الأمن الاجتماعي يعتبر أساس الأمن القومي الليبي فمن أهميته سلبا أو إيجابا تتفرع جميع فروع الأمن القومي من حيث الخطورة ، ونحن كنشطاء في مجالنا السياسي يجب أن نسهم بأفكارنا بما يعزز الأمن القومي في المجال الاجتماعي هذا المجال الذي هو عرفا أقدم بكثير من كل ما صدر قانونا عن منظومة المجتمع الدولي (الأمم المتحدة).

 لقد تأسست (الأمم المتحدة) هذه المنظومة على مخطط يجعلها هي السلطة الحاكمة عالميا ليكون مجلس أمنها هو القوات المسلحة عالميا التي بها يتم ضبط المنظومة العالمية عسكريا لتدخل بيت الطاعة (الماسوني) لذلك ولأنه من أخطر الأسلحة هو توظيف الرأسمالية العالمية من خلال صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية والشركات متعددة الجنسية ، كل هذه يتم خلق الصراعات في مجتمعاتنا لتخضع في النهاية لسيطرتها للاستحواذ على موارد العالم وتوظيفها تحت منظومة مالية عالمية واحدة تسيطر عليها الدول المالكة لرأس المال العالمي والتي معظم قادتها من اليهود كان لابد أن نتقدم بهذا المقترح.

ومن أسس السيطرة ضرب الجيوش العربية بخلق هوة بين الشعوب وقادة جيوشها وتجزئة الوحدة الوطنية داخل الدولة بفصل الشعب عن مؤسساته الأمنية بشكل عام وجعلها الخصم له ، وذلك يتم عن طريق دعم قوى داخلية عميلة مأجورة تتحدث بما يشرعه المجتمع الدولي من حريات وما قد يتناقض مع عادات وتقاليد وأعراف مجتمعاتنا فيصير العقل العربي عقلا يتجاوز حدود خصوصيته العربية ومضامينها وأسسها وثوابتها ليتحول إلى عقل متحرر من قيود الوطن والوطنية ليدخل في نظام العالم الجديد الذي تسقط فيه عبر ما توصل العالم إليه من خلق سبل مساعدة تتجاوز حدود الدولة الوطنية من اتصالات عبر الأقمار الاصطناعية ، وهذا سهل على الدول الغربية وعلى العقول العربية ذات المصلحة في تجاوز حدود الدولة الوطنية التي لها قوانينها وأعرافها وخصوصيتها تنفيذ أجنداتهم ، ومن الخطير هو أن يخترق العملاء مصادر التشريع في مجتمعاتنا كالبرلمانات وما يصدر عنها باسم الديمقراطية من قوانين تسن جديدة لتلغي شيئا فشيء حدود الدولة الوطنية بجعلها جزء من أجزاء سيطرة الدول الاستعمارية على العالم ، ويتم ذلك بخلق تيارات في مجتمعاتنا توظف هذه السلطات التشريعية لما يحقق مصالح الدول الداعمة لها كما يحدث تماما في تونس علمانيا من توظيف الفرنكفونيين لفرض التساوي في الميراث ضربا للدين وفي نقيض آخر أيضا ما يحدث في طرابلس من محاولات لفرض جماعات الإخوان المسلمين باسم الدين على المجتمع الليبي ومنحهم الشرعية التي تؤهلها كجماعة لمنع كل ما يعيق سيطرة تلك الدول على المشهد العام سياسيا واقتصاديا وعسكريا وحتى اجتماعيا ، فقد تم ربط هذه التيارات بقاعدة اجتماعية يتم التغرير بها لإسقاط الأنظمة كما حدث في ليبيا عام 2011 فقد تم الزج بالنسيج الاجتماعي منذ الساعات الأولى للفوضى التي حدثت في البلاد ، فقد جلس الصهيوني برنار ليفي مع أهم مشائخ قبائل الشرق الليبي الذين كانوا ضحية هجمة إعلامية عالمية شرسة قادتها ومولتها دولة قطر ، فقد قام الصهيوني ليفي بتلقين المشائخ بما ينبغي عليهم القيام به وفق رؤيته وذلك برفع الغطاء الاجتماعي عن كل من يستمر في تأييده للنظام القائم وهذا كان أمرا خطيرا ومكن اليهود من تمرير مخططهم الذي تعاون معهم فيه يهود من ليبيا من أصول تركية وغيرها ممن تخفوا عقودا من الزمن حتى تحينوا فرصة الانتقام فأحرقوا ونهبوا ودمروا وسرقوا وهربوا أطنانا من الذهب خارج ليبيا ومكنوا رؤوس أموال العالم من التلاعب طيلة ثمان سنوات بمؤسسات الدولة وما يصدر عنها من تعاملات تسهل عملية نقل الأموال الليبية بالخارج تحت مسميات توظف القانون وهي لا توجد على أرض الواقع ولا يوجد من يجرؤ على فتح التحقيق فيها لأن استمرار الفوضى باستمرار نهب الأموال أمر مقنن فالكثير من النشطاء اغتيلوا أو سجنوا أو اختفوا عندما لمحوا إلى فتح التحقيق في نهب الأموال وهذا يدل على تواطؤ شخصيات ذات منفعة شخصية سواء في السلطة التشريعية أو التنفيذية أو القضائية معهم ، فتلاقي المصالح بين من تورطوا في نهب المال العام تحتم على أصحاب هذه المصالح ممن تم توريطهم ممن هم بهذه الجهات السيادية أن يدافعوا على مصالحهم بتعطيل العمل بالقوانين وتغييبها عمدا بمحاربة الجهات التي تحد من استشراء الفساد وتهديد القائمين عليها ومحاربتهم نفسيا وماليا واجتماعيا وتهديدهم أمنيا لتكون الساحة مفتوحة لنهب الأموال التي تذهب إلى مصارف الدول الأجنبية ليتم توظيفها وتحل بها أزماتها المالية التي كانت خانقة لهم قبل عام 2011 وقد تطلب خروجهم من هذه الأزمة إطلاق (الفوضى الخلاقة) بما سمي بالربيع العربي وهو في حقيقة الأمر خريف مؤسسات الدول التي حدثت فيها ما سمي بثورات .


لقد عمل منذ قرون المجتمع الغربي من خلال اليهود وغيرهم على دراسة طبيعة التوزع الديموغرافي لسكان منطقتنا فقد تم إرسال الجواسيس في أشكال مختلفة كمستشرقين من الفنانين وغيرهم ومن الأطباء والمستكشفين وتجار ومن ساندهم من يهود يقطنون دولنا ، فعرفوا طبيعة قبائلنا وأهم تمركزاها كما استوعبوا الأسس القديمة التي يمكن من خلالها خلق صراعات ضد الوجود العثماني لضرب الوحدة الإسلامية للأمة الإسلامية الواحدة حينها بغض النظر عما إذا اتفقنا أو اختلفنا معها فتم خلق قيادات عربية ضد الوجود العثماني ليتم تأليب الرأي العام العربي ضد الوجود العثماني وتم تفكيك الدولة العثمانية وهذا يحتاج شرحا مطولا لسنا بصدده الآن ، وتعرض الوجود العربي للخطر مما ألزم قيادات عربية للوقوف ضد هذه المؤامرة خصوصا بعد توطين الكيان الصهيوني فكانت ثورة مصر والجزائر ثم الثورة في ليبيا للمحافظة على وحدة الصف العربي بظهور القومية العربية لتتكون الخريطة العربية المعروفة من المحيط إلى الخليج باستمرار مواجهة وجود الكيان الصهيوني الغاصب ، ولأن جمهورية مصر العربية كانت سدا منيعا أمام تقدم قوات الاحتلال الصهيوني لتغيير الديموغرافيا أي التوزع السكاني بالقوة المسلحة كما يحدث بفلسطين المحتلة خصوصا بعد اتفاقية السلام اتفقنا أم اختلفنا معها ضربت مطامع الاحتلال في مقتل أمام العالم مما تطلب سعيا صهيونيا لجعل هذه الضربة منفعة تم من خلالها القضاء على المقاومة الفلسطينية بضرب جبهة التحرير الفلسطينية في لبنان وفي فلسطين لتظهر حركة حماس والإخوان بشكل عام بعد أسر الرئيس الراحل ياسر عرفات وتسميمه وخلق حكومة موازية في قطاع غزة لحكومة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية ، شيئا فشيء يتم توظيف حماس والجماعات الإخوانية لضرب الجيوش العربية في مصر وليبيا وسوريا لكن جمهورية مصر العروبة وشعبها كانوا أكبر من أن يزج بهم فيما حدث بليبيا وسوريا بفضل من الله وهذا انتصار لنا جميعا ، لكن التمدد اليهودي في ثوبه الإخواني صار يشكل خطرا ويحقق لتفتيت الأمة العربية مالم تستطع البوارج وحاملات الطائرات والصواريخ تحقيقه ، فالإخوان ليسوا مجرد فكر ديني متطرف يحمل السلاح بل شكلوا الامتداد الرأسمالي المرتبط بالمنظومة المالية العالمية عن طريق تمكين قياداتهم كأعوان لهذه المنظومة ، وإن كان من الإخوان من لا يحمل فكرا دينيا لكنه يحمل عقيدة مالية وجد نفسه فيها من خلال انضمامه للإخوان وسلسلتهم الممتدة اقتصاديا وسياسيا وحتى اجتماعيا وعسكريا عالميا لما وجده من دعم عالمي لمنظومتها خصوصا في ليبيا يستميت العالم الرأسمالي لتمكين الجماعات الإخوانية من السلطة ومن التحكم في المشهد العام ليتم تمرير مصالح تلك الدول التي كان النظام السابق عائقا أمامها والذي تم اختراقه أخوانيا منذ عام 69 بل وقبله منذ الإعداد للثورة مما مكنهم من الاستشراء في مفاصلها وتدميرها من الداخل  .

ومن هنا مالم يتم بناء جدار عازل قوي أمام هذا التيار العاصف فإن المنطقة سيجرفها تيار الفوضى التي يسوقها الإعلام المأجور الذي تخطى كل المحظورات وصار يتلاعب بعقول شبابنا وبناتنا من الأجيال الجديدة مما أفقدهم الثقة في كل ما يمكن أن يصدر عن دولهم باندفاع مقطوع النظير نحو المجتمعات الغربية فقد شهدت موجات التنصير اندماجا خطيرا من الشباب فيها في الآونة الأخيرة عبر شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها من القنوات الفضائية لابد من القيام بالمراحل التالية:-

أولا :- لابد من أن نعزز وحدة النسيج الاجتماعي الليبي بضرورة أن تتم المصالحة أولا اجتماعيا ولابد من أن نتعالى على جراحنا لأن ما نتعرض له جميعا يتجاوز كل ما بيننا من حق وباطل .

ثانيا:- لابد من أن نتفق على عقد اجتماعي يعتبر أن أي جسم كان يشكل خطرا على وحدة النسيج الاجتماعي ومؤسسات الدولة العسكرية والأمنية بارتباطه بدول أجنبية يعتبر جزما مرفوضا يستوجب المحاربة ورفع الغطاء الاجتماعي عنه .

ثالثا :- إلزام السلطات التشريعية والتنفيذية بأن تأخذ في اعتبارها خصوصية المجتمع الليبي في كل ما يصدر عنها من لوائح واجراءات وقوانين وأن لاتنساق باسم الديمقراطية والانفتاح على المجتمع الدولي تجاه ما يقع سلبا على واقعنا الديني والاجتماعي والأمني بشكل عام.

رابعا :- توجيه رسالة شديدة اللهجة لمؤسسات المجتمع الدولي بأن القبائل العربية الليبي وكافة مكونات النسيج الاجتماعي الليبي تحذرها من تجاوز الحدود الوطنية لخصوصية المجتمع الليبي وأن ترفض المسار السياسي وقياداته فرضا يتعارض مع إرادة الشعب الليبي لأن الأعراف الليبية السائدة بعد كل ما حدث منذ عام 2011 هي التي كانت تحمي وحدة الشعب الليبي وتحل معظم مشاكله التي تسببت أطماع الدول الغربية فيها بشكل أو بآخر ولن تسمح المكونات الاجتماعية الليبية بأن يتكرر تفكيك النسيج الاجتماعي تحت أي مسمى كان وإن شرعته القوانين والأعراف الدولية.

خامسا :- وحدة القوات المسلحة وأهمية دورها تتجاوز حدود الخلافات التي حدثت عام 2011 من حيث الاستفادة من خبرات القادة العسكريين الذين لهم باع طويل من الخبرة ولم يتورطوا في عمليات ارهابية أو سرقة المال العام ، فمستقبل قواتنا المسلحة وأهمية تقويتها ومؤسساتنا الأمنية بحاجة للم الشمل ووحدة الصف أكثر من أي وقت مضى.

 الاراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة