دعني اقول من البداية . بان الهيئة الاممية . عندما تُسّند لها مهمة من طرف المجتمع الدولي . كما حدث من تكليف لها لمعالجة  التأزم الليبيى   . بغرض ايجاد مخرج له . يُبّعده عن ان يكون او يكوّن ارضية لإرهاصات محتملة لتأزم داخلي . إقليمي . دولي . ففي تقديري . وبحكم المسؤولية الثقيلة التي حُمّلت بها . لا يجب ان تكون الهيئة وليس من مهامها ان تكون حيادية . لان الحيادية هنا . وفي هذا الموّضع قد لا تكون ذات مردود إيجابي يخدم فى مخرجاته . مسّعى الهيئة الاممية  . 

      وبقول اخر . بان الهيئة الاممية في هذا الموّضع . يجب ان تكون منحازة . وبدون مواربة الى رؤياها . التى يفّترض . بانها قد سعت الى تكّوينها .  حول التأزم الليبيى . الذى عصفت به حالة اللادولة على امتداد عقود طويلة  .  ومن الطبيعى ان تكون الهيئة . قد خلصت الي رؤياها هذه . .عبر قراءة ومقاربة موضوعية لهذا الشأن المتأزم . اعنى هنا بان رؤيها يجب ان تتكئ الى ثوابت يصعب الطعن او التشكيك فيها . وهذه الثوابت عندما تُعّتمد كأساس ومنّطلق  للتفكيك التأزم الليبيى في حالتنا هذه . ستنتهى الى صالح المجّمل الليبيى ومحيطه القريب والبعيد . وفيه ايضا . خدمة لِما جاءت الهيئة الاممية من اجله الى دنيا هذا العالم البائس . 

        ومن كل هذا . تُخّلق الارضية الصلبة المتينة . الى تستند عليها الهيئة وتُسّندها اتنا تعاطيها مع الشأن الليبيى . عبر وخلال ذهاب الهيئة في اتجاه  كل الاجسام والمفردات والتوجّهات . التى يتشكّل منها التأزم المعّضلة . بغّية الاشتغال عليه بالعمل على تطّويعه  بما يتوافق ويخدم توجهات الهيئة الاممية في رؤياها . ومن هنا .لا يجب ان تذهب الهيئة الى غير هذا السياق . كأن تسعى  ومن خلال ما يٌزعم انه حِيَاد . الى خلق توافقات وموائمات بين هذه الاجسام والمفردات . التى يتشكل منها التأزم .  فهذا في تقديرى . فعل لا ينتهى الى تفكيك التأزم . بل الى تعميق وتجّدير لحالة اللادولة . الذى نعانى منه  مند عقود طويلة داخل الجغرافية الليبية .

  *  فمن الثوابت الثلاثة الاساسية . التى يجب ان ترتكز عليها الهيئة الاممية في تعاطيها مع التأزم الليبيى . (الواقع الجغرافي لليبيا) . فلا احد يستطيع ان يشكك بان ليبيا . وبحكم الواقع الموضوعى . مفردة جغرافية من مفردات شمال غرب افريقيا . ونتج عن هذا الواقع وتفاعله مع محيطه . وشائج شدّت وربطت الجغرافية الليبية بالإقليم . فكانت هذه الوشائج . اداة تواصل مع هذا الوسط الإقليمي . فتدخل وشارك بها وعبرها في تشكيل وصياغة هذه التى نسمّيها ليبيا . وهى ايضا . قامت بذات الفعل والتأثير في محيطها الجغرافي  . ومن هنا . لا يجب ولا يصح ان نقفز من فوق هذه الحقيقة او نتجاهلها . وبقول اخر لا يجب ابعاد هذا الواقع واغفاله عند تداول الشأن الليبيى . لان في ذلك محاولة لاجتثاث ليبيا من اقليمها الجغرافى الطبيعى   . 

     ولكن هنا لا يجب ان يُفّهم الاجتثاث بالمعنى الظاهر للكلمة . بل بالمعنى التَفاعُلي  . فمثلا . عندما نقّبل ان تتحول الجغرافية الليبية الى بؤرة لنشر التوتر والخراب داخل اقليمها القريب والبعيد . ونجد لهذا . ظهير دولي يؤمن لها غطاء فى داخل مجلس الامن  . فسيكون من الطبيعى . مُشاهدة المحيط الجغرافى القريب والبعيد لليبيا . وهو يذهب نحو خلق موانع وعوائق بينه وبين هذه الجغرافية المليشياوية .  كى يعيق بها ويمنع انتقال الخراب والتوتر الي فضاءه . والشاهد الساطع على هذا .  الاخدود المائي المسنود بجدار لكثروني المقام ما بين الجغرافية الليبية والشقيقة تونس  . وهذا وبدون شك . وجه من وجوه العزل والاجتثاث .   

    والغريب ان تجد لهذا العبث . ظهير وغطاء دولى في داخل مجلس الامن . فهل يسعى هذا الظهير بفعّله هذا . لخلق الظروف والبيئة المناسبة . التي تُمكّنه من طي الجغرافية الليبية . كملف او اضبارة تحت إبطه . ليتعامل ويتعاطى معها  . ليس غير اطيان واقنان يوظفها في خدمة بلاده  .  

  كنت احاول ان اقول هنا . بان المرتكز الجغرافى واستخدامه كمدّخل الى تفكيك التأزم الليبيى . يهدف الى جعل الجغرافية الليبية  ذات تواصل طبيعى بناء مع محيطها الاقليمى القريب والبعيد. وفى هذا استدراج للأمن والاستقرار الى الكيان الليبيى  وليس العكس . وخطوة في اتجاه تعميمه الى محيطها الاقليمى  . وفيه ابعاد للجغرافية الليبية على ان تكون مرّتكز للتوتر والقلاقل والخراب داخل فضائها الإقليمي  . ومن هنا واستناد على ما سبق . على الهيئة الاممية الا تقبل . بان تتعاطى مع الشأن الليبيى خارج هذا الإطار الجغرافى . سوى كان هذا التعاطي على المستوى المحلى او الإقليمي او الدولي . 

 **  من الثوابت التى لا يطالها التشكيك . بان ليبيا مفردة من مفردات دول حوض المتوسط . فهي تتموّضع على حيز ليس بالقليل من الضفة الجنوبية لهذا الحوض الحيوى . ومكوّن ليبيا الديمغرافى يُعد من ضمن تشكيل الخريطة الديمغرافية لحوض المتوسط , وجغرافية ليبيا من المفردات التي تُشكل فضاء الخوض الجغرافي . وبحكم التفاعل التاريخى لا شك بان لليبيا بصمة على ثقافة حوض المتوسط . وبكل هذه الارتباطات الموضوعية . لا يجب التشكيك فى علاقة ليبيا بهذا الحوض الحيوى او الطعن فيها بتصّويرها . بانها كانت وعلى الدوام علاقة سالبة  . او نقبل بتوّظيف هذه التُرّهات من طرف اصحابها في تبرير الابتعاد بليبيا عن نسج علاقة متينة . بدول الحوض بضفتيه الشمالية والجنوبية . ومنّعها من توظيف هذه الثوابت الموضوعية . بما يعود عليها بالنفع والنماء وعلى الحوض ودُوَله بالسلام والرخاء . بل استطيع ان اقول . انه من الغفّلة بمكان . الا يُعطى هذا الحوض في دُوَله . الأولوية في التفاعل الإيجابي البناء . اقتصادي . امّنى . تجارى . ثقافي . الخ . على بقية الفضاءات الاخر . للاعتبارات السالفة الذكر .  ومن هنا . يجب على الهيئة الاممية . اقحام دُوَل هذا الحوض وخاصة دول غرب المتوسط  . واعتمادها كمرّتكز أساسي قبل غيره من الفضاءات الاخر . اتنا تفاعلها وتعاطيها  مع التأزم الليبيى . لما في ذلك من مردود إيجابي , منتج وهام  . تُدعمه   كل  المشّتركات  التى عددناه . 

  *** كذلك من الثوابت الاساسية . التى يجب ان ترّتكز عليها الهيئة . اتنا تعاطيها مع الشأن الليبيى . تتمثل في جمّلة مواثيق الهيئة . التى تضبط توجهاتها ومسارتها . ومنها العمل على زيادة وتوسيع رقّعة النظم الديمقراطية على حساب رقّعة نقيضها التعسّفي على مساحة جغرافية هذا العالم البائس . فيجب ان يكون هذا التوجّه ظاهر وصريح في تعاطيها مع الشأن الليبيى . . فالهيئة لم تأتى الى الجغرافية الليبية . بهدف فض تنازع بين دولتين . فيكون من واجبها حينها . السعي نحو خلق توافقات وموائمات . لتصل بهما الى حل توافقي يُرّضى المتنازعين . بل جاءت الهيئة الاممية الى ليبيا . بغرض مساعدتها على الانتقال من حالة اللادولة الى التأسيس لدولة . وبقول اخر . جاءت الهيئة الاممية . لخلق الارضية والبيئة المناسبة . لولادة دولة ديمقراطية . تنهض على قواعد ومؤسسات دستورية . تنبثق من خلالها . دولة المواطنة المأمولة . دولة كل الناس . 

   واضيف قبل ان اصل الى نهاية القول . بان هذه الثوابت الثلاثة - في تقديرى - هي المرّتكز والمدخل الوحيد . الذى نصل به الى دولة ليبية مستقلة . دولة كل مواطنيها . واي سبيل غير ذلك - في تقديرى – سيصل بنا الى غير ما يريد الليبيون . ولكن دعوني اقول وفى المجّمل . على الهيئة الاممية الا تنصاع او تنساق وراء  تعاطى لا يتوافق ويخدم ما جاءت به مواثيقها فى توجهاته الانسانية .   او الى ما يجعل من الجغرافية الليبية مرّتكز توتر وقلاقل ونشر خراب في الاقليم وحوض المتوسط . او الى جعل الجغرافية الليبية . اضافة نوعية تتّسع وتتمدد بها مساحة  جغرافيات العسّف والجور على رقعة هذا العالم البائس . واذا شعرت الهيئة الاممية بوجود تيار دولى قوى . يدفع بها في هذا الاتجاه . فيكون من واجبها الا تقبل . وتذهب في اتجاه الاعتذار - كشخصية اعتبارية - عن مهمتها بليبيا . حفاظ على مصداقيتها . واحتراما لِمَا يحمل ميثاقها في طياته من مضامين انسانية . 

كاتب ليبي 

الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة