لقد آن ألأوان أن تطغى لغة التعقل والتصالح بين الليبيين، لتكبح جماح هذا التقاتل والإستنزاف للأرواح والثروات في ليبيا، بعد هذه السنين العجاف ، وعندما تكبر الملمات وتتعاظم، قد تتضائل الأشياء التي كانت ربما كبيرة أمام طواريء أكبر وأشد خطبا، واليوم حيث العالم بأسره يواجه خطرا جسيما، يتمثل في جائحة كورونا التي طغت وعمّت كل ارجاء المعمورة، قد يكون متاحا الآن أمام الليبيين التوقف والتأمل في مصيرهم المشترك لتقدير حجم ما قد يواجههم من خطر الإصابة بفيروس كورونا، خاصة بالنظر الى ظروف الإحتراب القائمة الآن والتي إن لم تتوقف ستكون وبالا مضاعفا على الليبيين.

قديما يقال في امثالنا الشعبية: " عندما ترى الشاة النافرة الذئب تروم ولوليدها"، فهل يا ترى يسري هذا المثل على حالنا اليوم؟! وتروم الأطراف المتقاتلة بعضها خوفا من الذئب كورونا، الذي قد يلتهم الجميع فهو لا يفرق بين قوات مسلحة تتبع جيش السراج او جيش حفتر! ام أن أجواء الحرب وغيومه ستحجب عنهم مجال الرؤية وتتركهم يتقاتلون حتى يفترسهم ذئب كورونا ومن حيث لا يشعرون!، إن ذلك سيخضع حتما لمدى إعمال أو إهمال العقل في مثل هذه الظروف الخطيرة، وبالتالي فإن النتائج ستكون مترتبة على ذلك سلبا أو إيجابا!

هذه مجرد دعوة مثلها مثل كل الدعوات الخيّرة التي انطلقت تنادي من هنا وهناك، وتدعو لوقف فوري دائم للقتال بين الإشقاء فكفانا إراقة دماء، وكفانا خراب ودمار وبكاء، إن ألاحداث الجسام تحتاج الى قرارات جريئة شجاعة لا يقدر عليها الا الشجعان، فهل سنجد من كلي الطرفين من هو في حجم المسئولية ويمتلك الشجاعة الكافية والجرأة على إتخاذ القرار المناسب وفي الوقت المناسب؟! إن تقدير المصلحة العامة وتغليبها على ما سواها مهما كانت النوايا صادقة، هو ديدن النفوس المؤمنة المخلصة لأوطانها، والتي تصغر أمامها كل ألأمور مقارنة بمصلحة الوطن العليا، بما يمكّنها من التنازل عن كل كبير أمام مصلحة الوطن العليا التي هي أكبر و أولى.

اذا هل يرتقي الفرقاء الإشقاء المتقاتلون الآن في الجبهات والمحاور، الى ما هو أكبر وأعظم حرصا على مصلحة الشعب والوطن، ويقررون في شجاعة واخلاص، وقف كل العمليات القتالية وانسحاب القوات الى مواقعها خارج السواتر والتبات، ومن ثم المشاركة بفاعلية في مواجهة جائحة كورونا، دفعا للضرر عن اهلهم وذويهم وانفسهم، في ملحمة وطنية مخلصة توفر اعلى درجات المواجهة بما يحقق بحول الله اقل الأضرار، وابعد من ذلك امكانية المحافظة على خلو بلدنا تماما من هذا الفيروس، لما لا ! فكورونا قد يوحّد الليبيين بعد أن عجزت محاولات الأمم المتحدة وغيرها حتى الآن في ذلك! " ووين تشوف الذيب تروم ضناها" نسأل الله السلامة لشعبنا وكل الإنسانية من كل جائحة وخطر.

[email protected] 

الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة