وصلت للمستوصف ....دقائق مرت قبل أن يفتح الباب من الداخل ، بادرت الرجل بالتحية فرد بمثلها واستأنف :لم يصل احد بعد يمكنك العودة ، لكنني وصلت وسأنتظر ... هكذا أجبته بعد ان لفحني هواء التكييف البارد، قد يتأخروا عن الحضور اليًوم فلن يجدوا موقفاً لسياراتهم بسبب شغل الناس لطريق والرصيف والمواقف ومداخل البنايات... ظل يردد هذا الكلام لحثّي على المغادرة او هكذا فهمت ... تجاهلته وجلست استمتع بالهواء البارد الذي يلف المكان النظيف والمرتب بشكل لافت .... انهالت النسوة على المكان الضيق الذي علمت لاحقاً إنهن يلجأن اليه للأحتماء من الحرارة في مواعيد السحب السابقة....وعلمت لما امتعض الحارس حين قابلته .. 

ماعاد المكان بارداً بعد ازدحامه بنا  فقد اقفل الموظف المتذمرالتكييف...

ومع وصول بعض العاملات بالمستوصف تشرتع الجمع، التأمت بعضهن في طابور جديد امام الحمام واتجهت أخريات لقياس الضغط وهو ما توفر حتى هذه اللحظة وظللت في مقعدي اتصفح الفيس بتبلد... حتى دخلت ملاك الرحمة مرددة : الأيامات السود 

ناظرتها الحاضرات وأجابت إحداهن : العفو!!!

لم ترد وواصلت تقدمها للأمام رفقة أخريات يظهرّن ثقة صاحب المكان ... لم اسألهن لكني تأكدت من خلال الحوار ان الطبيبة التي انتظرها ليست بينهن.... 

عجّ المستوصف بالزوار ونشطت الحركة ولازلت وأخريات في انتظار الطبيبة التي تعذرت لها احد الممرضات كثيراً بسبب الزحام وعدم وجود مكان لركن السيارة يوم توزيع السيولة  في الشارع الذي يضم اكثر من مصرف... 

عبرت الممر بأبتسامة وأنشراح: صباح الخير.... 

رددنا التحية وتشجعت لسؤالها انت الطبيبة التي ننتظرها ؟ فردت :لا انا الصيدلانية لكنني في الخدمة بماذا أساعدك ؟ مما تشتكين ؟ 

شرحت لها ما ألم بي فاقترحت أن   أقوم بقياس لضغط الدم حتى تصل الطبيبة ...ورافقتني لداخل لكن الممرضة المنشغلة" بالهدرزة"ردت عليها بتبرم : تصبر شوية هذه خامس وحدة نقيس لها الْيَوْمَ!!!

اوميت لها بالموافقة وجلست في ممر اكثر برودة وهدوء استمع لامتعاض وشكوى العاملات حول الهموم المشتركة مياه كهرباء وسيولة وامتحانات و كبش العيد... 

اخيراً قررت الممرضة القيام بعملها ونادتني لقياس ضغط الدم، لم يدر بيننا اَي حديث ولا حتى استفسار أنهت عملها بإحتراف وأبلغتني النتيجة : ضغطك منخفض على غير العادة بالنسبة لعمرك ووزنك... عدت للجلوس في الممر ولَم تصل الطبيبة بعد ، لحظات وطلت علي الصيدلانية بأبتسامتها الفارقة :طمنيني عنك ، شاكيتها وتداخل الحديث حتى ممرنا بكل المشترك مع تباين نظرتنا لبعض الأمور والتقائنا في بعضها الآخر..من بينها اتفاقنا ليس فقط على توفر الدواء في السابق بل أيضاً الحرص على توفر افضل وأجود الأنواع منه سواء في الصيدليات الخاصة او بالمجان عن طريق المستشفيات والصيدليات العامة ... هذه السيدة الرقيقة والتي تقابل الجميع مرضى 

وأصحاء بابتسامة وحنو وتقدم الخدمات والنصيحة وتشاركهم أوجاعهم وتسهل لهم الحصول على الدواء ..لم يعفيها كل هذا من الوقوف في المصرف لساعات وقد يضطرها الامر للتغيب عن العمل للحصول على اقل من حقها غالبا....

أخيراً.... وصلت الطبيبة وبرغم أن تأخرها لم يدم طويلاً فالساعة لم تتجاوز العاشرة الا ان الزمن الذي قضيته وأخريات في التبرد وتبادل الحديث لم يرفع عني التعب والتملل الذي صاحبني منذ ساعات

.... ليسجل نهاري حكاية أخرى عن نساء يستحقّن الذكر و الشكر 

مروا على ذاكرتي واستوطنّها ...طبيبة بشوشة لم تهمل انتظارنا وبادرت بالاعتذار عن التأخير الخارج عن إرادتها ...تجيد الاستماع والشرح والطبطة تمتلك أدوات الطبيب الماهر ، الانسان .... أحببتهن وأحببت زيارتي لمستوصف الظهرة  ...   وطفقت عائدة بنفس جديد حيث لازال النهار في أوله..... 

الاراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة