"لن أزيد عليه حرفا".. كان ذاك تعليق مولانا محمد عثمان الميرغني وهو يطالع تقرير اللجنة التي شكلها لدراسة عرض المشاركة في الحكومة..تلك اللجنة رأت ان عرض المؤتمر الوطني (تافـه) ولا يقدر المكانة التاريخية للحزب الاتحادي..بعد ان أخذ مولانا نفسا عميقا طلب عرض راي اللجنة للهيئة القيادية حتى يخضع الامر للشورى واسعة.. هنالك أيضاً تم رفض عرض المشاركة البائس.. مارس مولانا (الخج ) وطالب بإضافة ممثلي الولايات لهيئة القيادة .. غضب من غضب وهتف الطلاب والشباب امام أبواب جنينة السيد علي رافضين المشاركة ..ابتسم مولانا حينما سخر المؤسسات لتأييد رأيه في المشاركة في حكومة الجبهة العريضة.
خرج مولانا تحت جنح الليل وسحب الدخان تعلو سماء الخرطوم في سبتمبر الماضي..ظن الميرغني ان الحكومة ستذهب للجحيم تحت وطأة التظاهرات الشعبية..اول قرار اتخذه الحسيب وهو يغادر عتبات المطار الى لندن ان شكل لجنة لإعادة النظر في تجربة المشاركة في الحكومة.. اللجنة التي تعبر عن نبض الاتحاديين قالت (لا).. طبق مولانا الميرغني القرار وقال للجميع انتظروا عودتي الخرطوم.
اغلب الظن ان مولانا أراد ان يعود للخرطوم تحت سحابة دخان جديدة.. يحاول مولانا الميرغني ان يشغل الاتحاديين بمراجعة مبادرة جديدة..ولمولانا تاريخ حافل في طرح المبادرات التي لا تسمن ولا تغني .. في العام 1988طرح الميرغني مبادرة فطيرة لتحقيق السلام في السودان ..من الإجحاف ان تسمى تلك المحاولة مبادرة واغلب الظن ان الدكتور جون قرنق بمكره السياسي كان يدرك تلك الحقيقة .
ستفشل مبادرة مولانا الميرغني الجديدة ولن تحقق هدفها في تحقيق الوفاق الوطني.. بداية مولانا الان في صف الحكومة.. اختار هذا الموقع رغم انف القاعدة الاتحادية ..لهذا لن يكون لديه تأثير على المعارضة السلمية ولا أختها التي اعتمرت السلاح.. المفارقة الاخرى ان مولانا لن يستطيع الضغط على شركائه في المؤتمر الوطني الذي يدرك نقطة ضعف مولانا.. اي وسيط لا يستطيع الضغط بقوة على الخصوم لن تتوفر له فرص النجاح.
في تقديري ان كان لمولانا مبادرة فليبدا بعشيرته الاتحاديين.. مطلوب من مولانا ان ينفق وقته وماله على توحيد الحزب الكبير الذي تفرق طرائق قددا..اخر مؤتمر عام عقده الحزب الاتحادي كان في العام 1967..كل اجهزة حزب مولانا جاءت بالتعيين...الان الاتحاديون يتندرون على حال حزبهم البائس ويقولون " كنا نظن ان *مولانا يدير الحزب بمعاونة الخليفة عبدالمجيد ولكننا اكتشفنا ان الخليفة يدير الحزب بمساعدة مولانا".
كان من المحزن جداً ان يتفق الغريمان كمال عمر وربيع عبدالعاطي على هوان مبادرة الزعيم الميرغني *وضعف دور الحزب الاتحادي بين الاحزاب .
لن يفلح مولانا في تحقيق الوفاق الوطني بمنطق فاقد الشيء لا يعطيه *ولكن سيعطي المؤتمر الوطني فرصة لالتقاط الأنفاس والالتفاف حول ضرورات التغيير الجذري.