أحلامهما هباء سواء العثمانية أو الاستعمارية وستتحول الى عوامل استنهاض للأمة

المقاومة لا تقتصر على حمل السلاح ولا في الفعاليات وإنما أيضاً في ثقافة المقاومة ومجتمعات الكفاية


وجدالرئيسان الفرنسي ؛ماكرونوالتركي أردوغان ، في الرسوم الكاريكاتورية المسيئة ؛ للرسول الأعظم محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وما استتبع من عمليات قتل وردات فعل ، مادة للمتاجرة ، من موقعٍ نقيضٍ لكل منهما ( .. ).

ماكرون الفرنسي وجد فيها فرصة لكسب اليمين المتشدد المضاد للعلمانية بمعناها الحضاري ، كما وجدها فرصة للنفاد بين شقوق الخلافات المذهبية للمسلمين والملاحدة العرب وإشغال المجتمعات العربية والمسلمةبعيداً عن قضايا المقاومة للإحتلالات وأخرى حاضرة ، وفي المقدمة منها احتلال إسرائيل لأراض عربية وللمقدسات ، كما وجدها فرصة لتشديد الاتحاد الأوروبي إجراءآته ضد أنقرة ، وحشرهما (اليمين والإتحاد ) في (حربه) الإستعمارية ضد تركيا على النفوذ الإستعماري والمصالح وإستعادة ما يمكن منهما .

ووجد التركي أردوغان فرصته لتحشيد وزعامة شعبوية إسلاموية سنية بخاصة ، في مواجهة إخفاقاته وتورطاته المتتالية ، وللثأر من الفرنسي كاميرون ؛ الذي طالما تصدى له وحرّض ضده ، في غير مناسبة وساحة من ساحات الصراع شرقي المتوسط ؛ حيث فتح اردوغان جبهات صراع عدة ، وبات الإتحاد الأوروبي على مرمى قرار يقصف مصالح تركيا الأردوغانية المتخمة بالأطماع ، وفتح جبهات الصراع على نحو جشع وأحمق ـ فلا يكتف الإتحاد بالتحذيرات ، وهوما يشدد عليه كاميون بإلحاح .

وكلاهماماكرون وأردوغان في مزاوداتهما ليسا مبدئيين في حرب كلٍ منهما ضد الآخر ، إلا بقدر ما تحقق لهما من نفوذ في الداخل والخارج ، كلاهما مأزوم داخليا ومتورط خارجياً ، ولديه من المشكلات ما يكفي وتحتاج هذه المشكلات لتفرغ كامل وحكمة بالغة وبصيرة ، لا يبدو أن أحدهما يتمتع بها ، إنما يمارس حربه بإنتهازية هابطة ، الفرنسي ماكرون إمتداد للرئيسيْن الفرنسييْن السابقين ، اللذان مارسا أقصى درجات الإنحطاط السياسي والأخلاقيضد قضايا الأمة العربية وفي إفريقيا ، فيما يحاول ماكرون عبثاً العودة من نوافذ وثقوب أزمات المنطقة الساخن منها والباردة.

أردوغان فتح على نفسه (أبواب جهنم) ولم يترك ( فرصة للتورط ) إلا سلكها ، ولا رفيق درب إلا إستعداه ، ومن بقي متحالفاً معه أصبح شريك مشكلات ، وليس شريك سلمٍ وتنميةٍ وأمان ، وفي لحظة قد يذهب كل ما بُني جفاءً ، وفيما يظن الأهوج أردوغان أنهبصدد استعادة مجد تركيا كدولة عظمى ئات زمان ، وأنه بات قاب قوسين أو أدنى من أن يصبح خليفة للمسلمين نجدهيضاعف من وتيرة تورطاته فينقلب عليه الداخل وإن ببطء ، ويرمقه الخارج بعين الغضب .

ويوالي (الخليفة) الغبي حروبه على المسلمين وغير المسلمين في سورية والعراق واليمن والصومال وليبيا وأذربيجان وأرمينيا واليونان وقبرص وقطر واليمن والصومال ، ويتحضر لمعركة في شمالي لبنان ، حاشداً مئات آلاف مسلمي بقاع الأرض الأربع في حروب عبثية فتنوية،بدلاً من التخلص من القواعد الأمريكية المقامة في تركيا أو في قطر أو على ارض أي من (حلفائه ) ، والتحرر من حلف النيتو الغربي الإستعماري العدواني ومن استحقاقاته ، ولتسحب الإعتراف بالكيان الصهيوني ، وتقطع كلا علاقاتها به وبخاصة التجارية والإقتصادية والسياحية وغيرها والتنسيق الأمني والعسكري معه ، ولتتوقف عن تجنيد المرتزقة وتعمل على إعادتهم إلى بلدانهم ، وإعادة المهجرين السوريين الى وطنهم وعدم استخدامهم ورقة سياسية ضد بلادهم ، ولتُعد لسورية والعراق ماسرقته من نفط وثروات .

أما فرنسا فعليها أن تعلمجيداً أن العالم قد تغيّر كثيراً واليوم ليس كالأمس بحال ،رغم ما يعيشه العالم من أزمات ، أخيرها وليس آخرها جائحة كورونا ، لكن الأزمات كثيراً ما تخلق فرصاً للتحرر وتجاوز المشكلات والنقائص .. والبناء من جديد والإستفادة من العثرات .. وإعادة الإعتبار للقيم الفضلى ، وتذكر أن خدعة نابليون التي لم تنجحبارتداء العمامة وزعمه اعتناق الإسلام ، لن تنجح الآن في خلق إسلام جديد على مزاج فرنسي عكر أو العبور إلى لبنان عبر احتياجاته وظروفه ، كما لن ينجح عثامنة اردوغان في إقامة إمارة غبية في شماله .

ولكن ما الذي يمكن استخلاصه من هذا الاصطفاف العربي والإسلامي الشعبي الواسع ، إنتصاراً للنبي محمد ( ص ) ومقاطعة المنتجات الفرنسية .. فيما هناك قضايا عديدة تستحق الإنتصار لها على مدى عقود بهذا القدر ، بمواجهة دول إستعمارية غربية وضد أمريكا وتل ابيب .. وبمواجهة الدول التي شرعنت ودعمت الوجود الصهيوني ، في نطاق عملٍ ممنهج مبرمج ، طويل الأمد يجد البدائل وإن لم تتوفر يجترحها ويعتمد على الذات في مجتمعات مقاومة عميقة ، فالمقاومة لا تقتصر على حمل السلاح ولا في إقامة الفعاليات والمسيرات والاعتصامات الخ ، وإنما أيضاً في إقامة ثقافة المقاومة ومجتمعات الكفاية و ونبد المجتمعات الإستهلاكية والتحول إلى مجتمعات منتجة متكاملة .

بكلمات ؛ مجمل المؤامرات والمشاريع والأطماع الإستعمارية الفرنسية والأمريكية والتركية الأردوغانية والصهيونية والرجعية وأية أطماع أخرى في المنطقة ، عوامل استنهاض للأمة ، ستسهم تناقضاتها على النهوض مجدداً ، وستخلق الإنسان العربي الجديد المبدئي ؛ المقاوم بكل أشكال المقاومة ، رغم هزال وقنوط ويأس البعضوما تبث خلايا الأعداء النائمة من سموم .

[email protected]

الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة