في ظل الأوضاع التي تمر بها ليبيا من أزمات أمنية انعكست على الجانب الإقتصادي بشكل ملحوظ ما أدى الى تذمر المواطن ومطالبته بتقديم معالجات سريعة لكل المختنقات، ولتوضيح بعض الجوانب أجرت بوابة أفريقيا الإخبارية لقاء خاصا مع وزير الإقتصاد بالحكومة الليبية المؤقتة "منير عصر" في مدينة البيضاء تحدث من خلاله عن ابرز المشاكل الحالية من بينها أزمة الدقيق وأسبابها ، قائلا : "تعتبر الأزمة من شقين في ليبيا، جزء منها حقيقي وآخر مفتعل، والحقيقي أن هناك وقفة إحتجاجية من أصحاب المطاحن نظرا لبلوغ الدين الخاص بهم قبل عام ونصف الى مايقرب مليار ومائتين مليون دينار ليبي ولم يتم التدقيق في هذا الرقم بعد، حيث أسيئ إستخدام هذه الوقفة الإحتجاجية، ماترتب عنها إشاعات مغرضة استغلها الكثيرون، اما الجزء المفتعل فهو مع قرب اي جلسة للإستماع للحكومة من قبل البرلمان تظهر أزمة الوقود والدقيق والكهرباء وهذا أمر مستغرب، إن معدلات توزيع الدقيق لم تنخفض نهائيا، والمسحوبات لازالت كما هي وفق للسجلات لدينا".

وأضاف "منير عصر" أن المخابز لا تعاني أي أزمة، وأن "مسحوباتها لازالت كماهي والحجج كانت بإنقطاع التيار الكهرباء ونقص الأيدي العاملة، والبعض الآخر يتاجر بالدقيق في السوق السوداء، اما من جانبنا فإن الكميات التى توزع لازالت على حالها".

وتابع الوزير بقوله، :"لو أخذنا 2010 كسنة أساس، كان الليبون موجودين على كامل التراب الليبي، وكان هناك ثلاث مليون مواطن مصري إضافة لتعداد الشعب الليبي، وكانت المخابز تفتح لساعات متأخرة من الليل، ولا توجد توقفات في الكهرباء ، وكانت هناك ايضا مخابز للأعلاف ومخابز للحلويات وكانت الكميات الموزعة من الدقيق تقدر بحوالي 108 ألف طن، في عام 2014 لم يعد هناك ثلاث مليون أجنبي بليبيا، والشعب الليبي جزء منه نازح لمناطق أخرى، واخرى بالكامل تم تهجيرها، ومع كل ما تقدم نجد ان الكمية نفسها لازالت على حالها والتي بلغت 108 الف من الدقيق".

المخزون الاستراتيجي

وتحدث الوزير "عصر" عن أن الوارد هو الصادر ولم يكن هناك مخزون استراتيجي، وىلم يكن لدي الدولة هذه الفكرة، كان من المفترض ان يكون هناك مخزون مابين  ثلاث الى ستة أشهر حسب المعدلات العالمية، وعندما كنا في الحكومة لم يكن هناك موضوعية نتيجة للظروف الإستثنائية والتي تحتاج لمعالجات خاصة، فنحن نعتبر حكومة أزمة وفي ظروف استثنائية، كان من المفترض ان يكون هناك إقرار قانون طوارئ وميزانية أزمة لمعالجة هذه المختنقات، ومع  الأسف كان المعيار مختلفا، نحن في أزمة، والقوانين العادية مكبلة، وأي معاملة تحتاح بيروقراطية كبيرة جدا، والان استطعنا عن طريق بعض رجال الأعمال توريد ما يلزم من السلع، لكن تظل السياسة النقدية التى يقودها مصرف ليبيا المركزي هي المسؤولة، ومن يريد فتح إعتمادات ستكون الصدمة بعدم وجود حوالات خارجية، مع عدم توقفها بشكل كامل".

ويتابع الوزير حديثه، :"كان لي حديث مع محافظ مصرف ليبيا المركزي حول صرف الإعتمادات من قبل المصرف حيث بلغ مليار ونصف للبضائع، وهو رقم غير صحيح، وهي إعتمادات ربما تكون وهمية أو فساد، هناك ثلاث مشاكل رئيسية واجهتنا من الأيام الأولى فى الحكومة، من بينها انه لم يتم إعتماد ميزانية طوارئ ولا حتى ميزانية عادية، والميزانية تم إعتمادها في الشهر الجاري والسنة المالية تبدأ في شهر مارس، والإقتصاد في ليبيا ريعي يعتمد على النفط وهو فى حالة معاناة من إنخفاض في الانتاج والاسعار، وبالتالي انخفض الدخل الليبي، بالاضافة الى عدم سيطرة مصرف ليبيا المركزي في البيضاء على المصارف والحوالات بالمدينة، ونحن في وزارة الإقتصاد لسنا مسؤولين عن السياسة النقدية وهي اختصاص مصرف ليبيا المركزي وهو غير خاضع لمسؤولية الحكومة وهو يتبع البرلمان بشكل مباشر واصبح لديه مشكلة في النقد الأجنبي، وهناك مشكلة أخرى وهو قانون الصيرفة الإسلامية ويجب ان يكون هناك قانون مثل هذا ونحن لا نهاجمه لكن المصرف لم يسرع في إنجازه، لقد كان من المفترض التوجه للبرلمان لتوضيح أسباب التعطيل في انجاز هذا القانون، ماترتب عليه عدم التعامل مع الأشخاص أصحاب الإعتمادات الا عبر 110 في المائة ولم يتمكنوا من الإحالة، حيث ظلت أموال المودعين قرابة الشهرين ممن قاموا بتغطية الاعتمادات".

ويضيف الوزير ان المشكلة الأخرى هي "قانون الدين العام وهو الذي يمنع الدولة من الإقتراض، وفي حال الذهاب للإقتراض ستكون العقبة قانون الصيرفة الإسلامية وقانون عدم الإقتراض " الدين العام "، والحكومة قدمت مشروعا للبرلمان ولم يتم إقراره وحتي طلب الشرح عليه، ومشكلة اخرى حتى وان وافق المصرف على الإقراض فسيكون بالفوائد, وبالتالي أصبح هناك قانونان يجب النظر فيها وهما الصيرفة الإسلامية وقانون الدين العام لمعاجلة أي ميزانية".

مشاكل اخرى

وينفي "عصر" أن تكون الحكومة المؤقتة ورطت البلاد في أي ديون، بالقول: "نحن حكومة تقشفية ولاتوجد أي حكومة في العالم تسير ميزانية دولة بمليار ونصف فقط. كان الكثير يخطئ بأن وزارة الإقتصاد هي سلع تموينية ونحن في بداية خطتنا قدمنا مشروع لرفع الدعم لان هذا إقتصاد مشوه ، واصبحت لدينا ثقافة جمعيات وهي بالية جدا تخصلت منها الكثير من الدول ، وكانت لنا خطة لرفع الدعم بأن يكون بطاقة الكترونية والدعم النقدي بدل الدعم السلعي وبطاقة الكترونية للوقود، واقترحنا خططا للصناعة، ونحن فى وزارة الإقتصاد نقول أنه أينما توجد تنمية يوجد أمن، والشباب على قارعة الطريق بدون عمل ، وعقلية القطاع العام هو من يقوم بالتعيين هذا فراغ فقط، ولابد من خلق قطاع خاص لا توجد فى دول العالم دعم للمشاريع بشكل كامل، وفي ليبيا كانت هناك عقلية تجار وليست رجال أعمال، ونحن محتاجون لقانون ينظم السياسة المالية وقانون ضرائب جيد ليس للجباية وانما لتوزيع الثروة على الشكل الصحيح".

مشاريع جديدة

واشار عصر قائلا إلى أن لدى الوزارة "خطة مناطق صناعية ومناطق حرة واشترطنا في المشاريع التي تنشئ عن طريق الإستثمار بأن يكون هناك تواجد في كل الوظائف للقدرات الليبية بنسبة ثلاثين فى المائة، وتنوع الإقتصادي في ليبيا ممتاز يتيح الفرصة امام المستثمرين, وليبيا بإمكانها بيع الكهرباء في المستقبل وتعتبر بوابة لإفريقيا وامامها دول أوروبية وهي المستهلك الأكبر فى العالم، اما فيما يخص الموضوع الأمني وتأثيره فهو موضوع ليس بالمختلف عن العالم فهو ايضا يعاني من أرتفاع نسبة الجريمة في ليبيا تعتبر شيئا دخيلا على المواطن, نحن لا نستهين بحجم الفوضي، لكن هناك دول تحسب فى معدلات الجريمة بالدقيقة, الأزمة الإقتصادية الحاصلة الان ليست بليبيا وإنما في أغلب الدول الأوروبية وامريكا".

رفع الدعم

وقال الوزير: "قدمت خطة فيما يخص موضوع رفع الدعم عن السلع التموينية، ولكن عدم الإستقرار على كامل التراب الليبي حالة دون ذلك، وخطة الدعم النقدي ستقضي على الانفاق في غير محله، لان الدعم النقدي لا يفرط فيه بالمواطن بسهولة، بالاضافة للقضاء على التهريب، وتوفير العملة الأجنبية, وسيكون هناك قيمة مالية وستصرف، وكنت اطالب بأن يكون الدعم النقدي أكثر من الدعم السلعي، إن الدخل المنخفض لا يمكن ان يبني إقتصاد، قدمنا الخطة للحكومة واللجنة الإقتصادية بالبرلمان، وكانت النظرة اننا فى أزمة وفي ظروف صعبة وكأننا حكومة تسيير أعمال".

وأوضح "عصر" :" أطلقنا خمس مناطق صناعية، من بينها منطقة سد بحري في سوسة وتم إعتمادها وهناك منطقة في الزنتان ستكون لمواد البناء بالكامل، وهناك منطقة في طبرق ستكون صناعية حدودية ومصانع كبيرة وسيكون لكل منطقة صناعية خصوصية بأن يكون  بها فرع لمصرف التنمية وفرع لهيئة تشيع الإستثمار بحيث كافة الإجراءت تكون من داخل المنطقة نفسها، ومنطقة لذوي الإحتياجات الخاصة في المرج، وكل الدراسات اصبحت جاهزة، ولدينا مشاريع إستثمارية فيما يخص المستثمرين من الخارج ولازال المستثمر الأجنبي ينتظر حكومة ليكون هناك تعامل معاها خاصة في ظل الحديث عن حكومة وفاق وطني مقبلة وهو ما جعل الامر يبعدنا عن الإستقرار".

واضاف في نهاية اللقاء "أن الحرس البلدي لا يستطيع ان يمارس إختصاصته، وضمير الجماعة هو الغائب عن المشهد وهو الذي من المفترض ان يعاقب كل من يبيع الدقيق، فللأسف لايوجد عقاب اجتماعي وغياب المنظومة القانونية وهو قاعدة أخلاقية قبل كل شئ، اطمئن الجميع ان كميات الدقيق موجودة وسيتم اليوم الإثنين توزيع عشرة الاف كيس من الدقيق لمدينة البيضاء، وسيكون خمسة وعشرون الف كيس دقيق لمدينة بنغازي".