هذا التأزم الذى يعصف بالواقع الليبيى . والذى نراه يدفع به يوم بعد يوم الى مواقع اكثر تعقيدا . يرجع في مجّمله الى مرتكزات وآليات . جاء بها مؤتمر الصخيرات في مُخرجاته . التى وُجدت لتكون اجسام موازية وبديلة . لخيار الليبيين الذى تبنّوه . في برلمان مُنتخب . جاء فاتحة لانتفاضتهم مع بداية 2011 م . ليكون بهم وفي نوابهم . الاداة الرئيسية . التى يُدِرون بها ومن خلاله . شأنهم العام في وجهيه الداخلي والخارجي .
وبقول اخر . هذه الآلية التى جاء بها مؤتمر الصخيرات في مخرجاته . سعت في خطوتها الاولى الى افتكاك شأن الليبيين من بين ايديهم وسحبه الى خارج البرلمان . والقائه في حضن اجسام موازية جاء بها الصخيرات . لتتصرف هذه . في الجغرافية الليبية وبما تضمه من شجر وحجر ووبر وبشر . اقتساما ومحاصصة في ما بينها . كيف ما شاء واراد لها . عرّاب الصخيرات .
ولم تكتفى هذه بان تكون موازية للبرلمان . بل سعت وعملت بعد ذلك . لتكون بديل عنه . عندما شاهدناها تجتهد وبصيغ متعددة في تفكيكه . اتخذت هذه بدايتا . خطوة علي هيئة نواب مقاطعين وغير مقاطعين . وانتهت الى برلمان في شرق البلاد واخر في غربها . وفى ضل هذه الخطوات . شطبت وغيّبت وابعادت مفردة فزان ضمنيا عن المشهد السياسى .
ليس هذا وحسب . بل لم تقف مخرجات مؤتمر الصخيرات وعرّابها . عند افتكاك شان الليبيين من بين ايدهم . واحتكاره والتصرف فيه . كيف ما شاءت وشاء عرابها . واجتهدت على تفكيك خيارهم الوحيد الذى جاءت به انتفاضتهم في مسمّى البرلمان . بل ذهبت اجسام ما بعد الصخيرات على نحو مباشر او غير مباشر . الى استدعاء واستدراج دول شتّى الى داخل المشهد الليبيى . كتركيا . الامارات . قطر . الاردن . روسيا .الخ بغرض خلق فضاء جغرافي افتراضي موازى . لفضاء ليبيا الجغرافى الطبيعى . الذى يحتضنها كمفردة جغرافية من مفردات شمال غرب افريقيا . وتتموضع به على شاطئ واسع من ضفة حوض المتوسط الجنوبية . لتكون بذلك مفردة اساسية على حوض المتوسط الحيوى .
وبقول اخر . لقد سعت اجسام ما بعد الصخيرات . بهذا الفعل الى اجتثاث الجغرافية الليبية من فضاءها الاقليمى الطبيعى . الذى تحتاجه ليبيا . ليكون القاعدة الاساسية . والمدماك الرئيسي . الذى ينهض عليه . مشروع دولتها الوطنية المأمولة . فلا مشروع لدولة طبيعية . ينهض على فضاء جغرافي افتراضي مصّطنع . متجاهل بذلك وقافز على الواقع الجغرافي الموضوعي لإقليمها . فالنتيجة الطبيعية لذلك ستنتهى بالضرورة . الى صناعة نظام وظيفى سيكون في خدمة عرّابه ليس غير .
وهنا وبناء على ما سبق . اصل الى تساءل يقول . هل مؤتمر الصخيرات في مخرجاته وعرّابه . يُريد ان تذهب ليبيا الى مؤتمر برلين . ليُناقش تأزمها . وفق هذا الواقع الجغرافي الافتراضي الموازي . الذى اصطنعه من مفردات الدول التى اشرنا اليها سلفا . متجاهلا ومهمشا الواقع الجغرافى الموضوعى لليبيا ؟ ؟ . بغرض التأسيس لنظام وظيفى . لا الى وضع القواعد لدولة ليبية مأمولة ؟ ؟ .
ولكن التساءل الاهم يقول . هل ستُجارى الهيئة الاممية هذا التوجّه . بمنّحه غطائها الأممي . لينال بذلك الشرعية الدولية . كما حدث ذلك سابقا معها وفى غفّلة منها . اتنا مؤتمر الصخيرات . الذى انعقد بإشرافها وتحت مظلتها . والتى انتهت بنا مُخرجاته الى هذا المنتهى الكارثي . من خلال تفاعل مخرجات ذلك المؤتمر وتعاطيها مع التأزم الليبيى . على نحو لا يصب في مصلحة ليبيا والليبيين . ويتعارض ايضا . مع كل ما جاء في المواثيق التى تنهض عليها الهيئة واعرافها .
بل وكانت مخرجات ذلك المؤتمر البائس . تُحاجج بشرعيتها الدولية . التى منحها لها الغطاء الأممي بالصخيرات . وترفعها في وجه كل من يحاول ان يبدى اعتراض على خطوة من خطواتها التى تعمل على الرفع فى منّسوب التأزم الليبيى ومحيطها الإقليمي .
وفى النهاية اقول . لا يجب على الهيئة وبعد كل هذا . ان تمنح غطائها الأممي . لتضفي به شرعية دولية . لكل ما لا يصب في خدمة مواثيقها واعرافها الدولية . او ما لا يخدم توطين الاستقرار والسلم على رقعة هذا العالم البائس . او في ما لا يصب في مصلحة الشعوب المطالبة والساعية نحو الانعتاق من قيود الحجة والاستعباد .
ولتكن مرّجعتيها في تعاطيها مع الشأن الليبيى تحديدا . المواثيق التى تنهض عليها والاعراف الدولية . التى تعمل على انفاذها . متكئه في ذلك ايضا . على الواقع الموضوعى للجغرافيات الليبية . التى لا يطالها التشكيك والطعن ممن اراد ذلك . لأمر في نفسه .
الآراء المشنورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة