" سنتحالف مع نداء تونس و المؤتمر و الجبهة الشعبية وفق هذه الشروط... لا علاقة لي بوفاة الجيلاني الدبوسي و هذه تفاصيل تسليم البغدادي المحمودي و إسألوا المرزوقي إن كان على علم أم لا بذلك...كنا و سنبقى الحزب الأول في تونس وسنفوز في التشريعية والحكم المقبل  لن يكون إلا تشاركيا... و للمتحدثين عن اختراقات نهضاوية داخل فروع هيئة الانتخابات أقول: خانها ذراعها قالت مسحورة...لم نحاول السيطرة على القضاء ولم نفتح السجون أمام التكفيريين مثلما يروج ومن يقول  إن شعبية  النهضة في تراجع عليه أن يرى اجتماع صفاقس... و لماذا  تتهم النهضة حتى عندما يسقط جزء من القمر...." وغيرها.

هذه نبذة مما جاء في حوار أجرته " بوابة إفريقيا الإخبارية" مع وزير العدل الأسبق والقيادي في حركة النهضة و مرشحها عن دائرة بن عروس نورالدين البحيري أجاب فيه عن أسئلتنا الحارقة حول عديد الملفات الساخنة التي وسمت فترة حكمه على رأس وزارة العدل على غرار واقع القضاء و السجون وقضية تسليم البغدادي  المحمودي و غيرها إضافة إلى قضايا المرحلة الحالية و المقبلة.

و في ما يلي نص الحوار.

غياب ملحوظ لنور الدين البحيري عن المنابر الإعلامية، فهل هذا خيار أم إبعاد فرض عليكم فرضا كما ألمح البعض؟

الظهور الإعلامي  ليس غاية في حد ذاته وهو وسيلة لتبليغ آراء و مواقف.  كنا منشغلين بالتحضير للانتخابات و إعداد البلاد لهذه التجربة الرائدة التي ستنقلها من مرحلة الحكم المؤقت إلى مرحلة  الحكم الدائم. نحن لا نظهر في الإعلام لمجرد الظهور فقط و هذا الأمر ينسحب على كامل أعضاء الحركة.

ولكن  بعض الجهات تؤكد أن لديكم خلافات مع رئيس الحركة حول موقفكم من  الأمين العام المستىقيل حمادي الجبالي و سعيكم إلى استقطاب رجال أعمال مقربين من هذا الأخير، ما تعليقكم؟

لا وجود لخلافات داخل الحركة ورئيسها هو رئيس كل أبنائها ويحظى بالاحترام و التقدير وهو رمز من رموز   الفكر  المعتدل نعتز به و بقيادته  للحركة. كذلك حمادي الجبالي  كان  دائما عنصر توحيد  داخل الحركة ولم يكن مطلقا  سببا  في الفرقة  و الخلافات.

عائلة الجيلاني الدبوسي تتهمكم إلى جانب رئيس الدولة المؤقت ووزير الصحة السابق بالتسبب في حادثة الوفاة  وفق كلامها  كما أنها قامت برفع شكاية إلى القضاء الفرنسي،  بماذا تردون؟

هذه دعاية سياسية ربما ظن البعض أنها يمكن أن تؤثر في الانتخابات. ما علاقتي أنا بوفاة الجيلاني الدبوسي الذ ي توفي بعد مغادرتي لوزارة العدل بأشهر وهو توفي دون تعرضه إلى أي اعتداء؟  كما أن الموت حق على الجميع. من كان يعتقد أن مثل هذه الدعايات  يمكن أن تؤثر في سير الانتخابات فهو مخطئ و مثل هذه المحاولات الفجة لا يمكن أن تكون إلا عكسية فتجاوب الشارع التونسي مع النهضة أينما حلت وكذلك تجاوب أهالي بن عروس مع الحركة لأكبر دليل على ذلك. النهضة حركة  وطنية جماهيرية معتدلة و مثل هذه الإشاعات المبتذلة لن تخيفنا وليس لأحد أن يقدر على ابتزازنا وهذا لن يزيدنا إلا إصرارا على الحق و ثباتا عليه و احتراما داخل البلاد و خارجها.

حسب خصومكم أنتم كذلك متهمون  لدى توليكم لحقيبة وزارة العدل بفتح السجون أمام بعض الدعاة التكفيريين و دمغجة المساجين بهدف تجنيدهم  للجهاد في سوريا،  فهل من توضيح؟

هذه دعاية سياسية هدفها تشويه صورة الحركة و صورة قياداتها ووزير العدل بسبب ما اتخذه من قرارات جريئة و شجاعة في تطهير القضاء والسجون و إصلاح أوضاعها و إرجاع الحق إلى أصحابه و محاسبة المتجاوزين و الفاسدين وبسبب رفضه لكل الضغوط و تحديه لعصابات الفساد التي خربت مؤسسات الدولة  ودمرت السجون و القضاء إحداها.  ونور الدين  البحيري واحد ممن يدفعون ثمن دفاعهم عن الحق و ثمن تحديهم لأفاعي الفساد و التخريب و اتخاذ ما يلزم من قرارات  لوضع حد لجرائمهم و ضباط و أعوان السجون وهم أغلبية كبيرة جدا يعرفون جيدا من هو نور الدين البحيري و يعرفون ماذا حقق لهم من مكاسب و رد لهم من حقوق.

وماذا بالنسبة إلى محاولات السيطرة على القضاء التي يقول خصومكم أنكم وراءها؟

كثرة ترديد بعض الاتهامات  و ترويجها ينم عن نية مبيتة في الإساءة والتشويه وإلا كيف يتهم البحيري بالسيطرة على القضاء وهو الذي حقق مكاسبا للقضاة لم تحقق لهم طيلة تاريخهم مطلقا من ترقية آلية وتكليف للشرفاء بمسؤوليات قضائية والمساواة بين الجميع و إصلاح آليات مناظرة الدخول إلى المعهد العالي للقضاء و إحداث القطب القضائي وفتح أبواب الرسكلة والتدريب أمام العشرات منهم دون تمييز ؟  إضافة إلى الترفيع في أجورهم بشكل لم يحصل في تاريخ تونس ومعاملتهم باحترام وتقدير وعدم التدخل في شؤونهم مهما كان.  أين كان الذين يتهمون البحيري بوضع يده على القضاء في ظل النظام البائد؟ ولماذا لم يجدوا الجرأة في قول ذلك لوزراء المخلوع؟ أين كان هؤلاء الذين كانوا لا يتجرؤون على مجرد الصعود إلى الطابق الثالث بوزارة العدل ووزير العدل  في حكومة الثورة المتهم بوضع يده على القضاء فتح لهم مكتبه وقلبه وشركهم و كل أعضاء الأسرة القضائية من عدول تنفيذ و عدول إشهاد وكتبة محاكم و خبراء عدليين وخبراء محاسبين و غيرهم في التفكير المشترك حول مستقبل القضاء؟ كيف يضع وزير العدل يده على القضاء بعد أن غادر الوزارة  وحل محله وزير أول و ثان وربما ثالث؟ كيف يضع وزير عدل يده على القضاء والقضاة يشهدون بأنه لم يتدخل مطلقا في أي ملف مهما كان.   إذن الاتهام سياسي ولم يعد ينطلي على أحد  وأنا متأكد أن هؤلاء الذين خربوا القضاء لأكثر من سنة و جاءت الثورة لتحرمهم مما كانوا يتمتعون به من امتيازات ومن  مواقع سيواصلون دعاياتهم الممجوجة حتى بعد 20 سنة من مغادرة البحيري لوزارة العدل.

هل صحيح أن نورالدين البحيري هو وزير العدل  الفعلي في حكومة الجبالي وحكومة العريض وحكومة التكنوقراط كما يرى البعض؟

مثل هذا الاتهام ليس موجها ضد البحيري  لأنه في الحقيقة فيه تحقير لوزراء تحملوا المسؤولية وهم من خيرة الكفاءات في تونس أولهما نذير بن عمو وهو أحد أكبر الأساتذة و أحد زملائي في الدراسة وثانيهما العميد حافظ بن صالح وهو أستاذي في سنتي الأولى بكلية الحقوق وواحد من رجال القانون الأفذاذ الذين تعتز بهم تونس و مثل هذا الاتهام لا يختلف في شيء عما فعله بعض الغرباء عن الجامعة  التونسية وعن العلم و قيم التحضر مع بن عمو في المدرج. كما أن هذا الأمر لا يختلف في شيئ عن حملة التشكيك التي طالت العميد حافظ بن صالح من طرف بعض الجهلة عند تعيينه وزيرا للعدل. للأسف الشديد الحقد والجهل و العنصرية تدفع البعض إلى تحقير العلم والعلماء والبلاد التي لا تحترم ولا تجل علمائها مهما كان توجههم السياسي و الإيديولوجي لا يمكن أن  تنهض أو تتطور.

ولكن كيف لوزير يفترض أنه  مستقل وهنا أقصد نذير بن عمو أن يترشح عن قائمة النهضة، ألا ترون أن هذا الأمر يطرح عديد التساؤلات؟

نذير بن عمو وزير مستقل و أستاذ معروف باستقلاليته  يترشح عن قائمة حركة النهضة كمستقل فيثار حول ترشحه ما يثار  من محاولات للتشكيك في مصداقيته.  في حين آخرون وعددهم كبير يتحملون مسؤوليات في حكومة الباجي قايد السبسي و بعدها باعتبارهم مستقلين و يترشحون لرئاسة و عضوية حكومة الحوار الوطني ثم بعدها يتحملون المسؤوليات الأولى في أحزاب و لا يثير ذلك تعجب و استغراب أحد و هذا دليل على أن ما يثار حول نذير بن عمو فيه استهداف لشخصه و للنهضة و موقف منحاز لفائدة بعض الأطراف.  لماذا لا تتساءلون لماذا تحول محمد الناصر الذي أحترمه جيدا وهو صديق عزيز من مرشح توافقي مستقل  لرئاسة الحكومة  في الحوار الوطني أو من عضو  في حكومة السبسي إلى نائب لرئيس نداء تونس؟  كذلك كيف تحول ياسين براهيم و سعيد العايدي و غيرهم كثير من أعضاء حكومة السبسي إلى زعامات و قيادات لأحزاب سياسية؟ ألم تروا إلا مشاركة بن عمو كمستقل في قائمة حركة النهضة؟ هل بعضهم لا  ينظر بعين واحدة و سلبا  إلا  تجاه ما يحصل في النهضة و يغض الطرف عن كل ما يحصل في  غيرها  و هذا  خطأ في  حق البلاد و العباد.

وماذا عن رسكلة رجال الأعمال الفاسدين الذين تقول بعض الأطراف أنها حدثت أثناء فترة حكمكم؟

الرسكلة لا تكون إلا للنفايات، و لا أدري ما المقصود بالرسكلة؟. النهضة حركة شعبية مناضلة تؤمن بالمبادرة الفردية و الملكية الفردية و تشجع على الاستثمار مع احترام حقوق الطبقات الفقيرة و المتوسطة   في الكرامة وهي تستوعب كل الفئات من رجال أعمال و فلاحين و عملة و أغنياء و فقراء و لا فرق بين هؤلاء في النهضة إلا  بالتقوى و بما يقدمونه لبلادهم. نحن معتزون بانتماء عدد كبير من رجال الأعمال للحركة إقتناعا بأفكارها لا خوفا و لا طمعا.

مصدر نقابي أمني أفاد مؤخرا بأن إحدى الجمعيات المقربة من النهضة حصلت على امتيازات مادية هامة  من عملية تسليم البغدادي المحمودي حسب تعبيره، فبماذا تجبيون؟

من لديه حجة عليه تقديمها. وكفى تونس دعايات كاذبة يعاقب عليها القانون.

و ما ردكم على تصريحات المرزوقي الأخيرة التي  كرر خلالها أنه لم يكن على علم بتسليم البغدادي؟

هنا يقع توجيه هذا السؤال للمرزوقي لتوضيح الموقف. الإجابة عن هذا السؤال عند رئيس الحكومة الأسبق و قيادة الجيش في ذلك الحين. ولكن ما أنا على يقين منه أن تسليم البغدادي كان في إطار القانون تنفيذا لحكم قضائي بات صادر بالتسليم  في حقه و بقرار مجلس الوزراء في عهد السبسي  و مجلس الوزراء في حكومة الجبالي. كما أنه لا علاقة لتسليمه بحقوق الإنسان أو غيرها لأن بلادنا مرتبطة باتفاقيات و التزامات تفرض عليها احترامها. أيضا من المفروض على السلطة السياسية احترام قرارات القضاء و الخضوع لها.

هل صحيح أن النهضة تخلت نهائيا عن ورقة المرزوقي بمعنى أنها لن تدعمه لولاية رئاسية ثانية حسب ما يتردد؟

النهضة لم تحدد موقفها بعد من الرئيس المقبل الذي ستسانده.  ماهو ثابت لدى الحركة التي لم ترشح أحدا منها أنها معنية بالانتخابات الرئاسية و أنها ستختار من تراه الأصلح لقيادة البلاد في المرحلة المقبلة وليس للنهضة أي التزام بالدعم مع أي واحد من المترشحين للرئاسة.

و بالنسبة لمنذر الزنايدي و حمودة بن سلامة؟ ألن تدعمهما النهضة؟

ليس لدينا أي مرشح و سننظر لاحقا في من نراه الأصلح.

أفادت بعض الجهات أن النهضة وراء كل الخلافات التي حدثت في نداء تونس و آخرها ما صرح به الغرياني على  قناة حنبعل، ما ردكم؟

لو سقط جزء من القمر لٱتهمت النهضة بذلك. نحن لا نتدخل في شؤون الأحزاب الأخرى وندعو إلى التعايش بين جميع التونسيين.

هل ستتحالفون مع نداء تونس بعد الانتخابات؟

تحالفاتنا المقبلة لن تكون بناء على خيارات شخصية بل على أساس برنامج سياسي و اقتصادي و اجتماعي وبناء على دائرة توسيع المساندين لخيارات الثورة و المدافعين عن بناء دولة مدنية حديثة و عادلة تضمن استكمال أهداف الثورة و تحقيق العدالة الانتقالية و توفير الكرامة و الحق في الحياة لكل التونسيين وكذلك تضمن  أمنهم و إرجاع الإطمئنان إليهم و مقاومة المحتكرين و المهربين الذين كانوا سببا في غلاء المعيشة و لهيب الأسعار.

و بالنسبة للتحالف مع حزب المؤتمر والجبهة الشعبية، هل يبقى احتمالا واردا بنظركم؟

نحن مع توسيع دائرة المشاركين في الحكم و ضد إقصاء أي طرف عن إدارة الشأن العام. حتى لو فزنا بالأغلبية فنحن مع حكم تشاركي يضم القوى السياسية و الاجتماعية و الكفاءات الوطنية في الداخل والخارج على قاعدة تكريس الديمقراطية و تكريس مبادئ الدستور و ضمان الحق والحياة الكريمة للجميع وبناء  علاقات إيجابية مع محيطنا الإقليمي و الدولي و عدم التدخل في شؤون الغير.

أما بالنسبة للجبهة الشعبية،  فإن هي قبلت التخلي عن منطق الإقصاء الذي يسود داخلها و التزمت باحترام حق الجميع في إدارة الشأن العام للبلاد على أساس المواطنة و احترام الحق في الملكية الفردية و تشجيع الاستثمار و المستثمرين و تحقيق العدالة الاجتماعية و قيام الدولة بالدور التعديلي لحماية الطبقات الفقيرة و المتوسطة و التعاون  مع دول الجوار فإننالا نرى مانعا في التحالف معها.

يسود جدل عن اختراقات نهضاوية ببعض فروع الهيئة العليا للانتخابات ، فما جوابكم عن هذا السؤال؟

هيئة الانتخابات هيئة مستقلة و تم إفرازها بشكل توافقي بين الجميع. وعلى كل الأحزاب و المنظمات و أبناء تونس دعمها و مساندتها لأن التشكيك في مصداقيتها تشكيك مسبق في نتائج الانتخابات والمثل الشعبي التونسي يقول : " خانها ذراعها قالت مسحورة" .

وكيف تتوقعون حظوظكم في التشريعية؟

كنا وسنكون الحزب الأول في تونس. و مهما كانت النتائج لصالحنا فإن الحكم  المقبل  لن يكون إلا تشاركيا و توافقيا.

ولكن بعض المتابعين يرون أن شعبية النهضة في تراجع خصوصا في الجهات، فما هي حدود هذه القراءة في رأيكم؟

يا ليت الذين يقولون ذلك يقدرون على تنظيم اجتماع وطني مثل الاجتماع الذي  عقدناه في صفاقس.