1-من تكون هذه السيدة؟
استقبلت بقرف بالغ مقال هو "خليط أحشاء" من الزيف والافتراء، والغطرسة الخرقاء ، والغش المصطلحي، والتناقضات المعرفيه التى بلغت حد الأمية السياسية التى لا أدري إن كان مصدرها جهل حقيقي أم إسباغ متعمد لـ (طهارة الغشيم) على مقصد فاسد. ولقد ذكر الموقع الذى نشر ذلك المقال باللغة العربية - وبلا عنوان تقريبا - بتاريخ 28 يناير 2023 ، بأنه يعود لـ ستيفاني وليامز، وأن مؤسسة "بروكينغز" الأمريكية هى التى نشرت نسخته الأصلية.
بيد أن ما جعل ذلك المقال يمثل مصدر تهديد حقيقي لليبيين، هو تأكيده على إصرار هذه السيدة الغريب والمقلق ضمن دفق واسع من التدخلات "الستيفانية" المتعاقبة التى لم تنقطع منذ غروب وجه وليامز عن بلادنا الذى ظنناه غروبا إلى غير رجعه، على مواصلة ملاحقة الليبيين بلا هوادة. ورغم أن حسن الظن الأخرق الذى قد يصيب مغفلا منا بردِّ هذه المطاردة اللصيقة إلى إحساس وليامز بالذنب حيال جملة الجرائم السياسية المدمرة التى ارتكبتها ضد الليبيين باسم الأمم المتحدة، إلا أن حقيقة المقال المشار إليه وطبيعة جملة المطاردات اللعينة التى سبقته والتى يُتوقع استمرارها مستقبلا بتصعيد أخطر، لا يعكس إلا رغبة حقيقية لدى (وليامز ومن يوظفها) بالحفاظ على تأجيج نتائج تلك الجرائم.
حيث بدأ واضحا أن منهجية المخبرين المنظمة التى تدار بها هذه الملاحقة، لا يمكنها أن تكون إلا عملا موجها لتخريب كل فرصة تتاح لليبيين لإخماد الحريق الذى أضرمته وليامز بديارهم. فهي مطاردة من النوع الذي لا يمكن أن يقوم إلا على مشروع ملاحقة مبيت وممول وضمن دور وظيفي قار و مرسوم يدير برنامجا حكوميا سريا خاصا. حيث أنه بالرغم من كل محاولات وليامز إنتهاز فرصة جهل معظم الليبيين بالنوايا الحقيقية لمطاردتها لهم بتعمد إلباسها أثواب النوايا الحسنة وإظهار حرصها على مصلحة الليبيين، إلا أن هذه النوايا لا يمكنها أن تكون بحسب حقيقتها التى اتضحت أكثر وبشكل سافر وفج بمضمون مقالها الأخير ، إلا نوايا امبريالية شريرة.
حيث أنه لا يمكن إلا لأحمق أن يصدّق بأن احتمال استمرار وليامز بالقيام بكل هذه المطاردة اللصيقة لليبيين، ودك أنفها حتى بما هو "أسفل سراويلهم" ، إنما يجري لأسباب تطوعية مجانية أو "ولله في لله" ، بوقت يفترض فيه أن علاقة هذه الديبلوماسيه الأمريكيه مع ليبيا والليبيين قد انقطعت وانتهت كليا من الناحيتين (الأممية والأمريكيه معا) باعتبارها لا هي عادت عضوة "بالانسميل" ولا هى عادت تعمل بسفارة بلادها في ليبيا.
هذا .. إلى جانب ما نعرفه يقينا عن العقلية الأمريكية البراغماتية التى تحسب الوقت مالا .. فما بالك ببذل الجهد الجهيد؟ وخاصة أيضا حين يكون قد عرف عن وليامز نهمها الشديد للسلطة والنفوذ، خاصه إذا ما ربط هذا النهم بكونها (أمريكية متحزبة) ينتظرها الكثير من الوقت والجهد والعمل لتحقيق الطموحات التى تطمرها طمراً باعتلاء أرفع درجات السلطة الأمريكية، والذى لم تستثني منه وليامز رغبتها بأن تكون يومأ سيدة البيت الأبيض، وهو ما عبرت عنه ذات يوم وإن بصورة مازحة.
ولقد رأيت بأنه قد يكون من المهم لنا قبل الخوض بتقويض ما ورد بمقالها من فتن وسفسطة، أن نمهد الطريق لهذا الرد بتقديم توطئة أولية سنخصصها للتعريف بالهوية السياسية المتشعبة والمشبوهة لهذه السيدة. إلى جانب حاجتنا للكشف الضروري عن التاريخ السياسي الذى خلفته وراءها في ليبيا، والذي سيلزمنا حتما بالخوض بتقييم طريقة أدائها أيضا .
عليه .. و بينما سنخصص الحلقة الثانية من هذه السلسلة للبحث بتاريخ وليامز السياسي، أو "بركام الحطام" الذى خلفته وراءها في ليبيا، والقيام بمحاولة تفسيرية لطبيعة وظيفتها الجديدة بالبلاد الليبية، لتيسير الألمام بالخلفيات المتصلة بحقيقية الإصرار الغريب جدا لهذه السيدة على التمسك بمواصلة مطاردة الليبيين بعقر دارهم (لغاية) لم يبدو منها حتى الآن سوى السعي (لحساب آخرين على الأغلب) لصب زيتها على حريقها الذى أشعلته بليبيا قبل أن تختفي عن أنظار أهلها وظيفيا، وتبدأ بمطاردتهم (مخابراتيا) من وراء حُجُب، بدك أنفها كمسبار ثابت بخيوط دخان الحريق الذى سبق لها وأن أشعلته بليبيا، وذلك على الأرجح لتتمكن من تأمين (تدخل ما) باللحظة المناسبة، لإعادة تأجيج تلك النيران بتغذيتها بما يلزم من حطب وزيت، كلما وشى لها أنفها بتراجع حدة الدخان، وقرب خسارة الحريق، الذى يبدو أن خموده يهدد فعليا لاستمرار دورها السري الجديد في ليبيا.
ولأننا نفتقد حقيقة إلى قدر المعلومات الضرورية المؤكدة والموثوقة، التى يمكنها مساعدتنا يقينا على معرفة أسباب استمرار "ديبلوماسيه أمريكيه" بإظهار وتوجيه كل هذا الأهتمام والتدخل المستمر والمتعدد الوجوه بشؤون الليبيين عقب انتهاء خدمتها فيهم ، والذى لوحظ ايضا انها تتعمد اظهاره كما لو كان تطفلا مخلَّصا ومجانيا. وخاصة حين تجري هذه المطاردة بوقت يفترض فيه أنها قد باتت مشغولة كليا عن ليبيا والليبيين بحياتها ومشاغلها الجديدة، وبوقت يفترض فيه أيضا أن هذه السيدة (لابد وإنها تملك ولو القليل من ماء الوجه) الكافي لدفعها إلى الاجتهاد بمحاولة نسيان الليبيين لتساعد نفسها على الأقل، على التخلص من مشاهد طعناتها الغادرة التى أصابتهم بها، والتى ماتزال تنزف وتتورم حتى هذه اللحظة.
ولأن هذه الملاحقة صارت لصيقة جدا بالليبيين من خلال ما تقوم به وليامز من افتعال لأنشطة واصطناع لمناسبات للتدخل بالشؤون الليبية الحساسة على امتداد كل الشهور التى تلت انتهاء صلاحيتها في ليبيا وحتى نشرها لهذا المقال، فأنه لم يبقى أمامنا من سبيل لبلوغ التفسير المناسب لهذه المطاردة المؤذية حتما ، إلا السبيل التحليلي الذى أعتبره شخصيا مناسبا جدا للكشف عن أسباب هذه النازلة، لاسيما في ظل وجود وتوفر جملة من القرائن القوية "الأمريكية الصنع"، التى تعظّم فعلا من شأن تفسير احتمال تقلد وليامز لمنصب سري في ليبيا. هذا ولسوف نكشف بمكان لاحق من هذا المقال عن طبيعة هذه القرائن الأمريكية الصنع، وطبيعة هذا المنصب السري المحتمل الذى يشكل التفسير الأرجح والأقوى لكل هذا التكالب "الستيفاني" على ليبيا .
ولئن كان هذا هو ما سيكون عليه مضمون الحلقة الثانية، فإننا سنخصص "حلقتنا الأولى هذه" من سلسلة الرد على مقال وليامز، لتمهيد الطريق أيضا لمعرفة حقيقة الهوية السياسية متعددة الوجوه التى عاشت بها هذه الوليامز بيننا، أو بمعنى أدق للإجابة عن السؤال : من تكون هذه السيدة ؟ : أو كيف جاءتنا ؟ وكم من الوجوه ظهرت بها علينا ؟ ................ وهو ما سنلج إليه حالا .
لعل ما يعكس الأهمية الحيوية لهذه الأسئلة الأخيرة، هو إضطراري المبكر للتعبير عن أسفي لعدم قدرتي فعلا على تقديم تعريف محترم ومباشر (بمن تكون هذه الستيفاني وليامز ) ، وأقصد بذات القدر القطعي الذي استطيع أن أعرف به أى مبعوث أممي آخر، سواء من الذين أٌبتليت بهم ليبيا، أو من الذين أُبتليت بهم أى منطقة من مناطق النزاعات المسلحة الأخرى .
ولا تعود قلّت حيلتي هنا إلى غياب امتلاكي لجواب عن السؤال (من تكون هذه الستيفاني) ؟ بل تعود إلى اتساع وتشعب نطاق هذا الجواب، بسبب شدة تباين الألوان التى ظهرت بها علينا هذه الوليامز مذ عرفناها وحتى غادرتنا إلى غير رجعة كما نحب ونأمل . هذا إلى جانب طبيعة خلفيتها السياسيه كديبلوماسيه أمريكية والتى لا تتناسب أبدا مع طبيعة العمل الأممي الذى يفترض بصاحبه الحياد وعدم الانحياز، وإظهار الحد الأدنى من الاحترام لأطراف الصراع . مضافا إلى كل هذا غرابة الطريقة التى فُرضت بها على البعثة الأممية في ليبيا، وأما الأغرب فيأتي من كيفية ممارستها لحضورها الذى قام على تلبسها الصارخ (والذى أظنه الأول من نوعه بتاريخ بعثات الوصاية الأممية) لسلوك وظيفي أمبريالي يتغذى بنهم ظاهر على الغطرسة والغموض اللذين تجنزرت بهما وهى تمارس كافة وظائف القائد الأوحد للدولة الليبية المحتلة .
حيث أنه لا أحد يستطيع أن يجزم إذا ما كانت هذه السيدة التى تسللت بطريقة مشبوهة من منصب القائم بأعمال السفارة الأمريكية في ليبيا ( وهو المنصب غير المحايد على الإطلاق تجاه الأزمة الليبية، بالنظر إلى المصالح الأمريكية الطبيعية والأمبريالية في ليبيا)، منتقلة بذلك إلى منصب يفترض به أنه من بين جملة من المناصب الحيادية تجاه الأزمة الليبية، وهو منصب نائبة المبعوث الأممي، لتحتل بهذا مكانة الشخص الثاني نظريا بالبعثة الأممية في ليبيا، بينما كانت من الناحية العملية هي رئيسة "الهش" غسان سلامة، والحاكمة بأمر البيت الأبيض بمقر الانسميل الذى يعج بعبدة وظائفه المخملية البراقة. وهو ما يجعلنا نتساءل هنا إذا ما كان هناك أحدا يستطيع أن يؤكد لليبيين إذا ما كانت هذه الستيفاني قد عملت بالبعثة لصالح القضية الليبية فعلا ؟ أو قل (على الأقل) لصالح القيم التى تدّعيها المنظمة التى كانت تعمل لحسابها ؟ أم إنها كانت مجرد وكيلة لتجسيد الغطرسة الأمريكية في ليبيا ؟
حيث أن ما رصدتهُ شخصيا واستطيع أن أشهد به، هو أن آخر ما يمكن أن ينسب إلى هذه السيدة هو تمثيلها للأمم المتحدة طوال مدة وجودها بالبعثة، إلى جانب صعوبة الإقرار بتمتعها بأدنى علاقة تذكر مع منظومة القيم التى تدّعيها منظمة غوتيريش .
حيث أن واشنطن لم تنفك عن ممارسة سلوكها الاستعلائي التقليدي ضد الليبيين منذ ذلك العام المشؤوم 2011، والذى نجحت فيه هي وشركاؤها بتقويض الدولة الليبية واسقاطها شر إسقاط، بل ولقد لاحظت وتابعت شخصيا - وعن كثب - حجم الزيادة المهولة بالتورم المستفز بالاستكبار الأمريكي في ليبيا الذي صار أضعاف ما كان عليه مع قدوم ريتشارد نورلاند، الذى ارتبط ظهوره أيضا بتضخم طغيان وليامز على القادة الليبيين وعلى الانسميل نفسها وإلى أقصى درجات الجبروت الأمريكي، والذى كان من الواضح جدا أن هذا "النورلاند" قد لعب فيه دورا أساسيا . وذلك حتى أضحت الغطرسة الانجلوسكسونيه على وجه خاص، والغطرسة الأمريكية على الوجه الأخص تجاه السلطات المحلية، وهياكل الدولة الليبية وخاصة الأمنية منها، ومصالح البلاد الاستراتيجية – وتحديدا منذ مجيء صنيعتهم السراج فصاعدا - شديدة المباشرة والاستفزاز، وأكثر إثارة للغيظ والغضب الشعبيين، حد أنني بت أعتبر أن هذه الغطرسة تعد اليوم من بين أخطر عوامل إشاعة أجواء المهانة الاستعمارية المحرضة بشدة على انتشار بيئات العنف والمقاومة، وانتعاش الإرهاب واتساع حواضنه الشعبية .
ولعله من أشد مفارقات "الكوميديا أو المنخوليا السوداء" المتصلة بالعمل الأممي لهذه السيدة في ليبيا هو أنه لا أحد يستطيع حسم مسألة إذا ما كان يجوز اليوم نعت هذه المبعوثة الأممية عند ذكرها (بالاسبق) ؟ باعتبارها جاءت بعد غسان وقبل كوبيش ؟ أم بالمبعوثة (السابقة) ؟ باعتبارها عادت وورثت أيان كوبيش وهو مايزال بمنصبه، بعد أن دبرت لها بلادها بتواطيء غوتيريش عودة أخرى على طريقة الهجرة غير الشرعية، أو على طريقة تسجيل أهداف التسلل التى يقرها حكام المباريات الفاسدين. لتحتل بذلك من جديد مكان هذا الأخير المسكين، عقب طرده خلال فترة لم تكفه ولا حتى ليتأكد خلالها من ألوان جدران مكتبه، وبطريقة شكلت أسوأ طرد مهين تعرض له مبعوث أممي منذ اختراع هذا المنصب العقيم قبل أكثر من 50 سنة .
حيث أنه وعقب خلافة هذه الستيفاني لغسان سلامة، قامت لاحقا عند انتهاء ولايتها بتسليم البعثة إلى أيان كوبيش، قبل عودتها مرة أخرى لتسليم نفس البعثة للسنغالي باتيلي !! الذى جاء خلفا لها من الناحية الحقيقية والعملية !! مع أنه من الناحية النظرية والقانونية جاء خلفا لكوبيش وليس لها !!؟ وبهذه (الخلطبيطه الانجلو - أممية) على رأى خوتنا الصعايدة ، فأن هذه الستيفاني قد استحقت وعن جداره دخول موسوعة جينس للأرقام القياسيه كأول (رئيسة في العالم) لكيان واحد تحتفظ عقب مغادرته بصفتي (السابق والأسبق معا ) ، بذات الوقت والحين؟
فهل سبق لكم أيها الراصدون (لدفنقي) توالي المبعوثين الأممين، الذين خاضوا بدماء الشعوب المنكوبة بالنزاعات المسلحة في ليبيا وغيرها، أن سمعتم بمثل هذه "الهردميسة" الأممية الغوثيرشية التى شهدتها ليبيا ؟؟
ما علينا !!
بيد أن الصفات الوظيفية البالغة الغرابة والتشتت لهذه السيدة لم تنتهي بعد !!
حيث أنه ما أن أحتاج التحالف الانجلوسكسوني إلى إعادة هذه الستيفاني إلى ليبيا بأقصى سرعة ممكنة بسبب الظهور المفاجيء لحاجتهم الاستراتيجيه العاجلة جدا لإحراق الانتخابات الليبية عقب نجاح سيف القذافي بالعبور بسلام كمرشح رئاسي من كل الأفخاخ القضائية التي نصبها له تدبير مشترك بين الانجلوسكسون ومقدمي طعون بعينهم، والذى ترتب عليه تفجر الأوضاع بين واشنطن ولندن من جهة والروس من جهة أخرى حول ترشح سيف القذافي، الذى ظهر ترشحه على الانجلوسكسون "كقنبله بغرفة مغلقه" على حد وصف ريتشارد نورلاند في برنامج تلفزيوني اعترف فيه أيضا وبهبرة لسانه ودون مواربة أو خجل، بأن سيف القذافي كان هو القوة القاهرة، أو القنبلة التى شهرت بوجوههم فجأة والتى كان لابد من إبطالها، والذى لم يكن متاحا لهم إلا عبر طريقتهم الشهيرة ، وهى تقويض كل بيت يسمح بظهور قنبلة عدوة لهم فيه، على رؤوس ساكنيه.
لقد ظنت واشنطن ولندن بأنه يمكنهما التخلص من شبح أبن القذافي بطريقة حضارية تكفيهما حرج إخراج أنيابهم ومخالبهم لليبيين، وتكفيهم عواقب الإضطرار للكشف عن وجههم الأمبريالي القبيح . وذلك بإنتهاجهم أولا لنهج فرضهم لشرط تعجيزي هو شرط إلزامية تقديم المرشح الرئاسي لطلب ترشحه بصفة شخصية مباشرة لا تجوز فيها النيابة ولا التوكيل القانونيين . وحتى يظهروا المزيد من براءة الأفعى وتسامح الغدار، فقد سمحوا للمترشح بامكانية تقديم طلب ترشحه بأيٍ من المدن الليبية الرئيسية الثلاث، ظنا منهم بأنهم سينالون صيت الكرماء، دون أن ينتفع أبن القذافي من هذا الكرم !!.
بيد أن تخريب الحراسه الروسيه لهذا الشرط التعجيزي ، بتدخل الفاغنر بتامين ابن القذافي حتى انتهاءه من تحقيق شرطهم التعجيزي (الذى قننته لهم اطرافا رسمية ليبيه لبالغ الاسف ، هى نفسها التى امروها لاحقا بحجب وتجميد اعلان قوائم المترشحين ) ، قد اصابهم بخازوق مثول ابن القذافي امام احدى لجانهم الانتخابيه . وهنا كان لابد لهم من تغيير استراتيجيتهم بالاتجاه فورا نحو خيار العمل على تحقيق علوق ابن القذافي بواحدة من مصائد الطعون القضائيه .
بيد أن خروج أبن القذافي منتصرا من كل شِراك الطعون التى نصبت له، جعل المصالح الانجلوسكسونية في ليبيا غير قادرة على موراة أو تاجيل التكشير عن أنيابها وإشهار مخالبها وتعرية وجهها الأمبريالي الحقيقي لليبيين، وذلك باتخاذ الأمبرياليون لقرارهم القاطع بضرورة إضرام النار بل - وفورا - في الانتخابات والشعب والبلاد برمتها.
ولقد كان واضحا جدا بالنسبه للانجلوسكسون أن النجاح بإضرام النار بالحلم الانتخابي لشعب صغير وضعيف (وبات يعاني أشد المعاناة من خسارته لاستقلال بلاده بعد وضعه تحت نظام الوصاية على القاصرين ، ورزوحه تحت تنوع غريب من شراذم قوات إحتلال ماتزال تنتشر فوق أرضه وتدنس ترابه حتى هذه الساعة) ، لم يكن يتطلب منهم أكثر من تدبير إعادة "صانعة" الحلم الأنتخابي الليبي الكرتوني نفسها ، وعلى وجه السرعة، لتقوم بإضرام النار فيه، خاصة وإنه كان من الواضح جدا إنها قد حسبت لهذه اللحظة حسابها فعلا، بتفخيخ هذا الحلم تحضيرا لنسفه من الداخل متى ما كان ذلك ضروريا .
وهكذا جيء وعلى وجه السرعة "بوليامز هانم" صاحبة الحلم المفخخ ، لتشرع فور ولوجها للعبة الليبية من جديد بتنفيذ القرار الانجلوسكسوني القاضي بإضرام النار حالا في الحلم الانتخابي الضرير، باستخدام "خازوق من نار" اختاروا له من أسمائهم المخادعة اسم "القوة القاهرة" ، وهكذا باشرت "ستيفي" فعلا بتصفير العملية السياسية التى كانت قد طبختها بنفسها وسوقتها ذات يوم على أنها أفضل النتائج المرجوة لمؤتمر برلين. ولقد كان من الطبيعي جدا أن تنتهي جريمة التصفير إلى تحقيق غايتها الرئيسة وهي تهشيم الانتخابات الليبية فوق رؤوس أصحابها.
ولكن كيف عادت هذه الستيفاني لتسيطر على البعثة الأممية في ليبيا من جديد ؟، عقب انتهاء ولايتها رسميا واختيار مجلس الأمن الدولي بالإجماع لإيان كوبيش خلفا لها ؟
لقد عادت بتخطيط "انجلوسكسوني – غوتيرشي" بالغ الخبث ، اعتمد على صناعة المنصب الاحتيالي الأغرب في تاريخ الأمم المتحدة، والذى استطيع التأكيد بأنه سيضع فور قدوم زمن رفع السرية على وثائق هذه الحقبة الأممية وصمتي عار سيلاحقان غوتيريش هذا حيا وميتا ، إحداهما ستلاحق تاريخه السياسي ، والأخرى ستلطخ جبينه عقابا له على تلاعبه بنظام المسؤولية الدولية المتبع بإدارة الدور الأممي بالدول التى هى نموذج لدولة النزاع المسلح، وذلك بخضوعه دون تردد أو مقاومة للإرادة والإملاءات الأمريكية بإعادة أبنة اليانكيين لتخريب حلم انتظره الليبيون منذ العام 2014 (على علاته ومآخذه) ، وذلك بتقويض الانتخابات الليبية بالتدليس والغش والخداع الأممي المبيت، عبر اختراع منصب احتيالي لم يسبق له نظير بهيكليات البعثاث الأممية بدول النزاعات المسلحة، وتدمير حلم ليبي شديد التواضع، كان غوتيريش نفسه من بين الذين عشموا الليبيين فيه، بتسويقه الضال لهم على أنه هو الحل لمأساتهم الوطنية الجارية.
لقد لجأ غوتيريش إلى الاحتيال بسياق تحقيقه للاملاءات الأمريكيه بإعادته وليامز إلى الملعب الليبي من جديد، حيث لم يكن أمامه من سبيل لتحقيق هذه العودة إلا بالغش والخداع، لأنه كان يعلم علم اليقين بأن الفيتووين الروسي والصيني المؤكدان، وربما الفرنسي أيضا 1، كانوا سيكونون له بالمرصاد بحال حاول إعادة الستيفاني كمبعوثة أممية عبر مجلس الأمن الدولي نفسه، رغم أن غوتيريش كان قد حاول فعلا تسويق هذه الفكرة عبر المجلس في البداية، بيد أنه ما أن وجد معارضة شديدة لها، حتى انتقل هو والانجلوسكسون إلى التخطيط لإعادتها إلى هذا المنصب بعملية تضمنت ثلاث مراحل : قامت مرحلتها الأولى على تعيينها بصفتها "مستشارة شخصية لغوتيريش في ليبيا" لا علاقة لها بمجلس الأمن ، ولا هي مسؤولة أمامه، حد أن زينينغا الشخص الثاني بالبعثة، والذي يبدو أنه قد جيء به إلى ليبيا ليتم نومه فيها، هو الذي قدم إحاطة البعثة أمام مجلس الأمن إبان فترة تمكن وليامز من طرد كوبيش وإعادة سيطرتها على البعثة ، وذلك لأن دولتين على الأقل من دول الفيتو كانتا ستمنعانها من تقديم إحاطة البعثة أمامهم تحت صفة وظيفية مخادعة.
وأما المرحلة الثانية فقامت على تدبير طرد إيان كوبيش الذى كانت وليامز قد سلبته عمليا وفورعودتها إلى ليبيا كامل مهامه وصلاحياته، وذلك حتى خلال مدة إقتران وجودها بالمنصب المخادع مع وجود كوبيش نفسه كمبعوث أممي في ليبيا، أى قبل حتى إهدار ماء وجهه وطرده من منصبه شر طرده، وذلك لأجل أن تقوم الستيفاني بتسريع خطة "إبطال قنبلة نورلاند" التى كان القضاء الليبي قد رفض إبطالها لحساب واشنطن ولندن . وأما المرحلة الثالثة فكانت مرحلة تأمين استقرار واستمرار الستيفاني بالمنصب المغتصب من خلال ضمان خلو كرسي المبعوث الأممي من وجود بديل لكوبيش، عبر تشغيل الانتهازية القائمة على استغلال انقسام مجلس الأمن وبطئه الشديد بتعيين خلفا لكوبيش . وهو ما استفادت منه وليامز فعلا باستقرار الأمور لها داخل البعثة حتى انتهاءها من بإضرام النار بالحلم الليبي، الذى كانت قد نقعته في البنزين سلفا تحسبا لهذه اللحظة البوذية المقدسة.
وهكذا .. وما أن تلقت "مستشارة غوشي" أحر التعازي بالحلم الليبي المتفحم الذى شيعته بإتهام القادة الليبيين إفكا وفسقا وفجورا بإنهم هم من أضرموا الحريق الانجلوسكوني بالراحلة المغدورة، وما أن انتهت كليا من الإشراف المباشر على الأنهيار الكامل لكل نتائج مؤتمر برلين التى صنعتها بمخالبها ، بكبها على أكوام قمامة الأمم المتحدة المكونة من طموحات الشعوب ودماءها وأشلاءها وعظامها وكرامتها، وذلك باستثناء مسار (5+5) الفاشل العقيم، الذى خلقوه عمدا ليفروا به من تلبية أعظم استحقاق عرفته برامج فض النزاعات المسلحة حتى اليو ، حتى أُسدل ستار آخر فصِّل من مسرحية مستشارة غوشي في ليبيا .
وكما يفعل القتلة المأجورون تسللت السيدة المستشارة تحت جنح الظلام عائدة إلى بلادها من جديد بثياب ملطخة برائحة ورماد الانتخابات الليبية المغدورة . لقد كان هذا هو ما كان فعلا ، بل وما كان ليكون غيره ، لأنه حتى بحال حاولت بعض الأطراف الدولية بتلك الأيام طرح اسما آخر خلفا لكوبيش على مجلس الأمن فانها ما كانت لتنجح . لأن الفيتو الانجلوسكسوني كان سيقف بالمرصاد لأى مقترح جديد بالخصوص . لقد أضحت الضرورة الاستراتيجيه الانجلوسكسونيه القصوى تقضي بمنع أى مرشح يهدد إتمام وليامز لتخريب كل ما صنعته من نتائج أدعت بأنها من وحي مؤتمر برلين، وهكذا منع ظهور أى خليفة قانوني لكوبيش يمكنه تهديد تحقيق هدف هزيمة الليبيين بتهشيم انتخاباتهم فوق رؤوسهم (كما سبق وهشمت دولتهم أمام أنظارهم )، وذلك قبل أيام قليلة كانت تفصلهم عن يوم اصطفافهم أمام صناديق اقتراعهم لتجديد شرعية سلطتهم السياسية، والتى صدّق معظمهم الغرب الأمبريالي - لبالغ الأسف - بأنها ستكون مفتاح الفرج وإداة النجاة من مأساتهم المروعة.
بيد أن الخراب الذى أشاعته الستيفاني في البلاد الليبية لم يقف عند حد تحقيقها لهذه الفاجعة الوطنية فحسب، بل ولقد واصلت جهودها (بحسب الخطة المرسومة) حتى ختمت ابتلاءها لليبيين بإتمام مهمة إعادة تعليق أقدامهم من جديد بسقف الانقسام الحكومي، وذلك بدفعهم مرة أخرى نحو دوامة مأساة التوازي الحكومي، الذى كانت وليامز قد وجدتهم عليه حين جاءتهم لأول مرة.
وهكذا .. و بعد أن ظن الليبيون وهم واهمون بأنهم قد قلبوا صفحة التوازي الحكومي وانتهوا منها إلى الأبد رأت هذه السيدة (ومن وراءها) بإن عظمة العدالة الانجلوسكسونية التى تمثلها، تقضي بعدم ترك الليبيين بحكومة واحدة حتى ولو كانت حكومة من إنتاج سويسري، وحتى ولو كانت هي والعالم من قاموا بصنع هذه الحكومة . فكيف يجوز لها أن تستلمنا ونحن نتمرغ بنعيم حكومتي سيئيي الذكر (الثني – السراج) ثم تتركنا ونحن بحكومة واحدة؟ وهكذا أبت أن لا تترك الليبيين قبل أن تنقلهم وهم مقهورون من جاهلية ثنائية (الثني – السراج) ، إلى ثنائية (آغا – عبحميد) اللعينة ؟
وللحديث بقيه ،،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [1] لقد كان الموقف الفرنسي منزعج جدا من دور وليامز غير الأممي في ليبيا باجتهادها على جرجرت البعثة الأممية في ليبيا نحو دوائر الهيمنة الأمريكية ، وهو ما كررت صحف فرنسية وإيطالية التلميح إليها باستمرار ، كما كان الفرنسيون غير راضون أيضا على الطريقة التى عومل بها كل من الفرنسي غسان سلامة وايان كوبيش أثناء وجودهما على رأس البعثة الأممية في ليبيا .