يحتفل العالم في الخامس من يونيو منذ عام 1974 باليوم العالمي للبيئة، لذا تنتهز أسرة الأمم المتحدة هذه المناسبة لإذكاء الوعي حول التلوث وتغير المناخ والاستهلاك المستدام. ولكن الاحتفال هذا العام يشهد وجود المرض المعدي الذي يسببه أحدثالفيروسات التاجية المكتشفة.

خلال العقود الأربع الماضية، تم توجيه البحث بشكل كبير نحو فهم العلاقة بين الطبيعة البشرية وتأثيرها على صحة الناس.

اليوم، لا يسعني إلا أن أمعن التفكير في الكلمات التي أعلنها رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة تيجاني محمد باندي في 22 أبريل، في عيد الأرض قائلاً: "تجربتنا مع كوفيد19 توضح أننا، نحن البشر، لسنا منفصلين عن العالم من حولنا، يجب أن نعمل معاً ضمن عقد الأمم المتحدة للعمل والانجاز هذا لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة لحماية كوكبنا وأنظمتنا البيئية، التي تؤثر على كل جانب من جوانب حياة الإنسان“.

نحن لسنا مرتبطين بالطبيعة فقط، لقد جئنا من الطبيعة وكجزءاً مما نقوم به في بيئتنا، فإن ذلك لن يؤثر فقط على الحيوانات أو النباتات، ولكن أيضاً سيؤثر علينا بشكل مباشر أو غير مباشر.

يؤثر سلوك البشر على كل جانب من جوانب البيئة، فبمجرد العبث بأحد هذه العناصر، سنشاهد كيف تنهار الأنظمة الصحية والغذائية. نحن البشر، لم نعبث بعنصر واحد فقط من عناصر الطبيعة، بل بعناصر عديدة ولفترة طويلة جدا مثل المياه والتربة وتلوث الهواء وإزالة الغابات وهو استغلال للموارد الطبيعية.

ومما لا شك فيه، فإن وجود مليون فصيلة مهددة بالانقراض هو أحد النتائج الواضحة لسلوكنا هذا.

إن الفكرة الرئيسية لليوم العالمي للبيئة 2020 هو "الاحتفال بالتنوع البيئي" في حين تجعل جائحة كوفيد 19 العالم في حالة من الذهول بالعواقب التي نواجهها عندما يتعرض التنوع البيئي للخطر. ومن ثم، إظهار الترابط بين البشر وشبكات الحياة التي نعيش فيها.

ومن خلال تجربتي في المناطق المتأثرة بالنزاع، تعلمت بأن الأزمات تخلق الفرص. إنني أرى بأن الأزمة العالمية التي يسببها هذا الوباء فرصة لإعادة البناء بشكل أفضل والكف عن العبث مع الطبيعة التي تعطينا الغذاء الذي نتناوله والهواء الذي نستنشقه والمياه التي نشربها والمناخ الذي يجعل كوكبنا صالحاً للعيش به.

في خضم الوباء، لفتت التقنيات الرقمية انتباهنا لقدرتها على مساعدتنا في التصدي لكوفيد-19. وفي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، نفكر على المدى الطويل، ونبحث عن طرق مبتكرة لدعم ليبيا من أجل منع وإدارة مثل هذه الأزمات بشكل أفضل وضمان استفادة البلاد بالكامل من العبر المستخلصة منها.

من خلال مختبر التسريع، نتعاون مع القطاع الخاص ونستثمر في الابتكار والتطوير التكنولوجي لتعزيز الحلول الرقمية لمواجهة تحديات إدارة النفايات في ليبيا، والتي تؤثر على التنوع البيئي والطبيعة.

وبحسب دراسة أجراها رئيس المركز الفني لحماية البيئة، د. بشير فارس عام 2002، كان هناك حوالي 131651.20 طن من النفايات البلاستيكية في طرابلس الكبرى سنوياً، كما أكد مختبر التسريع على أن النفايات البلاستيكية الموجودة في ليبيا قد زادت بسبب الاستخدام اليومي للعبوات وزجاجات المياه البلاستيكية، وغياب أي رسوم أو ضرائب مفروضة لاستخدام هذه المواد. بالإضافة إلى حرق النفايات في الأماكن المكشوفة الآهلة بالسكان والتي تعد مشكلة يعاني منها البلد بأكمله منذ فترة طويلة.

بالتعاون مع الجهات الشريكة الرئيسية، يستكشف المختبر حلولاً مبتكرة لمعالجة تحديات إدارة النفايات في ليبيا:

1.جمع المعلومات: من خلال الاستفادة من منهجيات الذكاء الجماعي ومشاركة الجهات الفاعلة من القطاع الخاص والمجتمع المدني والهيئات الحكومية، يعمل مختبر التسريع على تقديم حلول عديدة لبلدية جنزور من أجل إدارة جمع النفايات بشكل فعال مثل لوحة المتابعة الرقمية والتي تمكن من وضع تصور للنفايات وحالة البيئة في البلدية. إنها أداة لجمع البيانات يقوم العاملون في المجال المحلي بتغذيتها عبر هواتفهم المحمولة بمعلومات حول مواقع النفايات وأنواعها وحجمها.

2. تغيير السلوك: أجرى المختبر تجارب سلوكية في أكبر محلات السوبر ماركت في طرابلس لاستكشاف كيفية الحد من استهلاك الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، كما تم اجراء تجربة أخرى في المدارس الابتدائية في طرابلس من خلال وضع صناديق إعادة تدوير النفايات لتعليم الأطفال حول عملية فصل القمامة.

3.استخدام التكنولوجيا: أجرى مختبر التسريع في ليبيا تحدياً ابتكارياً لإنشاء حلول رقمية لإدارة مهام جمع النفايات في إحدى بلديات طرابلس. وطلب الفريق من الناساستخدام تطبيق للإبلاغ عن مواقع التخلص من نفايات الشوارع وحرق النفايات في الأماكن المكشوفة في جميع أنحاء المدينة. من خلال هذه المبادرة، يقوم المختبر باختبار التكنولوجيا لمساعدة البلديات على التخطيط بشكل أفضل واستخدام مواردها بشكل أكثر كفاءة، وإشراك المواطنين في حل هذه الأزمة. وفي حال نجح هذا الاختبار في بلدية واحدة، فهنالك احتمالية استخدامه في جميع أقطار البلاد.

وكما قال الرسام رامبرانت: "اختر معلماً واحداً فقط ألا وهو الطبيعة". وفي عصر التكنولوجيا هذا، أود أيضاً القول "اختر أداة ألا وهي الابتكار الرقمي".


[email protected]