لم تكد طائرة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الذي أخفق للتو في مهمته المتعلقة بمفاوضات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين بعد 9 أشهر، تحط في مطار جوبا، لبحث أزمة الوضع "المتأزم" في البلاد منذ ما يزيد عن 5 أشهر، حتى بعث وزير إعلام جوبا (المتواجد حالياً في أديس أبابا) ورائه برسالة مفادها "من يريد أن يساهم في حل الأزمة فعليه لقاء الرجلين (الرئيس سلفاكير كير ونائبه السابق ريك مشار).

مايكل مكوي، وزير الإعلام والمتحدث باسم حكومة جنوب السودان، وعضو وفد الحكومة في مفاوضات أديس أبابا، قال لوكالة الأناضول، إنه من الأفضل لوزير الخارجية الأمريكي (الذي وصل جوبا اليوم الجمعة) أن "يلتقي الرئيس سلفاكير، والمتمرد ريك مشار، حتى يتسنى له بحث الأزمة الدائرة".

وفي وقت سابق من صباح اليوم، وصل كيري، إلى مطار جوبا، في زيارة رسمية تستغرق ساعات يعود بعدها للعاصمة الأثيوبية، بحسب مصادر دبوماسية أمريكية، حيث توجه مباشرة للقاء سلفاكير، لإجراء مباحثات حول الوضع "المتأزم" في البلاد منذ منتصف ديسمبر/كانون أول الماضي.

وفيما لم يُعلن بعد عما إذا كان كيري سيلتقي المعارضة في جنوب السودان، كشفت  المصادر الأمريكية ذاتها، والتي فضلت عدم ذكر هويتها، أن الوزير سيلتقي - عقب عودته إلى أديس أبابا في وقت لاحق اليوم، ريك مشار، غير أنها أشارت في الوقت نفسه إلى أنه في حال تعذر وصول الأخير (المتواجد بمكان غير معلوم بجنوب السودان)، فإن نائبه ورئيس وفده في المفاوضات، تعبنان دينق قاى، سينوب عنه في هذا اللقاء.

وتشهد أديس أبابا، منذ مطلع العام الجاري، مفاوضات بين طرفي الصراع في جنوب السودان، بوساطة الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق أفريقيا "الإيغاد"، وسبق أن وقع الطرفان اتفاقاً في يناير/كانون الثاني الماضي، يقضي بوقف العدائيات بينهما، وإطلاق سراح المعتقلين، وهو الاتفاق الذي جاء بعد مواجهات دموية بدأت منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بين القوات الحكومية ومسلحين مناوئين لها تابعين لمشار، غير أن الاتفاق لم يدخل حيز التنفيذ وسط استمرار معارك متقطعة بين الجانبين في أنحاء متفرقة بالبلاد.

وعن وساطة الإيغاد، وما يثار حول إخفاقها في إنهاء الأزمة، قال المتحدث باسم حكومة جوبا: "الإيغاد ربما يكون لديها بعض الإخفاقات، لكنها حتى الآن تعتبر الوسيط المقبول والمتفهم لقضايا جنوب السودان، ونحن في الحكومة أبدينا قدراً كبيراً من التعاون معها لإنجاح الوساطة".

وعن الاتهامات التي يوجهها البعض لطرفي الصراع في تلك المفاوضات، بشأن تهربهم من المسؤولية، نفى مكوي ذلك، قائلاً: "صحيح أن المفاوضات تواجه تحديات وعقبات كثيرة منذ أن توصلنا إلى اتفاق لوقف العدائيات، لكن الأهم هو وجود قواسم مشتركة (لم يوضحها) بيننا للوصول إلى حل نهائي للأزمة، فنحن (الحكومة) من طرفنا قدمنا تصوراتنا للوساطة من أجل الوصول إلى حل دائم ونهائي".

وحول ما يقال بأن المفاوضات الحالية تم اختزالها بين شخص سلفاكير ومشار، وأنه جرى إقصاء لمجموعة الـ11 المفرج عنهم، أجاب مكوي قائلاً: "لا يوجد إقصاء لأي طرف وهذه المجموعة التي تتحدث عنها ليس لها تأثير، بدليل أن الحكومة هي التي أفرجت عنها، لأنهم مواطنون جنوبيون، وإذا أرادوا أن تكون لهم إسهامات فيمكن لهم أن يقدموا ذلك عبر الحكومة أو المعارضة، أما إذا كانوا يريدون أن يصبحوا طرفاً ثالثاً في المفاوضات فهذا مرفوض".

ومضى مكوي في حديثه عن الـ11 المفرج عنهم، قائلاً:"هؤلاء مدللون من قبل أمريكا والغرب، يحلمون بالوصول إلى السلطة عبر وسائل الإعلام والدعاية الإعلامية، نحن لا نسمع عنهم ولا نراهم في جنوب السودان".

ورفض مكوي اعتبار الأزمة في جنوب السودان صراعاً بين قبيلتي "الدينكا" (التي ينتمي إليها سلفاكير)، و"النوير" (التي ينتمي لها مشار)، وقال "هذا ليس صحيحا، ونأسف لمثل هذه الاعتقادات، فالحكومة برئاسة سلفاكير تضم كافة مكونات شعب حنوب السودان والتي تتكون من أكثر من 64 قبيلة، وكذلك المعارضة تتكون من مكونات مختلفة، فما يحصل هو خلاف في السلطة وهو ما نسعى أن نجد له الحلول عبر مفاوضات أديس أبابا".

المسؤول الحكومي، نفى، في حديثه لوكالة االأناضول، الاتهامات التي وجهتها الأمم المتحدة لحكومته بتجنيد الأطفال وارتكاب انتهاكات خلال الصراع الحالي مع المتمردين، قائلاً إن "هذه الاتهامات كاذبة ولا أساس لها من الصحة، حيث جرى بعد اتفاقية السلام في عام 2005 (التي مهدت لانفصال جنوب السودان الذي جرى عام 2011) تسريح كل من كانت تشمله الخدمة الإلزامية من الأطفال".

وعن علاقات جوبا والخرطوم، أشاد مكوي بهذه العلاقات، وأثنى على موقف الرئيس السوداني عمر البشير ودعمه للسلام الذي نتج عنه إجراء الاستفتاء والاستقلال، لافتًا إلى أن "هذا الموقف أسس لشراكة استراتيجية بين البلدين.