لا أخفي انني مللت الكتابة وحاولت الإبتعاد عنها خلال الأشهر الماضية استشعارا لحالة من اليأس والإحباط ألمت بي خلال هذه السنين المريرة التي مرت وتمر على بلدنا ونحن نتفرج و لا أحد حرك او يحرك ساكنا، لكني بالنظر الى حجم ظلامية المشهد الذي بدأت اتحسس نهاياته الأليمة القاسية علينا كشعب ووطن بعد مضي حوالي عقد كامل من الزمن على ضياع هيبة الدولة والاستقرار وسيادة الفوضى وتغلغلها عزمت الكتابة من جديد مستصرخا كل من له ضمير حي من اعضاء فريق الحوار والذين اوكلت لهم هذه المهمة العسيرة المعقدة.

ليس همسا ولكني اصرخ في اذن كل واحد منهم أن هلموا لإنقاذ ما تبقى من دولة ليبيا فالوقت يمر والفرص تتقلص وتكاد تنتهي، ليبيا التي اصبحت ألان رهينة تدخلات أجنبية من دول عدة واصبح قرار الحرب والسلم فيها بيد الأجنبي، الذي وبكل مرارة نحن الليبيين من أوجدنا له فرصة الاستحواذ والتدخل والسيطرة المباشرة، عندما تولّت امرنا مجاميع من بني جلدتنا لا أحساس لهم بالوطن ولا شعور همهم فقط تحقيق مصالحهم الأنانية الضيقة، من خلال اجندات سياسية ودينية مزيفة، من كانوا لا افق لهم في التفكير بمصير الشعب والوطن، وادراك نتائج ذلك العبث التي تأتي عبر الزمن وليس مباشرة.

ليبيا هاهي اليوم على حافة الإنهيار الكبير اقتصاديا وأمنيا وسياسيا ، ليس بأقلها تقسيمها الى دويلات ثلاث او رباع اودخولها في حرب اهلية مناطقية لا تبقي ولا تذر بعد كل تلك الحروب التي تقاتل فيها ابنائها وفقدنا من فقدنا وما خلفته من دمار في النفوس والممتلكات، وهذا الفساد الرجيم الذي اتى على ثروات البلد ومدخراته في ظل الإنقسام وتعذر بل غياب دور الرقابة والمحاسبة.

لمن لا يعي ويدرك أن ليبيا قد اصبحت وكرا لكل مخابرات العالم يصولون فيها ويجولون بكل حرية نتيجة الوضع الفوضوي الأمني الذي نعيشه منذ 2011م ، ولمن لا يدرك ويعي ليبيا الآن ملاذا آمنا لكل الجماعات الإسلامية المتطرفة عبر العالم ولكل مافيات الحشيش والتهريب العالمية عبر القارات ! ولمن لا يدرك ليبيا الآن تئن بكلكلها من وطأة جماعات الهجرة الغير شرعية وكل ما هو غير قانوني فإلى أين ذاهبون؟!

ايها المتحاورون ممن جمعتكم بعثة الامم المتحدة لتكونوا فريقا للحوار الليبي، كونوا في مستوى الأحداث وحجم المسئولية الملقاة على عواتقكم ولا تستهينوا بالأمر، فأنتم اليوم من تقع على عواتقهم المسؤولية الوطنية والأخلاقية، فإما ان يخلدكم التاريخ لأنكم ستعيدون لنا ليبيانا دولة واحدة موحدة، أو أن يسجلكم التاريخ في احد صفحاته القاتمة السواد، حيث ستلاحقكم لعنات الليبيين جيلا بعد جيل

كونوا لها وفي الموعد، وانزعوا عن عيونكم غشاوة الأنانية ومن قلوبكم رباط الخنوع، كونوا رجال هذه المرحلة وسطروا بأحرف من نور ملحمة انقاذ وطنكم الذي يتهاوى ويكاد يتلاشى، وحققوا لنا الحد الأدنى من ماهو مطلوب، الا وهو أن تكون لنا حكومة واحدة موحدة وعلى عجل فالوقت لم يعد يسعفكم والفرص تتقلص وقد تضيع. الا قد بلغت اللهم فأشهد.

الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة