في خطوة جديدة نحو مزيد من معاناة المواطنين, وتوسيع الفرص امام الفاسدين مجددا, قرر الصديق الكبير وبمفرده أن يقوم المركزي  بإصدار" اهداء" الاعتمادات المستندية  لمن تختاره مافيا الفساد في الدولة, وأدواتها الموبوءة, المحللة لكل رشوة, والشاهدة على كل زور. وبالمقابل يحرم مئات الالاف من الليبيين من مدخراتهم, ويسلبهم حقهم المشروع في التمتع بخيرات بلادهم لصالح أنثن فئة من فئات المجتمع, الا وهي المضاربون بالاعتمادات اللذين لا يمكن استئمانهم على اموال الليبيين ابدا "حتى يلج الجمل في سم الخياط".

        لقد مرت سنوات الجمر ثقيلة على الليبيين, عندما كانت أغلب الاعتمادات تعطى بالرشوة والمحاباة, وبسعر 1.4  دينار للدولار الواحد, ليقوم اغلب الحاصلين عليها برشوة اصحاب النفوس المريضة بالداخل والخارج من اجل تسيل ما تبقى منها له ليبيع الدولار في السوق الموازية بسعر 8.5  دينار للدولار. يحدث هذا بالتزامن مع قيام التجار الاخرون بحساب تكلفة المواد الغذائية وغيرها على سعر السوق الموازي متناسين انهم اخذوها من خزينة الشعب الليبي على السعر الرسمي أي "1.4 " للدولار.

مئات الملايين من أموال الليبيين تم استلابها بالكيفية  السابق ذكرها, ومئات الملايين تم التلاعب بها بالطرق الاخرى, وكل هذا جرى تحت علم وتوقيع واشراف السيد الصديق الكبير, والذي يدعي اليوم حرصه على اموال الشعب وصيانته لها, من غير أن نسمع عن أي ملاحقات "فعالة" للأعمدة الفساد, وارجاع القيم الحقيقية والتي تم سلبها من خزينة الدولة وأموال الشعب.  

واليوم نسئل السيد المحافظ عن المانع في أن توزع كمية النقد المتوفرة لجلب الغداء والدواء على الليبيين   بالتساوي؟ وتخصيص كمية متساوية من النقد الاجنبي لكل فرد, وإلغاء "فساد الاعتمادات" , ولنترك السوق يتفاعل حتى يستقر في ظل مساواة في الفرص والمسؤوليات. 

إننا لا نريد من المحافظ لعب نفس الدور الذي لعبه أيام قفل الجضران للحقول والموانئ النفطية, متعللا هذه المرة بإقفال "أتباع الكرامة" لها مجددا. وكأننا قد كتب علينا نحن الليبيين الوقوع في قبضة مزدوجة بين "خشم البندقة" والبطون المهترئة بالفساد, والذي كما أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث ما معناه "لو كان لأبن أدم جبلين من ذهب, لابتغى إلهما ثالثا".

إن من يدعي "محاربة الارهاب", أو الدفاع عن الدولة المدنية , يجب عليه أن يبدأ بنفسه, وبمن يحيطون به, فليس هناك ارهاب اكبر من تهديد الناس في لقمة عيشهم, وحرمانهم من حقوقهم ومدخراتهم, وبما انعم الله به على بلدهم  من أجل "عيون العالم" أو من أجل حفنة من مال فساد.

الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة