وداد عاشوراكس

أختير قلمي المتواضع الترقب بأمل خفي وذلك حتي يمد لهذه الحكومة الجديدة وقتا من الزمن لتتمكن من البدء بعملها الموكل لها بدون إحراج ونقد، وذلك حتي تعمل، فلعلها تستطيع أن تُبهر به الشعب المتطلع بشغف لنظم و سياسة جديدة منها. ولعل لها تفكير موحد في الاتجاه الصحيح  كالصيب الطيب، تجاه النهوض بالشعب والمنفعة للبلاد.  او لعلها تظهر مدي عزمها الجدي علي ما تعزم علي القيام به من انجازات في المدة التي رُسمت لها!  فهي جاءت متنوعة في عنوانها لسبب مثير، لكن دعونا لا ننسي بانها خُلقت من نفس منبع   البئر الخالي من المياه الجوفية، وخاصة في الاختيار الغيرمحايد و اللا ديمقراطي!  اراد ان يكون كالشاهد من بعيد ويتابع المستحدثات، وان يلاحظها  بكل موضوعية لعدة اشهر أخري. وذلك قبل البدء في تحليل هذه الحكومة التي زُفت للوطن مكللة في اطار يحرك به قلوب كثيرة من افراد الشعب، المتعشقين بشدة مريرة الي الاستقرار وسلامة ووحدة الوطن، من شماله الي جنوبه ومن شرقه الي غربه خاصة!  فسكت   القلم  ليس صبرا منه، بل مترقبا ايضا ومتمنيا لها الصدق في العمل و حسن النية في التفكير والاهتمام بالرعية.   ولكن في حقيقة الأمر اريده ان يتأني قليلا في  كتابة   تحليله ، حتي يري من هذه الحكومة الجديدة بعض من اصلاحاتها وافعالها واعمالها الحاملة  لشعار أمل ، مع أنه  شعار مستفز اجماليا! اي  بما تزف وتغري به الشعب وذلك بأن " الكهرباء ستنتهي مشاكلها في خلال ايام او في مدة   قصيرة!" لإعتبارها من اهم المشاكل التي تضني كل فرد، والذي اصبح يواجه ،منذ زمن، ضنك العيش وقلة استمرارية المياة لعلاقتها الشديدة بوجود الكهرباء. ولكن كلمة (مدة قصيرة) ما هي إلا مجرد تحايل علي الوقت وعلي الشعب معا! اي قد تعني اياما او شهورا، بل لعلها لا تكون.  وبهذا اردنا  ان نعطي هذه الحكومة فرصة التنفيذ المرجو منها، لان الصبر في هذه الاونة بالذات مهم جدا لعدم تشتيت افكارها، واضعين في اعتبارنا مدتها القصيرة! لكن بما انها جأت مزركشة بعنوان" الوحدة الوطنية" فكنا نبحث ايضا عن الوحدة والوطنية من خلا ل اعمالها وافعالها وليس من خلال كلامها الذي كثر! فتبين لنا بانه كلام مزين كعنوانها المفبرك المزخرف والملئ  بفراغ  مثرب برياح شريرة، وكأنها  لحملات إنتخابية ترويجية لها فقط! فوجدنا، وبدون استغراب، بان هناك في الافق في جوهرهذه الحكومة " الزائفة" تمييز بين الجهات والمدن والمواقع الجغرافية للوطن الواحد !

فمنطقيا الرئيس المكلف لادارة حكومته ، له مسؤولياته الوطنية وواجباته تجاه شعبه لكي تسير البلاد الي بر السلام.  ولكن هذه  كغيرها، حكومة اتفقت عليها الامم وفرضت بوجه ما علي الشعب، وبدون تعيين من خلال الجسم الوحيد الباقي والشرعي ( مع بعض التحفظات عنه) "البرلمان " الذي ايضا   اضطر، في نظري، لمنحها الثقة وها هي   تواجه الامتحان! وبهذا لاقت اذان صاغية وعيون متشوقة  تريد التغيير وقلوب متعطشة للسلام، وهذا لعل كان في شهورها الاولي كعادة الشعب المعروف عنه عند ملتقي ظهور اي حكومة جديدة في ارضه. ولكن سرعان ما يتبدل الأمل الي خيبة ويأس متكبلا بالم شديد، وهذا ليس بجديد علي الشعب الجريح!  فاختيرت له  هذه الحكومة كاسابقاتها، ووضعت في برواز يحركون به مشاعر افراد الشعب ،حيث  كما اسلفنا،  قد لقبت باسم مركب عنوانها " الوحدة" ثم " الوطنية"!   ومما يدعي الي الاسي حقا هو ان الشعب بلع الطعم مرة اخري وانتظر الفرد كعادته بنية الأمل، لعله سيـأتي مع هذه الحكومة شيئا حقا ! منتظرا التغيير معها، ولكن اين له هذا والمليشيات هي الذراع الايمن لكل حكومة تأتي وتضغط علي الشعب بكل اساليب القمع المادي والنفسي. رسموا لحكومات البلاد خططا سياسية ماكرة تسيرعليها، فادرك الابله  فيهم انها لمصلحته فسكت، جرعوه بمسكنات ملوثة غير صحية حتي للحيوان، ولانها لم تجري في دمائه، ظنها علم سياسي مبتكر جديد عليه،  فلم  يحاول حتي ان يفهم او يتحري الامر فارحا وسعيدا بالمركز والكرسي!   جعلوا من الوطن معمل تجارب من غير مبادئ لا تبعد كثيرا عن معمل ووهان!   لعبوا  مكرا علي تلك الحكومات  بالوثائق والمستندات الواهية والمراكز الحالمة وعليهم الا التنفيذ، اي ضحكا علي الذقون في وضح النهار! جأت كلها برعاية من نفس البيت (عائلة الامم المتحدة ومجلس الامن) ولذا فلن يكون فيها خيرا ينتظر الشعب! فضاع الوطن بين انياب الترك والروس بسبب غباء الجالس علي كرسي (العنطزة الفارغة ) وخوفا علي مركزه!

فنحن امام  هذه الحكومة  نظنها جأت لتأخذ بيد الشعب في عجالة وعاجلة لمهمة مدتها اشهر معدودة، واذا بها من اهم صفاتها هي السلبية واللعب بالوقت والكسل البين، والعمل بتراخي و بدون السعي الجاد في الوصول الي الاهداف الموكلة إليها للمدة المرسومة لها! والمزعج فوق كل هذا، لقد تبين لنا ايضا بأن تفكيرها و مسارها  يسيرعلي طريقة ومنهج الحكومة التي سبقتها وكأنها مؤامرة  اخري سنراها لاحقا! فتبنت حكومة  السراج التي خلت، والتي جرائمها لا زالت تنخر في تراب الوطن. فأصبح ارض الشعب مستنقعا لدولة عثمانية التي تريد بالتوسع في اراضي البحر المتوسط، كحلمها القائم باقتناص اليونان وقبرص والعراق! أزداد الشعب، لخيانة و للؤم ولغباء حكومة السراج، جوعا وعطشا و ظلاما وظلما وبؤسا  لعدم الحفاظ علي الامانة وصيانة الارض من تدنيس الاعداء الي يومنا هذا. فالحكومة بالإسم المركب هذه، تري بان تركيا ومرتزقتها ليسوا بقوات اجنبية   ايضا، او حتي تجاهد و تصر اصرارا واضحا وتعمل علي خروجهم من ارض الجهاد!  فما هذا التفكير الفقيرالضيق والاستعماري والغير وطني؟!  ما هذا الاهمال والتفريط والتقاعس والتهاون بسيادة الوطن وإنعدام   النزعة الوطنية الحرة! إن هذا لخطر شديد علي  الشعب وعلي استقلالية البلاد وسيادة تربتها. هذا التفكير مضل ورخيص وما هو الا من اهم علامات الضعف والاستكانة والتذلل من اجل النفس. فليس في نيه هذه الحكومة اي وحدة ولا وطنية  لحماية عزة الوطن والحفاظ علي سيادة  تربته من اي مستغل او عدو!  وما هذا إلا علامة من علامات  التأخر والفكر البليد والفشل والانهيار لأي دولة  كانت. وخاصة إذا اعتمدت كليا علي قوة السلاح وكثرته، او علي فرض قوتها عنوة علي الاخر والتحكم فيه فستنتهي مع الوقت لا محالة. فما بالك بدولة لم تُبني بعد!  بات الوطن بهذا  الفكر المجرد من الوطنية والكفاح، لا يعرف الاستقرار منذ زمن لضعف إدارة حكامه ، ولهزالة جهازه الامني الذي  يجر اذياله من فشل الي أخر الي يومنا هذا! أضف الي خلو قلوب، منمن استولوا علي الحكم   في الماضي و الان، من اي عزيمة صلبة لإنقاذ الوطن من مخالب سامة ومن اي طامع مستغل. فشكيمة وشجاعة القائد، والوطني قلبا وقالبا، وصلابة  أزره هم من اهم الاسلحة الجيدة الباقية القوية  لبقاء الوطن!

فاحترام سيادة   تراب الوطن وعزته ليس لهما رنة قوية   في قلوبهم كرنة الدنانير! فما بالك باقتناص اهمية الوقت الان مع هذه الحكومة لاستعماله في ذات الاونة المخصصة بدون الاستهتار به، او الإفاء بالغرض منه، و الوصول الي الاهداف المرسومة له في الوقت المحدد. وبهذا ستصبح هذه الحكومة عالة علي ظهر الشعب وعلي نفسيته! فعدم الحرص علي تهيئة المناخ الامني السليم والصحي للانتخابات في موعدها وذلك بالعمل وليس بالكلام الرخيص،  سيكون السبب الرئيسي في تأخر فرص الاستقرار والسلام في البلاد، و تعطيل إنجاز اي من الاعمال المهمة في انتخاب قائد معركة  المستقبل في الاستقرار المنشود منه. ولذا لا يجوز ركن هذا جانبا، لان الوقت لا ينتظر احداً. فالوقت إذ لم يؤخذ بمحل الاهتمام والجدية،  سيصبح ألة فساد، مما يؤدي الي تعطيل مصالح الناس ويعطل الاعمار والبناء، ويضيع فرص التقدم في بناء اي  دولة التي تريد  الاستقرار و الازدهار بشعبها، فينتشرالفساد بذلك وتكثر البطالة. وبذا تري الشباب يتسكعون في الشوارع، لانهم بلا هدف، فيصبح الوطن بذلك لعبة  لشوط  كورة   ليس لها جمهورها   والملعب  خاوي من مشجعيه!  وبذلك ينكس الشعب وتحبس اماله واحلامه. حيث تسرق وتوزع  ثروات وطنه ويدنس ارضه وهو عاجز عن الدفاع، و للأسف هو الشاهد المشلول الحركة لذلك! اتري كيف كانت نهاية الامم  السابقة التي احتلت العالم ثم  اندحرت، او اضطرت بالرحيل بسبب غياب بوصلة الاتجاه واستعمال الوقت هباء و ضياعا في غير سبيل. مع ان الكثير من الناس قد لا يعقل بان للوقت لغز سحريا مع  فساد القلوب في انهيار دول! عندما تهاونت الدول في هدفها او بالاحري، سرحت وانشغلت في عالم متع الحياة واساليبها، وفي الملك والجاه والتملك والامتلاك وفي حروب عشوائية كهدف اساسي لها، فَشلَ هذا تفكيرها! لانها طمعت بما ليس لها، او غباءً وشرها وطمعا منها ! اي مهما وصلت قوة الامم، ما لم تسير في خطي احترام واستهلاك الوقت بعقلانية والتركيز من اجل  الوصول الي الهدف والنجاح  وبقاء دولتها، فمصيرها الفناء والاندثار حتما.  وذلك لانشغالها بعيدا عن الهدف الاهم وهو مستحقات الشعب وحقوق الوطن! ذهبت امم وتغيرت اراضي، وسحقت مدن وهلكت شعوبها، وفسدت وتغيرت خرائط  بل مُحيت مدن ودول، فمات تاريخهم كما ماتت نفوسهم وتلاشت اجسادهم مع الوقت!  فما بالك بالرئيس الفاشل الغبي، والاداري الجاهل الذي يستهزء بقيمة الوقت العظيمة، يبقي عندها كجسد من غير روح، يعمل بروتين  الدوام، الذي لا يساوي قيمة الراتب بل الوقت الذي يبذره فيه، ومن ثم يعرقل مصالحك ومصالح البلاد بكل عدم اكثرات. اي انه عقل مدمر يدمر نفسه ومن معه  مع مضي الوقت، الذي يصبح (هباء  منثورا)  في لا شيئ مثمر للشعب او  لوطنه.   ولذا فاذا ما استهانت هذه الحكومة بوقت إجراء الانتخابات في وقتها، ستكون قد أجرمت في حق  الشعب والوطن!

كما للأسف ما فعلت بالوطن الحكومات العدة  البالية، والتي ايضا  كان من صفاتها التباطؤ وخذلان الشعب  كتاريخ   سيئ لها، من الانتقالية، وحكومة طوارئ، وتصريف اعمال...الخ  الي الوحدة الوطنية  هذه. فرضت كلها  كالضيف الغريب الثقيل الذي جاء بدون ميعاد، او كمجرد تلاهي وملاهي خادعة واللعب بالوقت خاصة الذي كان في صالحها لا شك وليس في صالح الوطن.  بل هي اتت لتصريف اموال الشعب في الفساد وعلي وتر مزاجها بمعني اصح! اي أتت ملهفة للاقتناص وليست ملهمة  للاصلاح، ولانقاذ وطن الذي بقي محروما من اساسيات الحياة ومن عزته وسيادته!  حكومات بهلاونية للشعب بذوق اممي الذي بدأ برعاية كاذبة، منذ 2011 الي 2021  و بقرار منهم    ويا لضياع الوقت!  لم يأتوا بمن سيخدمه فعلا، بل أتوا بمن سيحكمه قهرا   وخداعا! اي باختياراممي كأن الشعب عاجز عقليا! ضاربين جانبا اي من القواعد الديمقراطية والعادلة  لحقوق الانسان في مجال الحكم وفي إدارة حقوق الشعب كما هي مسطرة و مخططة في بنودهم ويتباهون بها! لعبة اممية ِسماتها كحلوة عاشوراء، نُسكت ونصبر بها طفل يبكي ومتذمرا مرارا وكأنه  يشكي  الما لانراه، ولا احد يسمع او يهتم  ببكائه! شعبنا المسكين سلم مفاتيح وطنه لكل من هذه الحكومات في كل مرة، وهذه المرة ايضا! حكومات ذلته وشردته و مزقت نسيج ما يربطه، وتصرفت في امواله ، وتبنتها كاإرثا لها.  

اي ستصبح هذه الكتلة من البشر في طي هذه   الحكومة الفاشلة، في نفس مرتع  فساد الوقت والاعوجاج  كغيرها من الحكومات التي تركت ورائها تاريخ مخزي ملئ  بالإتلاف والخلل. والتي افسدت  ودمرت مطارات البلاد وطائراته، وسرقت مساكن الناس، واكلت حقوقه وماله وزاده وهو جوعان، واولاده يعيشون بلا سقف يأويهم وأرضه، لغريب الامر، ارض تتمتع بالذهب الاسود!  الليبي الحزين   الحر يكرر بمرارة أسفه يائسا متألما في نفسه، ولو انه ادري من اي أحد بالايجابة علي سبب تدهور حال البلاد، فتراه يناجي ربه متحسرا: "كيف لليبي الذي يرأسه، أن يخون ارض بلاده و يفرط في سيادته وعزته، ويبدر مال الشعب، ويفسد في البلاد، وتسرق ارضه وتحرق وتدنس بالاعداء، وناسه في فقر شديد والم  وأسي لا يخفي علي أحد وبلا إنسانية". و للأسف يحدث هذا الفساد بمجرد جلوسه  فورا علي كرسي الحكم!  فالجالس علي كرسي "الثراء كما يراه و يتمناه " يدري و يري في الشعب انواع  كثيرة من ضنك العيش. ففيهم الفقراء من الناس لحد الجوع، والبؤساء لحد اليأس، والمرضي لحد الموت لانهم بدون وفرة الدواء او حتي قدرتهم علي الشراء. واليتامي من الاطفال بدون حضانة وراعي امين. ويري ايضا المشردين والنازحين تاركين ورائهم بيوتهم وذكرياتهم وارزاقهم  خوفا وهلعا، وهناك للأسف ايضا ألآلاف من الجرحي والمنكوبين بدون رعاية صحية، و المتسولين (الشحاتين...) الذين أدت بهم الحروب العشوائية الي الشوارع! أي تحولت ليبيا الي ما يشبه بلاد اليمن التانية في المجاعة ومآسيها وكالعراق وسوريا في خرابها لا فرق!   اليس هذا شيء يحزن القلب ويخزي الضمير، اي من له ضمير حي!  خاصة عندما تري كهلا وهو صاحب الارض  يمد يده   ليأكل، والمحتاج الفقير طالبا العون بمرارة وخجل لكي يعيش! لا شك بأن الحاكم علي علم  بتلك المآسي، ولكنه يضرب كل هذا وراء ظهره باصرار وكأنه من حُزمة الصم البكم فعلا، وأن الامر لا يخصه و لا يعنيه، نسي بأنه هو الراعي! لكنه يحكمهم بكل جراءة  السفيه، وقباحة نفس التي غارفة في الفساد ولا تعرف معني حقوق الناس، و حقوق الرعية و حتي الاصلاح والبناء. هذا يحدث في الغالب، لأنهم لم يتجرعوا يوما طعم شرب ماء الحرية النقي اسمه الوطنية، والذي معناه حب الوطن و الكفاح والجهاد الحق في حياتهم!

لم لا، ما دام الشعب لم يٌسمع له او منه صوت الشكوي و التذمرالصريح لحياة انسانية ؟  اقصد به صوتا مسموعا دائما مسالما وليس راضخا، وذلك من غير استكانة او ملل او كلل، فاي تذمر غير مستمر بهدف واضح لا يكون له معني مهم!   اي لابد من  أن  يكون بأعلي الصوت واضحا  ومستمرا وصادقا بما يريد ان يحصل  في بلاده من خير وسلام  ولابد   من أن  يكون، وإلا فلن يجد له آذانا صائغة او ينتبه له بجدية.  فهذا يعني لاي حكومة  تفرض عليه ، بان السكوت والهدؤ معناه الرضي! او ان الشعب ساذج و من السهل التحكم   فيه  بغزل الكلام ، او انه غير واعي وجاهل لحقوقه!  ولذا يمكن فقط تلهيته باي مسكن بسيط يسكن جوعه ، كرغيف الخبز. وحتي الخبز الذي اصبح ،القوت اليومي له، قد تلاعبوا  باسعاره!  فتحول الوطن   بهذا في ايام معدودات، منذ انطلاق2-17-2011 طريق الحلم الشبابي  للحرية وللديمقراطية، الي يوم يحسبه النجاة بل السلام والاستقرار ولم يكن!  بل تحولت البلاد الي ساحة مصارعة اغوال من مخلوقات بشرية لا مذهب لها ولا وطن  تعشقه وتحميه او تدافع عنه. بل، الحاكم واذياله ومليشياته، هم الجناة في نهب المال والثروات بشغف وبدون توقف او رادع لهم، ولا تري  شجاعة و لا نبل  فيهم. حيث تحول الحكام الي أداة  ذليلة لأغراضهم خوفا من  المليشيات. فتخلوا عن الوطن، لقلة شجاعتهم ومرؤتهم، (وهذا ليس افتراء بل الواقع هو الشاهد لذلك)،  فسلمواالوطن الي الجهلة وصعاليك الشوارع وملتحفي الارصفة والحفاة الرعاع ومتعاطي المخدرات ثم للغزاة!  فاصبح في حوزتهم اسلحة ورتب ومراكز ومال في اواقات قصيرة من غيراستحقاق وعلم وتعليم او خلفية   تدريب في علم  الجيش!  يحاربون من اجل  المال والشهرة المزيفة، والرتب الغير مستحقة، اي من غير جهد وعرق وعلم  وتعليم ومثابره كأي إنسان سليم النفس  والعقل والانسانية. فتري شجاعتهم تكمن الا في حمل الاسلحة بين اذرعهم   خوفا و لتحميهم، والتي سرقوها من مخازن السلاح. المؤلم حقا هو ان الوطن اُنتهك و ظلم شعبه من طرف بقايا اشباه  بشر من جهنم، لتبدأ مرحلة معاناة الوطن الطويلة، وبها تحولت البلاد الي غابة وحوش من مجرمي بني أدم. ومن أخرون يلوحون بشعارات جهاد علي حسب كل فتوة يخترعونها  لتناسب الوقت والموقف الي يفرضونه علي الشعب الصامت، ويستعملون شبابه في حرب يزعمونه جهادا. اي يغسلون بها الادمغة البسيطة التي هي فقيرة في العلم او غير ملمة بدينها حق إلمام  وأدراك ومعرفة. اي هم  يميلون الي الفساد والاجرام  كمظهر قوة خلابة، يرهبون به الشعب ليزدادون رزقا (مشبوه) وترفا  شيطاني المنبع وعلي حسابه، ويشغلون به اوقاتهم  بلعبة جهنم! اصبح ذلك كعمل يومي، وكقوت يومهم، اي   يرتزقون منه بهتانا ويحسبونه ايضا جهادا! ولكن هؤلاء غافلون عن الحق، وبان الظلم له وقتا ترد فيه الحقوق!

شعب طيب يعرف عنه بهذه السمة في اغلب اقطار العالم العربي لصبره الذي يستحق عليه مدالية من ذهب! ولعل هذا يكمن في سذاجته الملحوظة التي تتباين في صبره واعطاء الفرص الكثيرة والكثيرة جدا للتغيير ولحبه للخير. فتسمع وتقرأ مثلا عن المليارات من اموال الشعب التي سُكبت و صُرفت وسُحبت، وتحكمت فيها كل هذه الحكومات واحدة   تلو الاخري مع مليشياتها كل علي مزاجها! ووزعت علي وفي اشياء غير موثقة بالمستندات والبينات الرسمية، او في صالح رقي الشعب وارضه، و لا تراها علي سطح الواقع، او حتي نال منها الشعب شوطا!  فلم تجد انفاق هذه الاموال الهائلة  مثلا في تحسين مستحقات التنمية المستديمة الضرورية منها الاقتصادية، والصحية والتعلمية والاجتماعية. فلم يشاهد الشعب اي نوع من الاصلاح والبناء مثلا، كترميم العمران وترميم شوارع وازقه البلاد، لتفادي اوالتقليل من حوادث السيارات، اوترميم او بناء ارصفة  سليمة  للمشاة والمارة لحمايتهم، او اصلاح الفجوات والحفر في الطرق التي هلكت وافسدت عجلات سيارات الشعب المسكين بدون داعي وللتقليل من الحوادث الضارة. او توصيل الكهرباء بطرق احترافيه وسليمة في كل بيت، والحرص علي اسلاكها  وموصلاتها من السراق وفساد الارض، اومن الاحتكار والاجرام  في توقيفها ،كل لغايته الشريرة، ومنعها عن العمل الذي لم ينتهي الي يومنا هذا! او بناء البنية التحتيه لتفادي من غرق المباني والمساكن او من وقوعها علي سكانها، او عند ملئ الشوارع مثلا وغرقها بالفيضانات عند موسم الشتاء. او تحسين من او بناء مساكن صحية تحمي الشعب شتاءً وصيفا وفي كل الفصول. و زد علي ذلك وهو الاهم، الاعتناء بترميم او بناء مدارس وجامعات علمية سليمة بمعداتها، وتزويدها بمقاعد صحية لتعليم جيد يفيد من رقي الوطن، او تحسين من المؤساسات الصحية من مستشفيات  للعلاج الجيد، وتوفير الادوية وألات الاكسجين خاصة في عصر الوباء القاتل الان او غيرها. او تنظيم المنظومات للمؤساسات الحكومية لتخدم الشعب حق خدمة  برقي وبإنسانية بدون تعطيل لوقته ولجهده، ولتنسيه مآسيه وهمومه ما أمكن. او حتي علي الاقل ترميم المباني الاثرية التاريخية التي هي الشاهد علي تاريخ وجهاد هذا الوطن الجميل، او ترميم  الجوامع الاثرية التاريخية ايضا علي اقل تقدير وما الي ذلك!!

فمن الاستغرب الذي يشوبه الأسي والحزن، هو ان الشعب يريد التغيير بشدة ويترقبه في كل تغييرمن حكومة زُفت اليه. و لكن كيف له ذلك وألة التغييرالجيد وميزانها لم تكن صحيحة و مدروسة جيدا من بادئ ذي بدء. ولم تتغير حتي في اسس حكمهم  في اي من الحكومات التي احتلت مكاتبه وتعالت في مقاعده  بدون ما يكون هو اساس الميزان الرئيسي  للتوازن في اختيار حكامه، وحتي ينضبط ميزان التغيير الحسن والمطلوب. فإنه بالانتخاب يمكنه ان يغير من لايحافظ علي وعوده ومن لا  يصون حقوقه عند او قبل انتهاء مدته! لا تستطيع ان تحصل او تضمن علي تغيير سليم، وانت تستعمل في نفس الألة  المصابة بالصدأ والتي لا تأتي ثمارها! ارادة الشعب في التغيير كان امله الوحيد، في التحول الي حياة انسانية بمستحقاته الشرعية والانسانية في كل مرة ، ولكن سرعان ما يتحول الامل الي خيبة أمل تانيه لانه  تترأسه عناصر فاشلة، أغلبها بقلوب صُدءُ  تعاند التغيير، لائيمة الفكر، وجاهلة المعرفة و شريرة الاهداف. اي  فكرهم متجه الي مغارة (علي بابا) والتركيزعلي ثقل جيوبهم وعلو مراتبهم ليس إلا. إنها انتهازية ما بعدها إنحراف! فيا هل تري ستكون ارادة الشعب ارادة قوية في حماية ارضه، وبالتمسك بحقه وبوجود جيش له قوي  يسانده، و متعلم باصول التدريب، وهدفه الكفاح ليصون سيادة وطنه، اي لا وطن بدون جيش له. اي هل ستكون  إرادته اقوي من تجرده من حب المال والجاه والتملك! فهناك مثل صيني يقول:"من الممكن أن تجرد جيشا من قائده ولكنك لا تستطيع أن تجرد الناس من إرادتهم"!   اي لا يدرون بان الشعب ما هو الا بركان هائج قوي كما الذي نشاهده في جزرالكناري في اسبانيا حاليا بعجب واستفسار! اي انه مجرد وقت يغفل عنه الكثيرون و سيفور فورته الكبري لان الظلم والقمع لا يدوم. لعل المقولة  التالية ايضا تكون شبه مطابقة لما سيخطط  به او يفكر فيه افراد الشعب الشقي الحر، اذا اراد الاستقرار. او لعل جيشه من البواسل أن يهب   ويكافح كقوة واحدة موحدة، و يكون له خطط استراتيجية وطنية محنكة لينقذه من انياب الذئاب المارة الذين يحومون حول ارضه. فالصيني المعروف والمؤلف لفن الحرب سان تزو من اقواله ايضا "أبقي لديك طعما تغري به العدو..تظاهر بانتشار الفوضي بين صفوفك ثم اسحق العدو".