سأقول من البداية . بان انتفاضات وثورات 2011 م . التى عصفت فاعلة ومُنّفعلة بالفضاء الجغرافى لشرق المتوسط وجنوبه . لا تتخطى في مضمونها . مجموع المفردات والمفاهيم . التى جاءت ضمنا وصراحتا . مع انتفاضات وثورات مطلع 2011 م . . تسعى هذه وتجتهد وتجدْ . لاقتحام الفضاء اليومى للمتداول في حياة الناس . وللتموّضع والتجذّر داخل ثقافتهم . وهى تعكس في جوهرها . الدافع والمحرك الاساس . الذى استحث واستنهض جموع الناس . نحو الانتفاض والثورة . 

    وفى تقديرى . ان الاجتهاد للوصول لتقّعيد وتجذير ما جاء مع الناس في انتفاضاتهم . على ارض الواقع . عبر ادخاله كمفردة فاعلة ومُفعّلة في اليومى المتداول من حياتهم . من خلال اجّتراح آليات تنظيمية تسعى لتضّمينه في سلكهم داخل ثقافتهم . على نحو عملى ومقبول . يكون فيه كل الخطوة الاساسية . التى تحتاجها الاستجابة  لحراك الناس في انتفاضاتهم . وفيه ايضا البدايات اللازمة لتقعيد وتأسيس لما انتفضوا من اجله . 

      فمثلا . من المفاهيم التى جاءت مع الانتفاضة الليبية على سبيل المثال .  . وقد ثَم تداوله كثير (تقاسم عادل للثروة ) . وقد تناولت هذا (التقاسم)  في العديد من المرات   وكان وغالبا يلج الى ما كنت اطرحه متكأ على مفردة الجغرافية الليبية , بمكوناتها المحلّية الثلاث . فقد كان ياتى مُشبّع ببُعد جغرافى محلّى . يُبّعده عن ما يقابله في المُتداول بين الناس واجهزة الاعلام المحلية (تقاسم عادل للثروة في ما بين الليبيين) 

      ففى تقديرى  . ان تقاسم الثروة قد يكون اقرب الى العدل من غيره . عند الذهاب به الى الجغرافية  . بمعنى ان يكون تقاسم الثروة . لصالح الجغرافية  , في خدمة كل مسّتوطنيها . وليس الى غير الجغرافية . 

     وهنا وفى - تقديرى - يجب التذكير . بان يكون حاضرا ولا يغيب عن البال . إن مفهوم الثروة في هذا الطرح . لا يجب ان يتخطى في معناه , البُعد الخدمي التنموي الى غيره . وهو في كل خطوة تجعل الحياة من فوق الوعاء الجغرافى  . اكثر يُسر وسلاسة لمواطنيه , وتسّتثير وتُحفز طاقاتهم . نحو الفعل والعمل . وذلك يأتي عبر التقّعيد والتأسيس لبنّية تحثيه خدمية . في الصحة والتعليم والكهرباء والطرق والمياه والصرف الصحى الخ  . وما يُقابلها من بُنى تحثيه إنمائية . زراعية . صناعية . تجارية . الخ . لتغطى هذه البُنى خدمية  كانت او إنمائية  . كل الوعاء الجغرافى  في اُسسها وخُطوطها العريضة  , وتكون هذه مُحمّلة بقدر عالى من المرونة . تسمح لها بالتكيف السهل  . لاستيعاب كل تطور مُحمل بضغط طارئ او طبيعى . 

    لقد جئت بكل ما سلف . مسّتند على ان الوعاء الجغرافي  ملك لكل مُواطنيه  . فلكل واحد منهم الحق في السكن والعمل والاستثمار في اى بقعة منه . متى يُريد وفى المكان الذى يُريد   . ومن هنا يكون من الواجب حصوله . على ما يجعل حياته اكثر يسر . اينما حل داخل الوعاء الجغرافى  .  فالجنوب الليبيى مثلا . ليس حكر على ساكنيه . بل هو لكل الليبيين في مشاركتهم له فيه . وان كانت لهم حق الاولوية في ادارته . وينسحب ذلك على شرق البلاد وغربها . والشاهد على ذلك الماثل أمامي . في البلْدة التي اسكنها . فقد نزح اليها الكثير من شمال غرب البلاد وغيره . للسكن والعمل والاستثمار في النشاط الزراعى وغيره . وكادوا في مرحلة ما . ان يمثلوا اغلبية قاطنيها . وقد اثقلوا بنّيتها التحتية الخدمية البدائية المتهالكة , بأعباء طارئة اضافية .  لم تشتكى البلدة ولم تتبرم بهم , لأنها تعتقد بانها من ليبيا ولليبيا . 

   كنت احاول الوصول بالقول . ان اردنا توخى العدل في توزيع الثروة . يجب الذهاب به الى الوعاء الجغرافي , فهو الوعاء الذى يحتوى كل مواطنيه . بضم قاصيهم الى دانيهم . وهو مُلكهم جميعا . فإلباس هذا الوعاء الجغرافى  . برداء عدالة التوزيع لخدمة كل من فيه . بذات الكفاءة والجودة   . هو اقرب للوصول الى العدل من غيره من السبل  . 

    واختم هذا الطرح  مُستدركا . بان هذا الاتكاء على الجغرافية . لتحّميل العدل صبّغة جغرافية . يحتاج لإدارته وتشّيئه على ارض الواقع . لأداة عادلة . تُختار مفرداتها - في الحالة الليبية - من المكوّنات الجغرافية المحلية الثلاث لليبيا . في مُثالثه محلّية ليبية  . واضيف ايضا الى استدراكي هذا . لأقول بان الاتكاء على الوعاء الجغرافى لمُطاولة عدالة التوزيع . يتخطى بنا وينقلنا من التعاطى مع الجهوى . الى الوعاء الجغرافى العام . وفي ذلك خطوة هامة . نحو بعث مفردة الوطن المٌغيّبة مند زمن بعيد عن دنيا الواقع .   


                                  مقاربة لمفردات تداولت بقدوم انتفاضات 2011 م 

                                           (الحالة الليبية كمثال) (2)

       ان كل ما تناولته من تحت هذا العنوان سابقا . كنت احاول القول من خلاله . بان المُدخل الجغرافى هو الاكثر ملائمة وموضوعية لتفكيك التأزم الليبيى . بما يتناسب مع مطالب حراك الناس في انتفاضتهم مع بدايات 2011 م . فالسعى والجد والاجتهاد نحو تقّعيد وتجّدير .  كل ما جاء معهم ومع انتفاضتهم .  من مفردات ومصطلحات ومفاهيم . وتحّميله بصِبّغة جغرافية .  والذهاب به نحو  تضّمينه القاموس المتداول في اليومى من حياتهم . ليصير من المفردات التى يتشكل منها سلوكهم   الثقافى .  في تفاعلهم  مع الحياة في عموم وجوهها . هو المطلب المُلحْ قبل غيره . 

    وذلك . من خلال اجتراح آليات تعمل على انزاله وتقعيده الى واقع الحياة في تفاعلها اليومى   . وهو بوجه من الوجوه . سعى واجتهاد عملي جاد . لافتكاك الوعاء الجغرافى  , الذى يضم كل الليبيين  , ويحتوى تنوعهم في تعدد مذاهبهم ومشاربهم . افتكاكه من بين ايادى وبراتين التيارات السياسية الفكرية (الما فوق وطنية) . لتقّعيد ومأسسة وتجذير الوعاء الجغرافى الليبيى داخل فضاءه  الاقليمى . 

      وفيه ايضا . قطع للطريق على محاولات خلع الجغرافية الليبية واجتثاثها . الى خارج فضاءها الاقليمى , عبر ما عُرف بمؤتمر الصخيرات في مخرجاته وروافده . والذى كان يهدف -   في تقديرى – ويسعى وحتى اللحظة . نحو   توّظيف ما يضمه الوعاء الجغرافى الليبيى . من موارد طبيعية وطاقات بشرية . وما تتميز به من موقع جغرافى جيد . في داخل   محيطها الاقليمى  .  توظيف كل هذا . بعيد عن حاجة الناس بليبيا وخدمة بلادهم .  وفى ما قد يضر بمحيطها الاقليمى وحوض المتوسط  . في الامن والاستقرار والنهوض .   

     فإلباس كل ما جاء مع الانتفاضة الليبية  .  من مصطلحات ومفاهيم ومفردات ببُعد جغرافي  . كالتقاسم العادل للثروة . والابتعاد عن المركزية في ادارة الشأن العام الخ  . سيذهب بناء كل هذا . وعلى نحو تلقائى . اثناء تشكّله وتشّيئه على ارض الواقع  . الى بعث مفردة الوطن . المغيّبة مند امد بعيد عن الواقع الليبيى . لتحّتله بمجمله وبكامل تفاصيله . ضف الى ذلك . ستتجه بنا المقاربة الجغرافية ايضا . نحو تفكيك واعادة تركيب مفاهيم .  قد صاغت في الماضى وشكّلت الفضاء الفكري السياسي الثقافي . لفسيفساء جغرافية شرق المتوسط وجنوبه . على نحو  يتنافى ويتعارض مع الجغرافية والفضاء الاقليمى . 

   فمثلا . عند التعاطى والتفاعل مع  الجوار الاقليمى . سنجد المقاربة الجغرافية . ستتجه نحو الاتكاء . على الصياغات الثلاث لمفهوم الجوار الجغرافى في . *الجار ذي القربى . **والجار الجنب . **والصاحب بالجنب . واستناد على ذلك . سيكون لمفهوم . الغرب الفكري السياسي الاقتصادي الثقافي . الذى يقابل الشرق . معنى ومدلول اخر .  يجّمعه في ثنائية غربين اثنين . لا غرب واحد .  

   *غرب اوربى .   يشترك ونشترك معه في الجوار . بفعل ومفّعول  الخريطة الديمغرافية الثقافية . لشعوب حوض المتوسط  . وهذه الحالة الجغرافية الديمغرافية الثقافية . التى تجمعنا مع الغرب الأوربي . لا يستطيع المدخل الجغرافى للتأزم الليبيى . تجاهلها بالقفز من عليها   اثناء التعاطى والتفاعل مع الاقليمى والدولى . 

  **وغرب اخر . اطلسى انجلوسكسونى . وهذا الغرب . تفصلنا عنه بحار وقارات ومحيط . وان شأتم .   فهو يقبع وينتمى الى الفضاء الاطلسى البعيد . والذى لا نتماس معه جغرافيا . واذن فهو خارج دائرة الجوار في تصانيفه الثلاثة . 

   كنت احاول الوصول بالقول . الى ان المجال الحيوى للوعاء الجغرافى الليبيى . تنحصر مفرداته وفق المقاربة الجغرافية . في ليس غير الفضاء الجغرافى للشمال الافريقى . وما يضم حوض المتوسط . في تعدد فسيفساء جغرافية ضفّته الشمالية . فهذا الفضاء الواسع المتعدد المتنوع . في المجال الشمال افريقي المتوسطي . له الاولية قبل غيره . اثناء التعاطى والتفاعل الليبيى . مع مشاريع التأسيس للنمو والنهوض . ففى ذلك استدراج للأمن والاستقرار الى داخل الوعاء الجغرافى اللييى . وهما المطلوبين وبالضرورة . لكل من يسعى نحو البناء والنمو والنهوض .                            

الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة