هذا الغياب الملفت لفزان بتغّيبها والاصرار على ابعادها عن ان تكون مفردة من مفردات المشهد الليبي . يدفعنا نحو التساؤل بالقول . هل هذا الابعاد والتغيب كان احد المرتكزات الاساسية . التى بها سينتهى مشّهد انتفاضة 2011 م برمّته . بعيدا عن المنحى الوطني . وتصير هذه الانتفاضة . الى مآل يكون في غير خدمة ليبيا والليبيين . والاقليم الجغرافى الذى يضمها . ويحمل هذا المآل معه . ارتدادات جدا سلبية على حوض المتوسط بضفتيه الشمالية والجنوبية
وبقول اخر . هل غياب وابعاد فزان بتغّيبها عن المشهد الحالي . كان مسّعى نحو الشروع في اتجاه تغّيب مفهوم الوطن . وشطب هذه المفردة من قاموس الثقافة الليبية . وهل كان يراد بهذا التغيب لفزان . لجعّلها ثالثة الأثافي . لمرّجل تدّوير وتشّكيل وصياغة ما كان . ليكون ما كان لا غيره . في آتي الزمان . الذى نراه في طوّر التشكّل . بواسطة يد واحدة . وان ظهر وشُبّه لنا . بأن وراء هذا التشكل ايادي عديدة .
فهل تغيب فزان . كان بمثابة ثالثة الأثافي المكمّلة لاثنتين اخريين . نستطيع حصر احداهما . في مُراكمة اموال الوطن . من عائدات وارادات نفطه . بحسابات بنّكية خارج ليبيا . تُعد وتُحسب ارّصدتها بمئات المليارات . في الوقت التى كانت البلاد تعانى غياب بنية تحّتية تغطى كل قطاعاتها . خدمية كانت أم انمائية . والثانية في . تكّديس سلاح وعتاد حربى . وبكم هائل بمعسكرات ومخازن البلاد . يتخطى حاجتها . بل وحاجة الاقليم الجغرافي , الذى يضمها .
اقول هذا لان العمل على تغّيب فزان . قد كان يحدث بالتوازي . مع مراكمة الارصدة المليارية بالخارج . وتكديس الأسلحة والعتاد الحربى بالبلاد . ومن هنا جاء تغّيب فزان . ليحّظى بمرتبة ثالثة الأثافي عن جدارة . وذلك للبُعد المعنوي . الذى يمثله هذا التغّيب . في تركيبة هذا الثالوث الجهنمى المدمر .
فقد بدأ تغّيب فزان مع نهاية سبعينات القرن الماضى . . بمسّعي مدعوم بالسلطة والمال حينها . وبوثيرة عالية , وعلى نحو مُمنّهج لصناعة وخلق فزان بديلة . فزان ليس لها علاقة بجغرافيات فزان وليبيا . فزان وافدة . نشأت وترعرعت في بيئة ثقافية مختلفة . شكلت وصاغت مرتكزاتها المعنوية جغرافيات اخر . ومن ثوابت تلك المرتكزات . التنقل الدائم والترحال الأبدي صوب اللا مكان صوب اللا وطن . ترحال ليس غير وفقط . وراء الكلاء والماء .
طالبت فزان وسعت حينها . الى اعادت تأهيل لهذه الوافدة . ودمجها تدريجيا داخل جغرافيات فزان . رٌفض المسّعى وقمع من طرف السلطة . وكانت النتيجة عجز هذه الوافدة . عن خلق تواصل بناء مع جغرافيات فزان . فرفضها جسم فزان وجغرافية . وهاجمها جهازه المناعي . احيانا على نحو ناعم . ونادر على نحو خشن . فقد كانت هذه الوافدة . تحّتمى وتستضل بمضلة تلك المنظومة . التى كانت تدير دفة البلاد حينها . ضُخت وحُقنت اموال نفط هائلة في عروق وشرايين هذه الوافدة . فصارت تكبر هذه وتتضخم . وتضّمر وتتلاشى فزان . فزان حوض مرزق . فزان وادى الشاطئ . فزان وادى الآجال . فزان وادى البوانيس .
ومند ذلك الحين صارت تعلو صيحات . تهز جنبات جغرافيات فزان وفضاءاتها . وانتقل صداها الى جنبات الجغرافيات الليبية قاطبة . تتدثر هذه الصيحات بمسُوحات عديدة . كان اخر تقليعاتها في مفردة المجالس . صيحات مُطالبة بالارتحال والترحال الدائم . ترحال صوب اللا مكان صوب اللا وطن . الى ليس غير وفقط وراء الكلاء والماء .
وها نحن ونتيجة لتغّيب وغياب مفردة الوطن عن المتداول الليبيى . نشاهد طرابلس المدينة عاصمة البلاد . صوت وصوره . وهى تضمر وتتلاشى . تحت ضربات المليشيات . التى تحاول خنق الوطن , في طرابلس وبطرابلس المدينة. التى تان ومع انينها وتلاشيها . تردد وبصوت واهن . لقد اُكلت يوم اُكل الثور الداكن . لقد اٌكلت يوم اُكلت فزان . . .
الاارء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة