بدأت وزارة الأوقاف المصرية في القيام بحملة واسعة لتثبيت عودة سلطة الدولة والقانون على المساجد والفضاءات الدينية التي تم اختراقها واحتكارها من قبل الدعاة السياسيين المنتمين لأحزاب الإسلام السياسي مثل الإخوان والدعوة السلفية.. وهو مطلب أكدت عليه جماهير ثورة 30 يونيو بمعية قسم واسع من الجمعيات والحقوقيين والسياسيين المدافعين عن مدنية الدولة.

أكد الدكتور محمد عبد الرازق وكيل وزارة الأوقاف المصرية لشؤون المساجد أن الوزارة أغلقت ملف اعتلاء المنتمين للجماعات الإسلامية أو الذين يمارسون السياسة تحت غطاء ديني لمنابر المساجد، مؤكدا أن من يحق لهم القيام بالخطابة هم فقط خريجو الأزهر الشريف، أو من يحصلون على تصريح رسمي بذلك “وهذه مسألة لا تهاون فيها لأنها تمس هيبة الدولة وقدرتها الشديدة على تطبيق القانون”.

وأضاف عبد الرازق أن التبرعات التي يتم جمعها داخل المساجد، والتي تمثل خطورة بالغة، يتم استغلالها من جانب جماعات لها أجندات وسياسات خارج السياق العام للدولة وتخدم مخططاتها الذاتية الحزبية الضيقة. وقال الشيخ عبد الرازق في تصريحاته الخاصة لـ “العرب” أن سلطات الأوقاف تسمح فقط بنوعية معينة من الصناديق داخل المساجد مثل “صناديق النذور”، وهي خاضعة لإشراف الوزارة ويتم استخدامها في شؤون الدعوة، وهناك الصناديق الخاصة بالزكاة ومسؤولية عنها وزارة التضامن.

وقد كانت مسألة التبرعات التي تجمع داخل المساجد من قبل ناشطين إخوان وإسلاميين قد أثارت العديد من علامات استفهام في ظل عدم وجود ضوابط صريحة وواضحة تحدد الهدف منها، والجهات التي تنظمها وأين يتم صرفها؟ وهو مادفع وزارة الأوقاف أخيرا إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات لتقنين هذه المسألة، خشية استخدام هذه الأموال في تمويل جماعات متطرفة وتغذية الأفكار الإرهابية.

وأوضح “عبدالرازق” أن الأوقاف حذرت من استغلال المساجد في الانتخابات البرلمانية القادمة للحفاظ على حرمتها وهيبتها، مشيراً إلى أن الأوقاف قد أصدرت بياناً في هذا الصدد، أكدت فيه على “عدم وجود مجال لمحاولة توظيف المساجد سياسيًا، أو جعلها مقارًا انتخابية لبعض الأحزاب أو الفصائل أو الجماعات، كما كان يحدث في السابق، أو استغلالها للدعاية الانتخابية، أو توزيع المنشورات، أو إلصاقها بها، أو تعليقها عليها، أو الإعداد للبرامج الانتخابية بها”.

ونوه مسؤول شؤون المساجد إلى أن السلطات المصرية سواء كانت دينية أو أمنية سوف تراقب تأمين المساجد عن كثب ومنع أية عملية تسييس لها أو الدعوة لغير الله فيها، خاصة وأن استحقاقات انتخابية قادمة تنتظرها مصر مثل الانتخابات التشريعية.

فالوزارة لن تسمح باستخدام المنبر تصريحًا أو تلميحًا لصالح أي مرشح أو فصيل سياسي، بل إنها ستتخذ إجراءات حاسمة تجاه أي تجاوز في هذا الشأن. ويذكر محمد عبد الرازق أن الدستور تطرق إلي عملية الرقابة علي المساجد ووضع ضوابط لهذه المسألة “حتي لاتكون مطية لغير المتخصصين” بتعلة الجهل بالقانون أو عدم فهم بنوده.

وقد نصت المادة الأولى من قانون المساجد على أن تكون ممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد وما في حكمها من الساحات والميادين العامة وفقًا لأحكام هذا القانون ونصت المادة الثانية على أنه لا يجوز لغير المعينين المتخصصين من وزارة الأوقاف والوعاظ بالأزهر الشريف المصرح لهم بممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد وما في حكمها، ويصدر بالتصريح قرار من شيخ الأزهر أو وزير الأوقاف حسب الأحوال، ممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد وما في حكمها، وفقًا للضوابط والشروط التي يصدر بها قرار من وزير الأوقـاف أو من يفوضه في ذلك.

وقال الشيخ عبد الرازق أن الوزارة حددت ضوابط الاعتكاف خلال شهر رمضان، بأن يكون بالمساجد الكبرى ويشرف عليها إمام بالأوقاف أو شخص معتمد من الأزهر الشريف، مضيفا أن الأوقاف اشترطت أن يكون المعتكفون من أبناء المنطقة المحيطة بالمسجد والمعروفين لإدارته، على أن يسجل المشرف على الاعتكاف أسماء الراغبين في الاعتكاف، كما اشترطت الوزارة أن يكون مكان الاعتكاف مناسباً من الناحية الصحية وخدمة المعتكفين، بناء على تقرير يرفع من مدير الإدارة التابع لها المسجد لمدير المديرية.

وشدد الوكيل عبد الرازق على مسؤولية إدارة الأوقاف التابع لها المسجد عن إدارة شؤون الاعتكاف، وعن أي خلل يحدث فيه، ولها حق متابعته من خلال التنسيق مع المشرف على الاعتكاف. وتعتبر قضية الاعتكاف خلال شهر رمضان من أخطر القضايا التي تواجها وزارة الأوقاف، نظراً لسيطرة جماعات دينية متنوعة الخلفيات على عدد كبير من المساجد مستغلين حالة الروحانيات في تأجيج مشاعر الناس وتوجيههم في إطار محدد وتوظيفهم لنشر أفكار تخدم في النهاية سياسات تخالف النظام العام للدولة، وتصب في حسابات أحزاب سياسية بعينها تتستر بغطاء الدين لكسب حماسة الناس وإقحامهم في المعارك السياسية الصرفة.

ونفى الدكتور محمد عبد الرازق وجود ما يسمى مدا شيعيا أو إقامة حسينيات (أماكن العبادة للشيعة) في مصر، مؤكدا تصدي الوزارة لهذه الظاهرة إن وجدت، مشيراً إلي التعاون مع الأزهر الشريف في هذا السياق ومشددا علي ضوابط ترشيح العلماء والدعاة للدول التي ينتشر فيها هذا المذهب، لافتا إلي اتخاذ الوزارة جميع الإجراءات القانونية، بشأن من يثبت تورطه في الترويج للمذهب الشيعي داخل مصر حرصا على تماسك الوحدة الوطنية المصرية وقطعا لسبل تفشي ظاهرة التشيع التي تقف وراءها جهات سياسية وإقليمية.

كما نصت المادة الثالثة من قانون المساجد على عدم الجواز لغير خريجي الأزهر الشريف والعاملين في المجال العلمي أو الدعوي به، وطلابه في التعليم الجامعي وقبل الجامعي، والعاملين بوزارة الأوقاف في مجال الدعوة، والعاملين في دار الإفتاء في المجال العلمي والدعوي، والمصرح لهم بالخطابة من وزارة الأوقاف ارتداء الزي الأزهري، ويصدر بتحديد مواصفات هذا الزي قرار من شيخ الأزهر بناء على عرض وزير الأوقاف.

أما المادة الرابعة فنصت على أن يكون للعاملين المتخصصين بوزارة الأوقاف الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزير الأوقاف صفة مأموري الضبط القضائي، فيما يتعلق بتطبيق أحكام هذا القانون.

وأكد وكيل وزارة الأوقاف لشؤون المساجد اهتمام الوزارة بالمساجد مع اقتراب دخول شهر رمضان المبارك والرقابة عليها، حتى يؤدي المصلون شعائرهم من تلاوة قرآن وذكر في جو من الخشوع والسكينة والراحة، موضحا أن الوزارة تقوم بعدة إجراءات لضمان قيام الأئمة والمؤذنين بعملهم على أكمل وجه خلال الشهر الفضيل، منها منع الغياب إلا للضرورة القصوى ومبررات تقتنع بها الوزارة مع التأكد من وجود من يقوم بعمل الإمام والمؤذن خلال مدة غيابه، علماً أن الوزارة تقوم بتكليف عدد من الأئمة بصلاة التراويح بمكافآت مقطوعة في شهر رمضان المبارك فقط، لضمان عدم تعطل المساجد والجوامع.

 

*نقلا عن العرب اللندنية