فجر الأحد الماضي ، كان أغلب التونسيين يغطون في نوم عميق ، عندما كانت كتلة حركة النهضة بالمجلس الوطني التأسيسي تفرض قانون إحداث صندوق الكرامة ورد الاعتبار لضحايا الاستبداد على المصادقة بموافقة 87 صوتا مقابل رفض 13 نائبا واحتفاظ 19 اخرين ، وفي غياب ما يقارب نصف النواب .
وقال وزير المالية الياس الفخفاخ أن "هناك أشياء عندما تمر دون الاستشارة تصبح بمثابة الغدرة وتفقد معناها ،حيث يُصبح المحتوى لا معنى له " مشددا على أنه لا يوجد أي مبلغ مرصود لصندوق الكرامة فى ميزانية 2014 ،مضيفا أن الصندوق وقع التنصيص عليه فى قانون العدالة الانتقالية دون التنصيص على تمويله .
واعتبرت مقررة لجنة المالية والتخطيط والتنمية صلب المجلس الوطني التأسيسي لبنى الجريبي أن تمرير صندوق التعويض لضحايا الاستبداد ضمن قانون المالية لسنة 2014، يعد خطأ سياسيا من حركة النهضة، وينقل رسالة سلبية عن المجلس ويتناقض مع ما يدعيه النواب بشأن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس، في حين رأى النائب عن الكتلة الديمقراطية إياد الدهماني أن التعامل مع الميزانية من قبل نواب حركة النهضة كان بمثابة التعامل مع غنيمة.
وقال الدهماني تعليقا على المقترحات التي قدمتها كتلة الحركة خلال جلسة المصادقة على قانون المالية لسنة 2014 "إن هذا يدل على أنهم يريدون الحصول على أكثر ما يمكن من الغنائم قبل مغادرة الحكم".
أما سامي الرمادي رئيس الجمعية التونسية للشفافية فقد علّق على ما سمّاها'' عملية نهب لأموال الشعب الذي إغتصبوا ثورته'' ويقصد بذلك عملية المصادقة على قانون المالية لسنة 2014 والذي تم ادخال مقترح تعديل فيه يقضي بإنشاء صندوق تعويض للمساجين السياسيين.
وقال الرمادي على صفحته بموقع التواصل الإجتماعي "لا تؤجل سرقة الليل الى الغد: إنها عملية إعتداء بالعنف على خزينة الدولة "وأضاف ''في السابق كان اللصوص يتسللون خلسة لسرقة الممتلكات الخاصة،أما فجر الأحد ، و بينما كان الشعب في معظمه نائما ، كنا شاهدين على المباشر من المجلس التأسيسي على عملية سرقة موصوفة للممتلكات العامة، إذ صادق الإخوان على قانون التعويضات لمساجينهم الذين كان من بينهم من فجّر الفنادق، ومن حرق آداميين أحياء، و من حمل السلاح ضد الجيش و الحرس الوطني. وختم الرمادي بالقول :صادقوا عل إنشاء صندوق للتعويضات على حساب ميزانية الدولة لسنة 2014. فمن جهة يثقلون كاهل المواطن بالأتاوي و الأداءات، ومن جهة أخرى يفاقمون الدين، و يجرون البلاد نحو الإفلاس ،من أجل التمتع بالتعويضات.إنها عملية نهب لأموال الشعب الذي إغتصبوا ثورته.
وهكذا ، أردات حركة النهضة للعام 2013 أن ينتهى على وقع جدل واسع حول صندوق التعويضات لفائدة من تعتبرهم ضحايا الإستبداد والديكتاتورية ، في حين يعتقد أغلب التونسيين أن الحركة تقود عملية إستقواء بالسلطة والنفوذ من داخل المجلس الوطني التأسيسي لفرض مصالحها ،ومنها التعويض المادي والمعنوي و تلميع صورة منخرطيها وأنصارها ،ممن تعرضوا للسجن في عهدي الرئيسين الراحل الحبيب بورقيبة والمخلوع زين العابدين بن علي ، سواء عن حق أو عن باطل ،خصوصا وأن الإسلاميين في تونس لا ينفون أنهم سعوا للإنقلاب على بورقيبة في العام 1987وعلى بن علي في العام 1990 ونفذوا عمليات إرهابية منها تفجيرات إرهابية في فنادق وحرق مقر الحزب الحاكم سابقا بحي باب سويقة الشعبي ،كما سعوا لإختراق المؤسستين الأمنية والعسكرية .
ومهما يكن من أمر ، فإن عموم التونسيين يرون أن الصراع بين إخوان تونس من « النهضويين » ونظامي بورقيبة وبن علي كان صراعا عقائديا ، وبالتالي كانوا يهدفون الى خدمة مشروعهم الحزبي والإيديولوجي الذي يتجاوز مساحة البلاد التونسية ، مثلهم مثل جميع الأحزاب والحركات الإخوانية في المنطقة ، ولم يكن همهم الشعب التونسي الذي يرونه سائرا في إتجاه غير إتجاههم ، مما يعني أن تحميل الشعب ضريبة مشروع الحزب أو التنظيم بإسم الدفاع عن الحرية ،يتناقض مع قناعات التونسيين بأن هدف إخوان بلادهم كان إقامة دولتهم التي يؤمنون بها ويطمحون إليها ، وهي ليست دولة عموم التونسيين .
ولذلك فمن غير المعقول أن يدفع الشعب تعويضات للحزب ، خصوصا في ظل أزمة إقتصادية حادة تعيشها البلاد ،وفي ظل إستمرار توظيف المتمتعين بالعفو العام من الإسلاميين بينما لا يزال المعطلون عن العمل ممن أطاحوا بنظام بن علي وجاؤوا بهم الى الحكم ، يعيشون البطالة والتهميش غير أنها الغنيمة ،، التي تضع الشعب في خدمة الحزب ،،والحزب فوق هامة الشعب ، مادام للحزب مخالب السلطة التي يتجاوز بها إرادة الشعب .