شكل  الطوابير المتعرجة والمتراصة حملنا لعالم لا يشبهنا ولا يليق بِنَا.....                                                                    

هرج مستمر وتدافع مبتذل ، امتهان أدخلنا في دوامة "انا قبلك وانت بعدي" وما هي الا دقائق ونشب العراك آخذً أشكال مختلفة مما دفع افراد الأمن لتفريقنا  مستخدمين كل أشكال التعنيف تارة بالصوت العالي وتارة أخرى بالتهديد والشتم وحتى مد اليد والتطاول ... 

لكن للأسف "هُن " ...نحن السيدات الليبيات أمهات وأخوات ...ربات البيوت المعلمات والمهندسات والطبيبات وعضوات هيئة التدريس بالجامعات والموظفات من أُجبرنا على التراص والتدافع والوقوف لساعات و من استخدمنا التحايل والمواربة وصحة الوجه في محاولات بائسة للأقتراب من المليشياوي المرافق لموظف المصرف حامل ارقام الحظ....

تمطط الطابور وامتد في سلسلة بشرية لأكثر من كيلومتر شمال الطريق وكيلو متر آخر يمين الطريق مع أكوام النسوة المتلحفات رواق بناية شركة" أيني " للنفط .. 

تحصلت وأختي على أرقام  مابعد ال"900" بعد أن تواصل وقوفنا قرابة الساعتين ونصف حتى" زرقت الشمس "على رؤوسنا لتكشف فصلاً آخر للمعاناة   الممزوجة بالقهر والإذلال..... 

الساعة تقترب من التاسعة ولَم "نتحلحز " من اماكننا بعد ، التي تبعد عن المصرف بنايتين ، مستقرّين خلفه تقريبا في منتصف طابور النساء الذي يمتد بشكل ملتوي أينما وجد فراغاً مخترقاً ممرات تفصل البنايات ليستقيم متجاوزاً "جامع الجذاع"  الذي استغلت حماماته وقاعته الصغيرة من قبل زبائن المصرف وواصلاً حتى فندق  هارون حيث يقيم مسؤولي وموظفي الحكومة رفيعي المستوى .... الذين يزاحموننا في كل شيء حتى بملء الفراغات والأرصفة  بسياراتهم الفارهة .... 

صار بالإمكان التحرك الان فقد ضمنّا الرقم ولكننا لا نعلم ما يحدث امام المصرف وكيف تسير الأمور والي اَي مدى تقدمت المتراصات وهل بدأ العمل ؟أيرأف القائمون عليه بحالنا ويسرعوا في العمل ؟أسئلة وإجابات تتداخل بالتعليقات بلا نتيجة !!!

 شعرت بدوخة وهبوط وقررت الذهاب لعيادة "الطيب "القريبة على ان اظل  متواصلة وأختي عبر الهاتف لكن احد السيدات أشارت عليّ بالذهاب للمستوصف القريب مؤكدة على وجود طبيبة جيدة ، وفعلا وجدتني اخترق  "أكداس " من العبايات السوداء والملوّنة و المحشوة بالنساء الواقفات والجالسات على الكراسي والمتكئات على الحيطان والمتكومات والممددات على الرصيف والمتخدات بقايا طوب البناء والألواح المرمية مقاعد..... ماليئين الفراغات بينهن   بحقائبهن وبأكياس الطعام والشراب ولا يخلو الامر من امتزاج كل هذا بروائح متضادة ومختلطة ساوت بيننا جميعا بعد وقوف دام لأكثر من ست ساعات ولا نعلم الى متى سيستمر بعد....

الاراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة