حميد زناز

تحدثت كثير من وسائل الاعلام الالمانية كصحيفة دي ولت عن تلقي بعض الجمعيات الاسلاموية تمويلات من الاتحاد الاوروبي من بينها جمعية قريبة من جماعة الاخوان المسلمين تحمل اسم "الاغاثة الاسلامية في ألمانيا " و التي تكون قد تلقت مبلغ 712000 يورو من المفوضية الاوروبية. وعادة ما تتمكن هذه المنظمات الاصولية من التستر تحت غطاء خيري لتغليط الادارات و المؤسسات و الحكومات الاوروبية.

كيف يمكن لجمعيات متطرفة تحمل افكارا تتعارض مع قيم دول الاتحاد الاوروبي ان تستغل الثغرات و تستعمل الحيل لتجني مبالغ طائلة ثم تصرفها في نشاطات تهدف في غالبها الى تقويض قيم نفس المجتمعات التي تغدق عليها ؟

يؤكد ميثاق الاتحاد الاوروبي للحقوق الاساسية الذي انبثق من معاهدة لشبونة سنة 2009  و الذي يلزم دول الاتحاد احترام مجموعة   معينة من المبادئ أهمها المساواة بين الرجل و المرأة، حرية التفكير و الاعتقاد و اختيار الدين و تغييره و حتى عدم الايمان بأي دين. من غير المعقول أن تستفيد جمعيات او منظمات من تمويل الاتحاد الاوروبي و هي لا تحترم ما جاء في مواثيقه. و جل الجمعيات الاسلاموية لا تتوفر فيها شروط الاستفادة من الاعانات و لكنها تخدع السلطات بإخفاء نشاطاتها كما تتستر تحت يافطة العمل الخيري و الدفاع عن الحقوق الانسانية.                     كثيرا ما لفت بعض اعضاء  المفوضية الى هذا الخطأ الفادح  و لكنها كانت تجيب دائمًا بأنه "يتم اختيار مشاريعها من قبل خبراء وفقًا لقواعد وأهداف محددة ملتزمة بالشروط القانونية". و من المؤسف أن تعتمد المفوضية على التزام المستفيد المكتوب باحترام القيم الأساسية للاتحاد الأوروبي و تعتبره كافيا و هو دليل على جهلها المطبق بازدواجية خطاب الاخوان المسلمين و قدرتهم على المراوغة و فن  اظهار الوجه الحسن.

منذ عشريتين و "هيئة الاغاثة الاسلامية في ألمانيا " متهمة  بعلاقاتها المشبوهة بشبكات ارهابية. و قد رصد ذلك عدة مرات من طرف وزارة الخارجية الامريكية بسبب تصريحات و تعاليق معادية للسامية. وهي "هيئة الإغاثة في ألمانيا منظمة دولية تتمركز عبر فروع وطنية في دول اوروبية أخرى كفرنسا ، سويسرا ، هولندا و المانيا و قد لاحظت حتى سلطات هذه الدول ارتباط هذه المنظمة بجماعة الاخوان المسلمين. و مع ذلك كانت المفوضية الاوروبية سخية مع المنظمة الاسلاموية. 

و في السويد حيث للإخوان حضور كبير، تبرعت السلطات لهيئة "الإغاثة الإسلامية عبر العالم " بمبلغ 2.1 مليون دولار سنتي 2019-2020 كدعم انساني لغزة في الوقت الذي كانت فيه وكالة الطوارئ السويدية قد أكدت منذ 2016 أنها منظمة رئيسية في دعم الاخوان المسلمين و أنها تدعم ميليشيات في سوريا و مع العلم انه في سنة 2014 وضعتها دولة الامارات العربية المتحدة على قائمة  الكيانات الارهابية.

و من خلال تتبع بعض أسماء مؤسسي " الاغاثة الإسلامية " نعرف أنهم ينتمون الى جماعة الاخوان المسلمين و هم الذين عملوا على انتشارها في اوروبا. على سبيل المثال نجد أحمد الراوي الرئيس السابق لاتحاد المنظمات الاسلامية في اوروبا و رئيس الرابطة الاسلامية في بريطانيا و هما منظمتان إخوانيتان، بالاضافة الى كونه عضوا في المجلس الاوروبى للفتوى تحت قيادة يوسف القرضاوي كما نجد من المؤسسين لهيئة الإغاثة  عصام الحداد الذي كان من كبار مسؤولي الاخوان و غيرهما. و لكن اكبر المستفيدين من كرم الاتحاد الاوروبي هي "الشبكة الأوروبية لمناهضة العنصرية" التي تأسست في بروكسل و التي تقدم نفسها على أنها أكبر شبكة لمكافحة العنصرية في اووربا كلها و التي باسم محاربة عنصرية ممنهجة توحد و تنشط الجمعيات المختلفة التي تعمل ضد التمييز  في بلدان الاتحاد كالمناهضة للاسلاموفوبيا، والنيو-نسوية، و المناهضة للعنصرية  العاملة على القضاء على آثار الاستعمار. و هي عبارة عن لوبيات نشطة تستقبل باستمرار من طرف المفوضية الاوروبية. و في 08/12/2020 استقبلت المفوضة  هيلينا دالي   ممثلين عن الشبكة من أجل نشر عريضة ضد حظر "الائتلاف ضد الاسلاموفوبيا في فرنسا" المعروف بتوجهه الاسلاموي الاخواني. و هذا الائتلاف المحظور اليوم في فرنسا قد تلقى من المفوضية الاوروبية دعما ماليا سنة 2017 قدر بـــ450 51  يورو

و لم يبق الامر عند هذا الحد فقط بل فتحت الابواب لهذه الشبكة الإخوانية لتنظم ايام تكوينية لرجال الصحافة و الموظفين. يتم دعم جماعة الاخوان ماليا عن طريق جمعيات تدعي مناهضة العنصرية و التمييز و الاسلاموفوبيا و لكن يعلم الممولون الاوروبيون ان هذه الجمعيات تتخذ من بعض القضايا النبيلة غطاءا من أجل منع كل نقد للإيديولوجيات اللاديمقراطية سواء كانت يسارية متطرفة او اسلاموية

لقد مولت المفوضية الاوروبية "تقرير الاسلاموفوبيا الاوروبي 2018 " الذي نشرته مؤسسة سيتا التابعة لحكومة اردوغان و بلغت القيمة المالية 126951 يوروو لا يزال التمويل للإسلاموية متواصلا بطرق مختلفة و لا يزال الاخوان ينسجون فخاخهم   في غفلة عن الاوروبيين.