عندما دعت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي منتسبي الدروع التابعة لها وغرفة ثوار ليبيا للالتحاق فورا بوحداتهم بكامل اسلحتهم ومعداتهم . وطلبت من القادة والآمرين التواصل مع رئاسة الاركان العامة للجيش الليبي ، كان الوضع  في جنوب البلاد قد خرج عن السيطرة نهائيا ، خصوصا مع سيطرة قوات «الجيش الشعبي  »على عدد من القواعد العسكرية والمناطق الإستراتيجية ورفعوا فوقعا الرايات الخضراء ، عنوان الإنتماء لنظام الزعيم الراحل معمر القذافي ، وأسقطوا طائرة تابعة للجيش الحكومي كانت تحاول قصف مواقع للمهاجمين ،ثم إنضمت كتيبة مغاوير أوباري الى قوات الجيش الشعبي وتم مساء السبت هدم مقر اللجنة الأمنية في سبها 

في تلك الأثناء كانت مدن ليبية أخرى  في وسط البلاد وغربها تخضع لسيطرة القبائل الموالية للنظام السابق ترفع الأعلام الخضراء وصور القذافي ، ما يدلّ على تحوّل مهم في الوضع الليبي ، حيث لا تزال القبائل العربية في غالبيتها رافضة لثورة 17 فبراير وما إنجرّ عنها من مستجدات سياسية وإجتماعية وإقتصادية وثقافية 

 

وكانت وكالة الأنباء الليبية الرسمية عن مصادر وصفتها بالمطلعة  ان السلاح الجوي الليبي يقوم منذ مساء الجمعة بطلعات جوية انطلاقا من قاعدة الجفرة الجوية للتحقق من أي تحركات في منطقة الجنوب وغيرها من المناطق لمسلحين من داخل وخارج ليبيا ، مبينا أن هذه الطائرات مجهزة بكافة أجهزة الاستطلاع ، وبالأسلحة لضرب أي محاولة لاختراق الحدود والأراضي الليبية 

في الأثناء حاول رئيس الحكومة الليبية المؤقتة  علي زيدان الشعب الليبي طمأنة أنصاره على الاوضاع في مدينة سبها ، مؤكدا بأن الاوضاع بالمدينة بكاملها على ما يرام وبالمطار وبكافة المرافق ، وان المدينة بكاملها تحت السيطرة . واوضح خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده بطرابلس ظهرأمس انه توجد مواجهات الان بين مجموعة صغيرة من العناصر المعادية دخلت الى قاعدة  تمنهنت  الجوية وان هذه المواجهات ستحسم خلال الساعات القادمة على حد تعبيره

  وكشف زيدان  ان التعليمات صدرت لدرع الوسطى ومنطقة مصراته العسكرية بالتعاون مع ثوار مصراتة بالتوجه الى الجنوب وذلك لبسط السيطرة وفرض الامن وقطع الطريق على من  قال أنهم « يتوهمون انهم قادرون على الوقوف امام عنفوان وارادة السابع عشر من فبراير ».

 وأكد  زيدان ان مهمة هذه القوات في منطقة الجنوب ياتي في اطار مهمة وطنية مهمة لبسط الامن وتحقيق الاستقرار في المنطقة . داعيا الشعب بالا يستمع الى الاشاعات المؤججة ولا من يريدون ان يؤججوا الوضع من اجل ايجاد واقع او وضعية متأزمة تخلق توثر في البلاد ، مؤكدا بأن الاوضاع تحت السيطرة ولا خوف على الثورة ولا على الدولة وان اي جهة ستتحرك ستتم مواجهتها بمنتهى القوة سوا من الجيش او من قوات الامن او من الثوار او من الشعب . مردفا  ان هناك عناصر يبدو انها مازالت تحن للنظام السابق ولم تع بعد ان النظام البائد قد اقتلع من جذوره وان الشعب الليبي لن يعود للقيود مطلقا

كما جرى إتصال بين زيدان والرئيس التونسي المنصف المرزوقي حول مستجدات الوضع في جنوب ليبيا ، وما إعتبرها بيان من مؤسسة الرئاسة التونسية « تهديدات أتباع النظام السابق » في إشارة الى نظام العقيد الراحل معمر القذافي 

ويعتقد المراقبون أن أهم ما كان يقلق المرزوقي هو رفع الأعلام الليبية الخضراء في مناطق مجاورة للحدود الليبية مع بلاده ، إضافة الى ظاهرة الإزدحام في بوابة راس جدير حيث يحاول آلاف الليبيين دخول التراب التونسي خوفا من إحتمالات المعارك ، في ظل تقارير إعلامية تتحدث عن إعلان القبائل الليبية الساعة الصفر لما تسميه « تحرير البلاد من الحكومة المؤقتة والميلشيات المسلحة والجماعات الإرهابية المتطرفة التي باتت تحتل حيزا مهما من الجغرافيا الليبية

 

وكان مؤيدو النظام السابق أعلنوا أنهم سيطروا على عدد من المناطق في جنوب ليبيا ، كما تم رفع العلم الليبي السابق ( الأخضر ) في عدد من مدن البلاد ومنها براك الشاطيء وغات وأوباري وسبها في الجنوب ، والعجيلات والصيعان والزهراء وبني وليد غربي البلاد ، كما أصدرت قبائل المناطق الشرقية والفربية والجنوبية بيانات منفصلة أعلنت فيها الإنطلاق في « تحرير البلاد من الحكومة المؤقتة وإعادة الشرعية » حسب تعبيرهم ، وبات واضخا أن القبائل الليبية في المنطقة الغربية ومنها العجيلات والنوايل والصيعان وورشفانة والمشاشية والأصابعة وترهونة وورفلة وغيرها لا تزال مصرّة على عدم الإعتراف بالنظام القائم حاليا ، كما أن رفع إعلام النظام السابق في الشوارع تحول الى ظاهرة واضحة للعيان ، مما دفع بكتائب ثوار الزواية للإستعداد للهجوم على مدينة العجيلات القريبة ، وتحاول ميلشيات مسلحة من طرابلس الهجوم على قبيلة ورشفانة ، وهما أمر يبدو مستعصيا نظرا لأن القبئل التي تحيط طرابلس من الغرب والشرق والجنوب مسلحة ولها عشرات الالاف من المقاتلين وهي في حال إتحادها وإلتحامها ستعلن إنطلاق حرب القبائل ضد النظام المركزي الذي تواجهه كذلك مخاطر إنتفاض إحياء العاصمة ذات الكبرى ومنها بوسليم والهضبة ، علما وأن  أغلب سكان الإحياء الشعبية في طرابلس  ينتمون إجتماعيا وثقافيا الى المحور القبلي المعادي لثورة فبراير 

وتعد قبائل غرب ليبيا مثل ورفلة وترهونة وورشفانة والصيعان والعجيلات والنوايل أكثر من نصف الشعب الليبي دون إعتبار إمتداداتها في الجنوب والشرق ، تضاف إليها القبائل الداعمة للنظام السابق مثل المقارحة والقذاذفة ونسبة مهمة من أبناء الواحات في منطقة الجفرة وإبناء المدن الساحلية كالخمس وزليتن وسرت 

ويبدو واضحا أن المعارك القبلية التي شهدتها مدينة سبها مؤخرا بين قبائل التبو وأولاد سليمان فتحت طريقا للمواجهات الحالية التي يقودها أنصار القذافي ، كما كان الفراغ الأمني في الجنوب وخاصة في إقليم فزان منح مهجّرين ليبيين فرصة للعودة عبر الحدود الجزائرية والتشادية والنيجرية ، علما وأن أكثر من مليوني ليبين جرى تهجيرهم بعد سقوط طرابلس في صيف 2011 ، ومن بينهم عسكريون سابقون ومتطوعون في الكتائب المسلحة والقوى الأمنية السابقة إضافة الى العقائديين المتمسكين بفكر القذافي 

وكان لسيطرة قبائل التبو  على أجزاء من الجنوب دور في فسح المجال أمام الجيش الشعبي ، حيث أن التبو وهم من العنصر الإفريقي ولهم إمتداداتهم في التشاد بالخصوص ، يتهمون بعض القبائل ومنها أولاد سليمان ، وثوار 17 فبراير بإستهدافهم من خلال التصفية العرقية في حين كانوا في ظل النظام السابق ينعمون بالمساواة مثلهم مثل الطوارق الذين لا تزال أغلبيتهم تحنّ لزمن القذافي 

ومهما يكن من أمر فإن ليبيا لم تعرف بعد المعركة الفاصلة التي ينتظرها الجميع ، فالقبائل العربية ترفض الإعتراف بالحكّام الحاليين والنظام الجديد ، وحتى المناطق التي شاركت في ثورة فبراير باتت على إستعداد لدعم أنصار النظام السابق ، بعد صدمتها  بالوضع الذي آلت إليه البلاد ، وخاصة من حيث سيطرة الإخوان المسلمين والجماعات المتطرفة التابعة منها لتنظيم القاعدة وأنصار الشريعة ، وإتساع دائرة التصفيات والإغتيالات والخطف والإغتصاب والقتل على الهوية و والنهب والفساد المالي والإداري ، كما أن هيمنة منطقة واحدة مثل مصراتة أو بعض المناطق القليلة على مقدرات البلاد ، بعثت نوعا من الغضب في قلوب الليبيين ، ويزداد الأمر عسرا مع وجود جماعات مسلحة من جنسيات مختلفة باتت تحكم  في جزء مهم من مصير البلاد ، 

وهذا يعطي للمعاركة القادمة التي قد تكون بدأت فعلا ، وقد تتأخر قليلا ، طبيعة الحسم في الملف الليبي الذي يجمع المراقبون على أن نهايته ستكون صعبة خصوصا مع تحالف القبائل الكبرى ، ودعمها ل«الجيش الشعبي »الذي بدأ يتشكل من أبناء تلك القبائل ومن المهجرّين العائدين الى ديارهم ، وكذلك من طائفة أخرى مهمة ،،،وهي انصار القذافي المندسون في كتائب الثوار وعددهم بالألاف