اكاد اجزم ان اغلب الليبيين ومن على شاكلتهم . ممن يسكنون فضاء جنوب وشرق المتوسط . كانوا قبل موجة الانتفاضات . التى اجتاحت فضائهم الجغرافى مع نهاية 2010 وبداية 2011م . كانوا يتعاطون ويتعاملون مع مفهوم و مصطلح الشرق الاوسط . ليس غير مفردة غير ذات معنى . فهم ليسوا مع او ضد هذا اللفظ . الذى تلكّه وتتداوله كيف ما اتفق . السن الاذاعات المسموعة والمتلفزة واقلام الصحف والمجلات والكتب . غير انه  - او يفترض ذلك – قد تبين للمتابع المهتم منهم للأحداث . التى يمور بها فضاءهم الجغرفى مند بداية 2011م وحتى يومنا هذا . ان هذا المصطلح له مفاعيله العالية على مسيرة الحياة في فضاء جنوب وشرق المتوسط . مند لحظة ولادته التى جاءت مع احداث الحرب العالمية الاولى ونهايتها . على يد الترتيبات الدولية التى تولّت وضع اسس لضبط ايقاع الحياة في هذا الفضاء الجغرافى الحيوى . بما يخدم كيان الشرق الاوسط , حياة وديمومة واستمرارا . وقد نجحت هذه الترتيبات في ذلك . وبقدر عالى من الكفاءة . حتى يومنا هذا وعلى امتداد قرن من الزمان . 

    كنت احاول القول . ان كل الكيانات التى تتولى ادارة الشأن العام في هذا الفضاء . وما يسندها من مؤسسات ومنظمات اقليمية . وما اُجترح من مفاهيم ومصطلحات في هذا الفضاء على امتداد قرن من الزمان . وكل ما في حكمها . قد جاءت جميعها لترتيب وضبط ايقاع الحياة على جميع وجوهها السياسية . الاقتصادية . الثقافية . بما يجعلها في خدمة حيوية واستمرار كيان الشرق الاوسط . 

   فمثلا . كلمات ومصطلحات ومفاهيم ومفردات . كالعرب . الاسلام . الاقليات . اليمين . اليسار . التطرف . الترابي . البغدادى . الليكود . البعث . البولزا ريو .الصومال . الاردن . السودان . الضفة الغربية . وكل المخيمات والجبهات والأبوات  بتنوع مسمياتها . السراج . الصخيرات بكل مخرجاته وارتداداتها . البيدق الكبير . السفير ميلت . اطرابلس الكبرى . الخ . هذه جميعها جاءت وبعدما طُوعت وكُيفت دلالاتها الطبيعية . كى تصب في ما يخدم حياة وديمومة بقاء هذا الكيان بكامل حيويته . فصار هذا الكيان وبهذا . له قدرة استثنائية على اضفاء  المعانى والدلالات . على المفردات والمصطلحات التى تسبح وتتحرك وتتنقل . في داخل فضاءه الجيوسياسى الشاسع . بما يتوافق ويخدم وجوده وبقائه بكامل حيويته على قيد الحياة .  

   وعلى جميع الاحوال وفي ما اعتقد .  لا حد يرغب في الخوض في ما لا يهمه او يشغله . ولكن هذه المسميات والمصطلحات والمفاهيم وفى معظمها جاءت مع بداية 2011م . في محّسوساتها وتجسّداتها وتاّطيراتها . قطر . الامارات . السودان . الاردن . السعودية . الجزائر . مصر . وتكدّست دخل الوعاء الجغرافى الليبيى . في محاولة منها – وقد نجحت وبقدر عالى - لاعترض ووضع العراقيل في طريق حراك الليبيين  . الساعي بانتفاضتهم  نحو محاولة لبلورت آلية بديلة عن ما كان سائد . تتولى ادارة الشأن العام ببلادهم . بما يحقق لهم حياة تحظي بقدر مقبول . من مقومات تنهض عليها بيئة مادية معنوية تناسب بظروفها . امكانية انبعاث حياة دخل الوعاء الجغرافى الليبيى . تتوافق مع مُتطلبات حياة آدمي هذا العصر . من خلال التأسيس لبنية تحتية خدمية . صحية . تعليمية . اتصالات مواصلات . صرف صحى . الخ . مسّنودة باخرى تنموية انمائية . تُحفّزهم وتستحثهم للانخراط في الدورة الاقتصادية لبلادهم . لنقلها من ريعية اتكالية الى انتاجية حيوية . تُضيف الى الحياة وتدفع بها الى الامام داخل بلادهم . 

  كنت احاول الوصول بالقول . بان هذه المفردات والمسميات والمفاهيم والمصطلحات . لا يجمعها في دلالاتها الواقعية المحسوسة في داخل هذا الفضاء الجيوسياسى الواسع .  في ضرفنا الانى و في اليومى وما  بعد اليومى منه . وعلى امتداد واتسع رقعة جغرافيات جنوب وشرق المتوسط . ليس غير ما اجترح واشتق واصطلح على تسّميته بالشرق الاوسط . 

  من هنا . قد لا ابالغ عندما اقول . بان مفاعيل هذ المصطلح . المُسمّى . الكيان . الشرق الاوسط . هو وليس غيره  من يرسم الخطوط العريضة للحياة . واحيانا حتى الفرعية منها . فوق جغرافيات جنوب وشرق المتوسط .  ويستطيع ومتى ارد . بتدخلاته الفجة من ارباك المعتاد المألوف في اليومي من حياة الناس . والتلاعب حتى بالذي يحظى بهالة قُدسية . في الفضاء الداخلي  المَحلّى الوطني من حياتهم . والذى قد شرّع واشاع المقدّس لديهم . بان يتولوا ادارته وتصّريفه شئونه من خلال مبادرتهم الفردية في نطاقهم الداخلي المحلى الوطني .   

    ولكن عندما انبرى الليبيون . مع نهاية شهر رمضان المقدس صياما . لرصد ورؤية هلال شهر شوال . على اتساع وامتداد رقعة بلادهم الجغرافية . للتأكد من الاهلال والتثبت من نهاية الشهر الفضيل . وبعدما ثم لهم التثبت بالتأكد من الاهلال . في اماكن متفرقة من على جغرافية بلادهم . واعلنوا بان اليوم التالى . سيكون احتفالية العيد وغرة شهر شوال . جاء من يشكك في اعلاناتهم المتتالية عن تبوث الرؤية من بقع متعددة من على جغرافية ليبيا . بل ذهب الى فرض وبقوة السلاح  وفى بعض البلدان بغرب البلاد . بان اليوم الذى يليه . هو يوم احتفالية العيد وهو ايضا غرة شوال . في تسفيه ظاهر وعلني لفعلهم . وتعدّى سافر على المقدس لديهم . بفرض صيام يوم العيد .  

    كنت احاول القول . لقد تبين وبعد انتفاضة  2011 م بليبيا .  بانه ثمت من يستطيع ومتى ارد تسّفيه قول وفعل الليبيين . حتى وان جاء ذلك القول والفعل . مدعوما ومتوافق شرّعا وعُرّفا . مع ما شكّل مزاجهم العام . داخليا محليا وطنيا  .  واعنى واشير تحديدا الى المسميات التى جاءت في السطور علاه  . التى اعلنت تدخلّها جهّرة  مع الاشهر الاولى في شئون انتفاضتهم . ذات الشأن والبعد الداخلي المحلى الوطني . واجتهد وعمل على جرجرتها الى فضاءها المبعد الوطنى الى فضاءها الشرق أوسطى . 

     فحراك الليبيين مع بداية 2011 م . لم ياتى الا للاشتباك مع من بيده او بيدهم دواليب ادارة شأنهم الداخلي . بغرض انتاج وصياغة بديلة لآلياته . بما قد يُحَقق من خلالها الليبيون . التقّعيد والتأسيس لبنى خدمية تنموية انمائية . يتخطون بها واقعهم المتخلف البائس . الى فضاءات حياة كريمة مأمولة . تكون في متناول كل الليبيين .    

      ولكن تبين ان عرّاب كيان الشرق الاوسط . لم يستوعب بعد . بان هذه الانتفاضات التى هزت فضاءات جنوب وشرق المتوسط .  جاءت نتيجة لارتفاع منسوب الوعى الوطنى . لذى سكان وانسان هذه الرقعة الجغرافية الوسعة  .  فيذهب هذا العراب  وبناء على ذلك . وعن وعى منه . نحو سلوك مسؤول تجاه نفسه ومصلحتها  . لإعادة النظر في الترتيبات الدولية . التى جاءت على يده مع احداث الحرب العالمية الاولى ونهايتها  . ويسعى ويجتهد نحو تخطى ترتيباته القديمة . باستحداث صياغات دولية جديدة ومسؤولة . تكون اداته للموائمة مع طموحات هذا الوعى الوطنى لسكان هذا الفضاء الاقليمى .  . الساعي نحو تغدية مفاعيل الحياة ببلدانه . بكل ما تحتاجه هذه . وكحد ادنى من بنى خدمية تنموية انمائية .  يراها من ضروريات حياة الناس في هذا الفضاء المنكوب . ويحفظ - عراب الكيان - ومن خلال سلوكه المسؤول المأمول هذا . على ما قد يعود عليه بالنفع  في تعاطى مغاير مع هذا الفضاء الحيوى  . عبر علاقة مبّنية على الشراكة المتوازنة بين الطرفين . بعيدا عن سابقتها القائمة على الوصاية والهيمنة  والتسفيه . التى قد تنقلب الى عداء سرمدى مستحكم .