عندما تكون الأمة عاجزة عن الاستجابة للدعوة إلي التحرر والتقدم ذلك يعني أن الجمهور جمهور هذه الأمة انفسهم لا يزالون عاجزين عن تلبية هذه الدعوة وهذا ما حصل لنا نحن العرب فقد كان نصفنا نصف العرب تقريباً في الاستعمار قبل الحرب العالمية الأولى وللأسف الشديد خضع الباقون بعد تلك الحرب لاستعمارٍٍ مباشرٍٍ أو أُقيمتٔ لهم دويلات صغيرة كانت شكلاً من أشكال الاستعمار الحديث .

ولقد كان العرب أنفسهم في تلك الفترة التي تلت الحرب العالمية الأولى كُتلاً بشرية لا ثٍقلَ لها في تاريخ الحضارة الأمر الذي أرهق الأفراد الذين كانوا ينهضون مرةً بعد مرة قبل الحرب العالمية الأولى ومن بعدها وكذلك قبل الحرب العالمية الثانية ومن بعدها سعياً منهم لتوحيد صفوف الأمة العربية فلم يكتب لهم النجاح كاملاً وما ندعوا الله تبارك وتعالى له هو أن يعمل الزمن والعلم عملهما في وقتنا المعاصر ويتسع الوعي في نفوس أهل الأمة العربية وينجح قادتها المخلصون في جمعها تحت راية واحدة ويسلك أبنائها أبناء العرب جميعاً طريق الحرية ليبدأوا عصراً من الاستقلال الصحيح والذي بفضله ستكون أمة ذات ثقل بالغٍ في الميزان الدولي وكذلك ذات قيمة فعالة في تاريخ الحضارة لأن الاجتماع الانساني قائم على صلة البشر بالأرض المعمورة وعلى صلة البشر بعضهم ببعض في المكان الواحد والأمكنة المتفرقة وكلاهما بيئة طبيعية وبيئة اجتماعية ولو اجتمعنا على كلمة سواء سنتغلب على مصاعب البيئة الطبيعية في الدرجة الأولى خاصةً ونحن وطن واحد متصل بعضه ببعض دون وجود لأي حدود عدا تلك التي رسمها الاستعمار البريطاني والفرنسي بعد الحرب العالمية الأولى سالفة الذكر . 

أما في ما يتعلق بالبيئة الاجتماعية فنحن نلتقي في الدين والقومية وهذه أي العامل الديني والعامل القومي من العوامل المؤثرة والمحركة للتاريخ في كل مكان علماً بأن هناك عوامل أخرى لها تأثيرها الكبير كذلك على الأمم كالعامل الإقتصادي أو الجغرافي على سبيل المثال لا الحصر فالامم تحتاج لجيوش تحميها وهنا يأتي دور العامل الاقتصادي أما العامل الجغرافي المتميز الذي تحظى به أمتنا العربية يأتي بأن أقاليم الارض لدينا أكثر موافقة للسُكنى من بعضها الآخر في قوميات أخرى والبلاد المعتدلة كوطننا هي أكثر عمراناً من البلاد الاخرى والحمد لله بلادنا جميعها ذات موقع جغرافي متميز جعلها دائماً مطمع للحملات الاستعمارية التي سعت لتفتيتها بشكل مستمر وهذا هو سبب عدم الاستقرار في هذه الأقطار العربية المجزأة بفعل فاعل تم ذكره وهو حريص على التقسيم والتجزئة وزرع الفتن ففي قيام دولة عربية واحدة ترتبط ارتباطاً وثيقاً مع محيطها الإقليمي والجغرافي تنتهي عصبية الدولة القزمية التي تتقلب من العادة في اربعةِ أجيالٍ العمر الافتراضي لكل جيل ثلاثون سنةً قد يزيد وقد ينقص .

   ففي الجيل الاول يكون جانبهم مرهوباً والناس لهم من العادة مغلوبين وهذا ما نطلق عليه نحن الآن أن عمر الأنظمة السياسية تقريباً في دول العالم الثالث لا يتجاوز بالاكثر ثلاثة عقود إلا ما ندر لأن المشكلة تبدأ مع الجيل الثاني والثالث لأن صاحب السلطان هنا يتحول إلي الترف ويظل الجيل الثاني يتذكر شيئاً من مجدهم الأول وهنا تبدأ محاولتهم في التشبه بأهل الجيل الاول سعياً منهم في الدفاع عن دولتهم فتأخذهم العزة بالاثم ولا يستطيع أي منهم الدفاع عن الدولة ولا يبقى لهم إلا مظاهر القوة الزائفة وهنا عودة على ذي بدء هل نستطيع أن ننشيئ دولة عربية واحدة لمواجهة التحديات التي تواجه الأمة العربية والإسلامية !!!!!! ، فنحن نعاني من تقسيم الوطن إلى عدة دويلات ( السودان ... اليمن ... ليبيا ... العراق .... فلسطين ... وقد تتجزأ هذه الدول وغيرها من الأقطار العربية إلى دويلات بفعل الهجمة الاستعمارية الشرسة على هذه الأمة ) .

الأراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة