شعب لا يتعظّ من ماضيه ولا يتعلم و لا يأخد من دروس التاريخ ولا يفهم ولا يستوعب من حاضر الشعوب , شعب فاقد أتجاة عقارب الساعة وضاعت منه البوصلة , أو دعوني أقول أنه معدوم الذاكرة وفاقد الأهلية شعب تستهوي عليه سلوك وتصرف التهريج ولا مبالا , نعم لم يبلعنا الحوت و لكن بلعنا التخلف و التناحر و العصبية الجاهلية , كنا مدن وقبائل واحده أيام ما يسمي بالثورة فصرنا مدن و قبائل لا لنتعارف بل لنتناحر ضد بعضنا , و يكون لكل مدينة شأنها وحالها فلها شروط ومطالب  التي لا تتوافق مع غيرها , الكل يتأمر ضد الكل لا يعجبنا العجب و لا الصيام فى رجب . نحن الثوار و الأزلام نحن المؤمنون و الإسلاميون والعلمانيون و نحن الوطنيون و الخونة و نحن و نحن , ليس كمثلنا احد , هكذا نحن حائرون تائهون إلى ابعد مدى , يكاد توهُاننا أن يفوق امتداد صحارينا اللامتناهية ,  رغم كل هذا وذاك و عددنا لا يتجاوز حوالي مليون و مائتي إلف أسرة , أي عدد سكاننا لا تتعدى حارة فى بكين أو طوكيو أو ربما حي من أحياء القاهرة ,  لقد دوشنا العالم و حيرناه و صنعنا لأنفسنا حجما اكبر من حجمُنا ,عاشت فينا وبيننا السلبية المقيتة , ولم نعي ونعمق مفهوم المواطنة , و مفهوم الدولة كما يزعم ثوار الاستعراض وشاشات التلفزيون , دعُونا نسمي الأشياء بمسمياتها ولا نختبئ وراء ستار المجاملات , أنهم  الأخوان وذراعهم العسكري المليشيات , في كل ساعة ويوم يزداد عبثهم وفسادهم و قمعهم وعنفهم حتي أصبح وضعاً لا يطاق, فمهما كان مأتاه و مهما كانت الجهة التي يوجّه ضدّها العنف محظوراً وفقاً للقانون في كلّ الحالات.

ما تمارسه المليشيات بأسم الأخوان من عنف كان جوابه العنف و من يرفض العنف يرفضه على نفسه و على غيره. فعيب على من ذاق العنف و تعرّض للتهديد أن يصطفّ مع من تمرّس في ممارسة العنف ومن ثم يخرج علينا يدّعي أنّه ضحية و مُورس عليه العنف. وعيباً علينا أن نشجّع أو نؤيد مثل هذه الممارسات بكافة أشكالها , وبالتالي لما العجب أن نستغرب من ردّة فعل شباب وعائلات غاضبة لهم شهداء و جرحى , عيباً أن تصول و تجول المليشيات المسلحة بفضل دمائهم , وتُنكرعليهم حدوث الثورة بأنهم هم وليس غيرهم بالثوار.

 أعُيدها لسُت بطبعي مع الاعتداء والعنف  و لكن لسُت مع ثوار ما يسمي بالمليشيات لتأليهها و شكرها , و تكريمها والرفع من مكانتها  من حكومة تدّعي الحداثة والمدنية , رغم أنها لم تقدّم لنا موقفاً مشرّفاً فيما يخصّ الأنصاف والمساواة والعدالة والحريات , هذا بالإضافة الى كونها من تدّعي أنها حكومة جاءت للوفاق .

هذا من جهة و من جهة أخرى وهنا أقصد الأمم المتحدة تحاول تقديمها حكومة للم الشمل والوئام والسلام , متناسيه ما عشناه ونعيشه منذ زمن الترويكا من عنف و من دماء واغتيالات مرتكبة من قبل المليشيات , التي كرست وتكرس النهب والفساد                        . 
 الإخوان والمقاتلة ومن علي شاكلتها من المليشيات لا تستطيع أن  تفرض إيديولوجياتها بالعنف و بروابط حماية ما يسمي بالثورة , وبتزييف الحقائق والإحداث , و لا تحاول أن تفرض قيودها على الحقوق والحريات  ولا تتماها في رقصات محمومة مع بقايا الدكتاتورية بأنواعها ,
 هم بقايا لا يتجاوز بضعة آلاف فلم نترك الناس الأبرياء من مواطنينا والذين أعدادهم بعشرات الآلاف نازحون ولا جئون في بلادهم و في دول الجوار و لا نعمل على أعادتهم و مساعدتهم فهم ليبيون لهم من الحقوق ما لنا , نعم للعدالة و محاكمة الذين أجرموا في حق شعبنا بممارسة القتل و التعذيب و نهب المال العام .                                                                         

. لماذا ندعى التدين و تعلو صيحات التكبير مآذننا و نحن ابعد ما يكون عن الدين  , لماذا لا نكون واقعيين ورحماء بيننا ونبدأ بفتح صفحة جديدة لبناء ليبيا معا بعيدا عن المزايدات و أساليب الإقصاء و التي ستؤدى بنا إلى طريق غير مأمول. فمن يملك السلاح اليوم قد لا يملكه غداً ,  ليست هناك دولة تبنى بالأحقاد و الثارات و روح الانتقام  و لكن تبنى بروح التسامح و بالمصالحة الوطنية  , تصالحوا وتعلموا بأن الحرب ليس فيها رابح بل الحرب في الوطن خسارة  , لماذا هذا التسابق على تشكيل المليشيات  بدلا من نصرة الجيش الوطني وهو يضم كل الليبيين و يكون الراعي و الضامن لأمننا و استقرارنا , لماذا ننتظر الحلول من الأمم المتحدة و التدخل الدولي ليحل لنا مشاكلنا التي هي فى حقيقة الأمر مصطنعة من قبل دول الغرب , مشاكلنا ليست عويصة  اذا ما خلصت النيات و كانت لنا الإرادة الحقيقية في بناء دولة ليبيا الحديثة دولة كل الليبيين.                                                                          

الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة