اعتقد بان الذى نعانيه بليبيا من تأزم عَصف ولا زال يعّصف وحتى اللحظة بحياة ليبيا والليبيين . مند الصخيرات وحتى اللحظة . هو نتيجة طبيعية لجر النقاش والحوار . الذى يتناول الشأن الليبيى في وجهه المحلى . الى خارج قبّة البرلمان . الذى كان سيضّفى علي مخرجات كل ما يثم تناوله من تحت قبّته . صبغة وطنية الزامية . وستلاقى هذه القبول ولو بحد ادنى من الجميع . مهما كانت هذه المخرجات غير ناضجة . او قد تبدو غير مسؤولة احيانا .
وكان يجب ان نقبل كل هذا . ونعتبره امر طبيعى . فمن المعروف ان تكون البدايات متعثرة ومرتبكة وغير ناضحة . ومع الممارسة المصّحوبة بالمعالجات تنتهى الى الاستواء والنضج . وكان من الواجب - وفى تقديرى - ان تجتهد وتدفع الهيئة الاممية حينها . في هذا الاتجاه . ولا تذهب الى غير سواه .
ولكن عرّاب مؤتمر الصخيرات . كان له رأى اخر . فسعى - وفى تقديرى - الى استغلال المظلة الاممية بليبيا في عهد مندبها الإسباني ليون . وتمكن من تحت غطائها من جر واخراج النقاش والحوار . الى مكان بذيل وموازى لقبة البرلمان . استطاع هذا العراب وبواسطته من نقل الاختلاف . الذى كان يمكن انضاجه واحتوائه . عبر النقاش والحوار البناء. ثم الذهاب الى حسّمه عبر اغلبية الاصوات . في داخل البرلمان . ذهب هذا العراب بالحوار والنقاش . الى غير هذا . . وكانت أداته ووسيلته في ابتداعه . مفردة التوافق واشتقاقاتها واقحامها الى داخل المشهد الليبيى المأزم . وجعل منها المعّبر الاساسى والوحيد . لكل ما يعتبر مُخرجات شرّعية . للتفاعل الشأن الليبيى . في وجهه المحلى .
وبهذا استطاع هذا العراب . من توفير البيئة . التى تجعل من كل اختلاف . قد يتم احتوائه بالنقاش والحوار داخل البرلمان . ان ينتقل وعلى نحو تلقائي من اختلاف الى خِلاف . من خلال وعبر آلية الاجسام الموازية . التى جاء ت مع الصخيرات وعرّابها . وثمت فرق كبير ما بين الاختلاف والخِلاف .
وبتفاعل هذا الخِلاف . مع مٌعامل الزمن . سينّضج ويسّتوى . فيتعيّن ويظهر مشيأ في هياكل قد تم قوّلبتها مُسُّبقا . في ارّوقة الصخيرات . . وسينّمو لكُل من هذه . وعبر انتقال الاخّتلاف الى خِلاف . لسان وقرّن وسنام .
وتمثلت هذه القوالب والهياكل والاجسام . التى صاغها مؤتمر الصخيرات . في كل الاجسام التى تحتل وتغطى المشهد الليبيى الحالى وتحّتكره . وجميعها تناسلت وانسلت . من تحت عباءة وتلابيب . مجلسي الرئاسي والأعلى بغرب البلاد . والبرلمان بشرق البلاد . وغُيّب جنوب البلاد باكر . ومند عقود طويلة . لان في حضوره اعادة صياغة الخلّطة على وجه وطنى . وهذا لا يمكن به الا إفسادها . وهو ما لا يريده عرّابها العتيد . .
وبتفاعل هذه الخلّطة على يد عرّابها . كان لابد لها . ان تنتهى الى حرب . صارت تتبلور على يده . وكما اراد لها . الى حرب بين غرب البلاد وشرقها . وعندما تصاعد ايقاع الحرب وتسارع فجأة . واقتربت من ابواب طرابلس . واحس هذا . بان قد تؤل الى مكان اخر . وقد يفقد زمام السيطرة على توجهها . نحو ما يخّدمه ومصالحة في المنطقة والاقليم والحوض . انتفض هذا العراب حينها . متخليا وفى سابقة ملّفته . عن بروده المعهود . ومن داخل اروقة مجلس الامن . اعلن انحيازه التام . الى خندق طرابلس المليشياوية لا الى المدينة .
كنت احاول ان اصل بالقول . بان التازم الليبيى . المحّتجز داخل هذا الإطار . الذى خطّه مؤتمر الصخيرات . مند قرابة الثلاثة سنين . وحتى اللحظة . يظهر امام كل مهتم وعلى نحو يومي . بان المحافظة على بقائه رهن هذا الاطار . يرّفع وعلى نحو دائم . من منسوب العبث وتجدّره داخل ليبيا . والمتّجه نحو التسرب الى داخل فضاءها الاقليمى وحوض المتوسط .
ولكن الملّفت . بان كل الساعين الى حلحلته . يذهبون الى داخل هذا الاطار . والى كل ما يضم من اجسام وهياكل وافراد . وهذه وُجدت وفى مجّملها . لإبقاء هذا التأزم داخل هذا الاطار . الذى يمثل وبمن فيه حاضنة جيدة . لتجّدير الخِلاف وتعّمقه داخل الجغرافية الليبية . لينتهي الى ما يريده عرّابه . حتى وان جاء في ما لا يخدم ليبيا والليبيين . او ذهب في اتجاه فيه الكثير من الاضرار التي قد تلحق بالإقليم وحوض المتوسط .
ومن هنا - وفى تقديرى- ان اول خطوة حاسمة . في اتجاه حلحلة هذا التأزم . ليست في غير العمل على اخراجه من هذه الحاضنة الاطار . واستدّراجه الى فضاء وبيئة محفّزة . تضم في مفرداتها . كل ما لا يتعارض مع انتهاج هذا التأزم سبيل ينتهى به . الى ما تريد ليبيا والليبيين . وبما لا يتعارض مع توجهات الهيئة الاممية في مواثيقها . في التأسيس لدولة مستقلة . تتنكب السبيل الديمقراطى في ادارة شانها العام .
وهذا في متناول الهيئة الاممية - في تقديرى - ان اتكأت في مدّخلها الى معالجة التأزم الليبيى . على مرتكزات لا يطالها الطعن او التشكيك . وهذا يُوَفّره المدّخل الجغرافي للتعاطي مع هذا التأزم . فمثلا . لا أحد يستطيع ان يشكك بان ليبيا احد مفردات جغرافية شمال غرب افريقيا . وانها تنتمى الى جغرافيّة وديمغرافيّة وثقافة حوض المتوسط . وانها تحتل شاطى طويل على الضفة الجنوبية لحوض المتوسط . مما يجعل هذا الحوض . ذا تأثير حيوي في شئونها الحياتية . وتتقاسم ايضا . الكثير من المشترك مع الفضاء المغاربى . فتجعلها هذه . اقرب اليه من غيره . من الفضاءات الاخرى . وهذه الثوابت وغيرها . لا يستطيع احد القفز من عليها . او تجاهلها . في تعاطيه اقليما ودوليا مع الشأن الليبيى . الا اذا كان يبيت امر ما في نفسه . لليبيا والليبيين .
وتنسحب فعالية هذا المدخل الجغرافى . حتى مع المرور الى الشأن الليبيى في وجهه المحلى . فليبيا عند التعاطي مع جغرافيتها الداخلية . نجد لها فضاءات جغرافية ثلاث . اقليم فزان . وبرقة . وطرابلس . وهذا التنوّع فيه ثراء للحالة الوطنية الليبية . من خلال سمة وملّمح كل اقليم . وهذه الفضاءات الجغرافية الثلاث . لا يستطيع احد التشكيك فيها . لان واقع الحال وعندها . لا يقف البته الى جانبه .
كنت احاول ان اقول . ان هذا الفضاء ذا الصبغة الجغرافية . فيه من المفردات الجيدة . التى تكوّن في مجموعها مرتكزات متينه . تستطيع الهيئة الاممية البناء عليها . من خلال استدراج هذه الجغرافية الداخلية لليبيا . برقة . فزان . طرابلس . الى داخل المشهد الليبيى الحالى . لتتعامل معها كمرتكزات اساسية . اتنا تعاطيها مع التأزم في وجهه المحلى . وتصنع منها الارضية المناسبة . التى ترتكز عليها . الاسس الذى ينهض عليها مشروع دولة ليبية مستقله . ذات توجه ديمقراطى . وبعيد بما فيه الكفاية عن المركزية في ادارة شأنها العام . يحّكُمه وتحّتَكم فيه الى الدستور والقانون وينّتظم بهياكل . داخل مؤسسات وطنية .
الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة