفترة- هو الحزب الحاكم خلال مرحلة ما بعد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا منذ عام 1994، ولكنه واجه في غضون السنوات الأخيرة، اتهامات بالفساد وإساءة استخدام السلطة.

إلا أن قضية الفساد الأبرز التي تورط فيها الحزب الحاكم، كانت تتعلق بسلسلة من الرشاوى التي يزعم أنه جرى دفعها لشركات في صفقة سلاح ضخمة بقيمة 55 مليار راند (نحو 5.11 مليار دولار).

ويحمل المنتقدون الحزب الحاكم مسؤولية “الفشل في الوفاء بوعوده لتوفير السكن، وفرص العمل للأغلبية السوداء الفقيرة في البلاد، الذين لا يزال يعيش الكثيرون منهم في مخيمات عشوائية”.

وحول تراجع شعبية الحزب الحاكم، ترى الباحثة السياسية في معهد جنوب أفريقيا للعلاقات العرقية، جورجينا ألكسندر، أن حزب المؤتمر الوطني الافريقي سيظل يفوز في الانتخابات، ولكن بعدد أقل من الأصوات.

وأضافت ألكسندر “ستكون هناك نسبة مئوية من التراجع في التصويت لصالح الحزب، إلا أنني لا أريد التكهن بالأرقام”.

ورجحت أن “المؤتمر الوطني الأفريقي سيفشل في الحفاظ على نسبة 65.9% من الأصوات التي حصدها في الانتخابات الماضية”.

في عام 2009 حصل الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية على 65.9 % من الأصوات، بتراجع طفيف عن نسبة الـ 69.7 % التي فاز بها في انتخابات 2005.