نحن الليبيون - في تقديرى- لا أحد منا يستطيع ألا يفهم ويتفهّم انزعاج وقلق وحزن أسرة بوعجيله المتهم في قضية لوكربى اللغز . بل وليس من الطبيعى ألا تظهر هذه المشاعر. في مداخلاتهم وتصريحاتهم حول القبض على أحد أفراد عائلتهم . وعلى وجه آخر بعيد عن عائلة بوعجيله . بل استطيع أن أذهب إلى أبعد من ذلك لأقول . ليس من الغريب أن تتولى إذاعة البى .بى . سى . عربى . بان تجعل من الحدث يتصدر نشراتها. وتتولاه برامجها الإخبارية بالتحليل والنقاش . مُغلِفة انزعاجها من فتح ملف لوكربى من جديد . الذى قد ياتى بفرضيات جديدة . قد تشير بأصابع اتهامها. نحو بلاد إذاعة البى. بى. سى. ودولتها وحكومتها .
ولهذا حرصت الإذاعة الشهيرة. أن تُجلّبب إنزعاجها بمشاعر الحرص على الليبيين وأموالهم . التى قد تتعرض كما قالت الإذاعة العتيدة . للابتزاز والنهب تحت ذريعة تعويضات جديد . تفرضها أحكام تبعّية للقضية. من محاكم أمريكية . ومن ذلك التلويح تفوح روائح تهويل وتحريض . دفعا في أتجاه قفل الملف . وان جاء التلويح من وراء حجاب .
ولكن وفى المقابل لا أحد - في تقديري - يستطيع أن يفهم أو يتفهم . انتفاض واستنفار هؤلاء الذين جاءوا إلى داخل المشهد الليبيى . ليحتكروه ويشغلوه في مُجّمله بمفرداتهم السياسية . مدعومون بشرعية دولية . كممثلين لمخرجات مؤتمر الصخيرات وملاحقه وتوابعه . ليقولوا لنا وبلسان المُحتج . بعدما وُضع ملف لوكربي على دكة المحاكم . إثر القبض على المتهم بتفجير لوكربى . بانهم مع الوطن والمواطنة والمواطن الليبيى وكرامته . هذا الموقف من الصعب تصّديقه . لأن الواقع وواقع حال هؤلاء يُكذّبه .
(فالْسانهم والقلب مَانْ رفاقه) وهؤلاء
( امْرافقين ليبيا رفّقة العين الحوُله * * هى والصحيحة شبحها ما لاقه)
كما تقول مدونة الشعر الشعبى اليبيى .
فلقد كانت في يد هؤلاء ولا زالت كل مرافق القرار التشريعى والتنفيذى والمالى منذ قرابة العشر سنيين . ولم تتزحزح حالة التأزم بالبلاد . مقدار شبر واحد عن مكان مُراوحتها . والتى جاءوا وكما نزعم بدعم وشرعية دولية . بهدف حلحلت ما يعانيه الوطن والمواطنة والمواطن الليبيى . من حالة تأزم كانت على امتداد هذه السنون العشرة . تُجذر وتُعمق الاختلاف الطبيعى ما بين الليبيين . كونهم بشر أدميين . لتجعل من الاختلاف أكثر تعقيدا . لينتقل بذلك إلى خلاف مركّب . ولتتناسل من على جنباته وهامشه ظواهر مدمره . قتل . ابتزاز . خطف . إشاعة وانتشار أقراص الكبتجون واخواتها بين أيادى الشباب . مافيات من جميع الأصناف . سلوك مليشياوى الخ . هذا الحال لم نتصنّعه ادعائنا . بل يقوله حال هؤلاء . وحال الواقع الليبيى في مفرداته اليومية وما بعد اليومى منها .
فلا اعتقد بأن كل من لديه ذرة عقل من اللبيين . يذهب فى اتجاه تصديق ما ياتى على لسان هؤلاء . وإن جاء مغلفا بمشاعر الانحياز إلى المواطن والمواطنة كمشروع . والحفاظ والمحافظة على تراب الوطن الليبيى . وهم لا سواهم من أشرع أبواب ونوافذ طرابلس . وغرب البلاد على مصرعيها لجيش الاتراك . ليتخذ منه موطأ قدم وقاعدة تجمع لقواته . قد تتحول الى نقطة انطلاق ان استطاع . ليضع ومنها يده على كامل التراب الليبى .
والوجه الآخر . الذى يجعل من أقوال هؤلاء . بالغة الهشاشة في هذا الشأن . يرجع إلى قضية لوكربى وتفجيرها . فقد قفل هذا الملف بإشراف اُممى دولي إقليمي . بعد اعتراف ليبيا الرسمية حينها . بكل ما ضمه ملف القضية . ودفعت ليبيا مقابل ذلك . كل ما طُلب منها لقفل لا لتجميد الملف . بدأ من تسليم أحد أبنائها ليُسجن في اعتى سجون إسكتلندا. ودفع غرامة مالية ليس مليون أو اثنين أو عشرة أو عشرين مليون دولار بل مائة مليون دولار . مقابل كل ضحية في تفجير لوكربى . بالإضافة مما عانته ليبيا الغير رسمية . من جراء حصار دام طويلا .
ليس هذا وحسب . بل نُقل المتهم المقرحى . كما اصرّ اعلام ليبيا الرسمية . على تسّميته لأمر في نفسه . واُرجِع إلى طرابلس في تابوت نصف مُقفل . لاعتبارات إنسانية كما تقول دولة اسكتلندا . ولكن - في تقديرى - يرجع إعادة السجين إلى بلاده . لأن تلك الدولة لا تستطيع تحمل مسؤولية موت سجينها . في داخل زنزانته بمرض السرطان . فتتهم اسكتلندا حينها بالإهمال والتقصير . وقد تتيح بذلك فرصة ملاحقتها قانونيا . فهى في الواقع . والحالة هذه . قد عمِلت على التخلص من السجين بغرض الافلات من التبعات القانونية المحتملة . ولهذا ذهبت في اتجاه ارجاعه إلى بلاده . وليس لدواعي انسانية كما حاولت تسّويق فعّلها . الملفت ايضا في هذا الشان . ان ليبيا الرسمية ذهبت في اتجاه ما ذهبت اليه دولة اسكتلندا . وحاولت عند استلامها هذا التابوت النصف مُقفل . ان تُجيّره لصالحها كانتصار لها . في صيغة ظهر فيها هذا التوّظيف . في وجه من وجوهه . كمَن يأكل لحم اخاه ميتا .
ولكن اذا كان كل ما فات ذكره . يدفع في اتجاه صعوبة تصديق لسان هؤلاء . وما يأتي به من قول . فالي ما ترجع مواقفهم هذه ؟ !. هل كان هؤلاء يرون في فتح ملف لوكربى . ومحاكمة احد متهاميها هو شروع في محاكمة دولية للعقود الاربعة الفائتة من عُمر ليبيا الرسمية ؟ . قد تنتقل عدوا فيروسها . فتتخذ هذه الصيغة من المحاكمة . وجه محلى ليبيى قد يستدعى الى الحاضر . مرحلة دامة على ما يزيد اربعة عقود من الزمان . في محاولة منه لتمّحيصها على وجوه عدة . للتأسيس من خلال مفاعيلها لأرضية صلبة لينطلق منها الى المأمول الوطنى الذى سعى للوصول اليه عبر انتفاضة 2011م . وبذلك - واذا صدقت هذه الاحتمالات - لا تكون مفردات الوطن والمواطن وليبيا ومشروع المواطنة عند هؤلاء . وفي هذا السياق . الا كمصاحف على اسنّة رماح معركة صفين وفقط .
*مابين قوسين يقرا العامية الليبية بلهجة اهل الجنوب والوسط بليبيا .